النهار
الأحد 29 ديسمبر 2024 08:40 صـ 28 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: أين الموقف العربى؟!

النائب والإعلامي أسامة شرشر
النائب والإعلامي أسامة شرشر

لا شك أن الموقف العربى فى أحداث غزة وقيام الكيان الصهيونى بحرب إبادة للإنسان الفلسطينى، موقف مخزٍ ومثير للتأمل، حتى إنه لم يتحرك للتصدى للتصريح الذى استفزنى جدًّا من عميحاى إلياهو، وزير التراث الإسرائيلى، والذى دعا فيه لاستخدام قنبلة نووية لإبادة غزة ومحوها من الوجود للخلاص من حركة حماس، أو بمعنى أكثر وضوحًا إبادة فلسطين من على الخريطة- كما قال بايدن- وتحقيق حلم إسرائيل من النيل للفرات، فالوزير الصهيونى دعا صراحة لضرب غزة بقنبلة نووية وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء والتخلص من عرب 48 لتنتهى إلى الأبد القضية الفلسطينية.

وبعيدًا عن هذا وذاك أتساءل بلسان المواطن المصرى والعربى: أين الموقف العربى من هذه الأحداث؟ هناك علامات استفهام وتعجب كثيرة من مواقف بعض الدول العربية؟ هل هى مع إسرائيل أم مع الشعب الفلسطينى؟ هذا هو السؤال اللغز بعيدًا عن التنظيرات والتحليلات وبيانات الإدانة والشجب.

فالمواقف العربية الحالية تجبرنا على المقارنة مع ما حدث خلال حرب أكتوبر 1973 والموقف العربى العظيم لكل الدول العربية والذى كان يُدرس، وقيام الملك فيصل، رحمة الله عليه، بقطع البترول عن أمريكا وأوروبا، وقيام الرئيس الجزائرى هوارى بو مدين بكتابة شيك على بياض لقادة الاتحاد السوفيتى لتسليح الجيشين المصرى والسورى، ولكن ما يجرى الآن يثير الأسى فى التعاضد والتعاون العربى، فأنا لا أتخيل ولا أتصور أن يتم الدعوة لقمة عربية طارئة ويكون موعد انعقادها بعد أسبوعين، بينما وعلى الجانب الآخر، قامت أمريكا وأوروبا بعقد اجتماع عاجل لدعم حكومة مجرمى الحرب نتنياهو وبن غفير بمليارات الدولارت، وحاملات الطائرات، و2000 جندى من المارينز وقوات ردع سريع، ونحن نشاهد هذا من خلال الشاشات التلفزيونية وليس هناك أى موقف على الإطلاق من الحكام العرب باستثناء مصر، القائد التاريخى للمنطقة العربية، وهى رأس الخيمة، ليس بالكلام ولكن بالأفعال؛ لأنها تمتلك أكبر قوة عسكرية فى المنطقة، ورابع قوة بحرية على مستوى التصنيف العالمى، وكذلك الموقف الأردنى العروبى الرائع.

ولكن على الجانب الآخر، لا نجد من الدول العربية الفاعلة والكبيرة والصغيرة أى استخدام لأوراق الضغط التى تمتلكها على الإطلاق وهى أوراق ضغط تم استخدامها مؤخرًا، عندما استخدمت السعودية والإمارات اجتماعات أوبك بلس لعدم زيادة إنتاج البترول رفضًا للوصاية الأمريكية.

ولكن المشهد العربى تغير، فهل يُعقل أن تقوم شيلى وكولومبيا وبوليفيا بقطع العلاقات مع إسرائيل وطرد السفير ونحن لا نقدم للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطينى العظيم فى غزة وفى الضفة وفى القدس أى نوع من أنواع الأسلحة أو حتى الدعم أو اللعب بورقة البترول ضد أمريكا وأوروبا؟ بل أتساءل: لماذا لا يتم اتخاذ موقف عربى بقطع العلاقات مع أمريكا ودول أوروبا الداعمة للحكومة الإسرائيلية المتطرفة؟ هل الدم العربى أصبح رخيصًا لهذه الدرجة لدى الحكومات العربية؟ نطلب من الآخرين التدخل لوقف إطلاق النار، ونحن لا نقوم بالضغط لوقف إطلاق النار من خلال قرار جماعى عربى، أو من خلال دعم مصر والوقوف بجانبها وهى صاحبة المواقف التاريخية الثابتة التى قدمت آلاف الشهداء على أرض فلسطين الطاهرة من رجال القوات المسلحة خير أجناد الأرض؟ لماذا لا تدعمون مصر وتقفون معها فى مواجهة قضية التهجير، فهذه المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية يعملون على تطبيقها تحت مسمى الخلاص من حركة حماس، وتهجير أهل غزة إلى سيناء كأمر واقع، وأهل الضفة إلى الأردن، كرؤية استراتيجية ومخطط صهيونى، وكما قلت، وأؤكد، إن (وعد بايدن 2023 أكثر خطورة من وعد بلفور الذى قامت فيه الحكومة البريطانية من خلال وزير خارجيتها آرثر بلفور عام 1917 بالتعهد للورد اليهودى روتشيلد بإقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين مع الشعب الفلسطينى وكانت نسبة اليهود وقتها لا يزيد على 5%) واليوم نرى وعد بايدن يقوم بنسف فلسطين وغزة من على الخريطة وتصفية الهوية الفلسطينية والقضية المركزية للشعب الفلسطينى والعربى الذى عاش تحت وطأتها 75 عامًا، ويعلن بايدن أنه لا وجود لحماس أو غزة على الخريطة ونحن صامتون ونحن متفرجون.. لماذا؟ لا نعرف، ونحن لدينا من السوابق التاريخية مثلما جرى فى أفغانستان التى لقنت أمريكا درسًا بعد 20 عامًا من المقاومة وأخرجتهم أذلاء من أفغانستان وارتضوا بالأمر الواقع، هل إسرائيل الابن المدلل لأمريكا فوق البشر وفوق القانون وفوق الأمم المتحدة وفوق مجلس الأمن وفوق الأعراف والقواعد أم أن أمريكا لا تعترف أصلًا بوجود العرب؟!.

أعتقد أن فلسطين هى أول محطة لتطبيق المشروع الصهيونى الأكبر، وبعد ذلك سيأتى دور الدول العربية الكبرى رويدًا رويدًا واحدة تلو الأخرى، ألا نعلم ذلك أم ماذا؟ لماذا الاستخفاف بمشاعر المواطن الفلسطينى والعربى؟ اتركوا الشعوب تنتفض وتحارب اليهود وتستعيد المسجد الأقصى وغزة والضفة؛ لأن الجانب الدبلوماسى أصبح لا وجود له، والعالم لا يعترف إلا بلغة القوة، فلماذا تسلحون بلادكم بأحدث الأسلحة الأمريكية والأوروبية ومتى يتم استخدامها؟!.

مصر والأردن الدولتان الوحيدتان اللتان لديهما اتفاق سلام مع الكيان الصهيونى، ورغم ذلك هما على استعداد لاتخاذ أى موقف ضد تصفية القضية ومنع التهجير، وأعتقد أن العالم بأسره شاهد مؤتمر وزراء الخارجية مع أحد الشياطين اليهود وهو بلينكن وزير الخارجية الأمريكى الإسرائيلى الذى كان يريد أن تكون هناك هدنة وليس وقف إطلاق نار، وكان موقف سامح شكرى وزير الخارجية المصرى فى اجتماع وزراء الخارجية الستة أكثر قوة ووضوحًا ورد: لا هدنة على الإطلاق ستسرى إلا إذا تم وقف إطلاق النار، هذا هو موقف مصر، فلماذا للمرة الثانية لا تدعمون مصر وتقفون على الحياد؟ لا أدرى لماذا؟!.

أين أوراق الضغط الاقتصادية والسياسية والشعبية؟ هل هانت علينا أمتنا؟ هل هانت علينا قدسنا؟ هل هان علينا المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين؟!.

وأنا أتعجب من أمريكا وأوروبا وإسرائيل الذين حركوا العالم من أجل 290 أسيرًا على أقصى التقديرات، بينما أكثر من 2.5 مليون مواطن فلسطينى رهينة لدى أمريكا وإسرائيل!.

هل هؤلاء ليسوا بشرًا؟

ولماذا لا يتحرك أحد من أجل 2.5 مليون فلسطينى فى غزة و3 ملايين فى الضفة، بل يتم القبض على ألفى فلسطينى فى الضفة ووضعهم فى السجون؟!.

هذا الصمت الدولى هو مشاركة فى جريمة الإبادة الجماعية التى تتم بحق الفلسطينيين على الهواء مباشرة.

تساؤلات لا أجد لها إجابة بعيدًا عن التنظيرات والتحليلات وقواعد الاشتباك.

نريد أفعالًا لا أقوالًا ونريد مواقف لا شجبًا وإدانة.

واحتموا بشعوبكم ولا تحتموا بأمريكا، وكما قلتها سابقًا وأكررها فى كل مقالاتى:

المتغطى بالأمريكان عريان، وإن غدًا لناظره قريب

يوم لا ينفع الندم.