أسامة شرشر يكتب: بدعة استغلال الأضرحة فى الانتخابات الرئاسية
كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية 2024 سمعنا شائعات ورأينا أحداثًا مثيرة وغريبة، وقد طالبت منذ فترة بالاهتمام بملف الانتخابات الرئاسية وعمل مراجعات سياسية واجتماعية تناسب الحدث وأهميته.. كما طالبت بالتخطيط لانتخابات رئاسية تليق بمصر بأن تتاح الفرصة لتنافس حقيقى وقوى يترتب عليه إقبال كبير على التصويت؛ بحيث يقبل المصريون على المشاركة بأعداد كبيرة.
وقد أشرت إلى أنه كلما اقتربنا من 2024 رأينا تحركات وتصريحات وربما شائعات من الكتائب الإلكترونية الإخوانية وغير الإخوانية.. ولهذا لم أندهش من اجتماع الساحل الشمالى الذى دعا إليه رئيس حزب المحافظين رجل الأعمال أكمل قرطام ليحشد لنفسه للترشح للرئاسة والذى ضم بعض رؤساء الأحزاب وبعض النشطاء، ولكنى اندهشت من دعوته لشخص يعتبر منافسًا له وهو أحمد الطنطاوى، فأكمل قرطام يعرف أن الطنطاوى أعلن أنه سيترشح، ولهذا عندما حاول فى الساحل مطالبته بعدم الترشح ومساندته كان الرد بأمر غريب وعملى، ولم يكن فى جلسة الساحل الشمالى بل كان فى الاستعانة بأضرحة أولياء الله فور عودته من الساحل وحرصه على انتشار الخبر، ولحسن حظه أن فرد أمن إداريًّا جعل الحدث ينتشر، وأفردت له كل قنوات وإعلام الإخوان مساحة كبيرة من التغطية بفيديوهات جرى الترتيب لتصويرها، ولم يكن تصويرها مجرد صدفة.
ولقد تعجبت مما قام به الزميل النائب أحمد الطنطاوى من زفة من أهل بلده بكفر الشيخ إلى ضريح السيدة زينب، وتساءلت: هل من ضمن أوراق الانتخابات الجديدة أن يحصل المرشح على موافقة أضرحة آل البيت والعارفين بالله على مستوى الجمهورية؟!
وبالمناسبة نحن لنا ضريح أيضًا وهو للعارف بالله الشيخ سالم حسين شرشر، فى مسجد الأربعين بسرس الليان، فهل هذا ضمن المخطط الانتخابى أيضًا؟! وهل الهيئة العامة للانتخابات اشترطت حصول المرشح الرئاسى على مباركة آل البيت حتى ندخل فى عالم الاغتراب والتغريب وفى حواديت لا جدوى لها، وأعتقد أن الإخوان والسلفيين يتلقفون هذه الزيارات بنوع من السعادة والارتياح، للسخرية مما يجرى فى مصر؛ لأنه يتم تدشينها وكأن الطنطاوى هو مرشح آل البيت.
وأرى أن استخدام ورقة الدين وزيارة أضرحة العارفين بالله، الوجه الآخر لطريقة الإخوان والسلفيين التى أسقطتهم فى الشارع المصرى... فشغل الشعوذة الدينية واستخدام ورقة الدين نوع من الإفلاس السياسى إذا تم استخدامه فى الانتخابات القادمة.
والحقيقة أن المسألة أكبر بكثير من هذه التحالفات والقرارات التى تحدث فى قرى الساحل الشمالى؛ لأن الناس الحقيقية فى قرى مصر ونجوعها ليس لديها رفاهية الكلام ولكنها مشغولة بلقمة العيش وتدبير مصاريفها وطعام أولادها نتيجة ارتفاع الأسعار وتعذيب المواطنين بانقطاع الكهرباء، فى عرض مستمر، فبدلًا من أن يجوب المرشحون قرى مصر لمعرفة حال الشعب المصرى العظيم دخلوا فى تحالفات فى الساحل الشمالى والأضرحة، لنكون أضحوكة العالم، خاصة حسب معرفتنا أن الانتخابات ستكون على الهواء، وكل المنظمات الحقوقية الدولية سيُسمح لها بتغطية الانتخابات القادمة لأنها ستكون الانتخابات الفارقة فى تاريخ مصر، وسيكون التصويت فيها أمام أعين المراسلين الأجانب، حتى النتائج ستُعلن فى اللجان الفرعية قبل اللجنة العامة، وهذا حق من حقوق الشعب المصرى كما رأينا فى الانتخابات التركية الأخيرة.
أعتقد أنه آن الأوان أن يعلن كل مرشح ينتوى الترشح فى الانتخابات الرئاسية القادمة، طبقًا للقواعد القانونية والدستورية، برنامجه الانتخابى أمام الشعب المصرى وفى القنوات التلفزيونية وفى كل وسائل الإعلام الإلكترونية عن رؤيته فى حل مشاكل مصر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والمواطن المصرى يقرر لمن يصوت.
أعتقد أن محاولات الإخوان مؤيدين من بعض أجهزة استخبارات أجنبية، وضع فزاعة خطيرة للترويج بأن الانتخابات القادمة سيتم تزويرها- ستذهب هباءً؛ لأن هذا ضرب من الخيال والمستحيل، حيث سيتم الفرز علنيًّا فى اللجان الفرعية أثناء التصويت وبعده.
نريد أن نرتقى ببلدنا وشعبنا إلى مستوى المسئولية وليس الفوضى، وأن تُتاح وتُباح كل الحقوق لكل المرشحين، وأن تكون الانتخابات القادمة هى بداية تدشين لمرحلة جديدة فى تاريخ مصر الحديث، وأن يكون المواطن المصرى هو الهدف الأسمى وهو نقطة الانطلاق لتحقيق تنمية حقيقية فى كل المجالات، خاصة فى مجال التعليم ثم التعليم ثم التعليم والبحث العلمى والصحة، وأن نضع بعض القواعد أهمها أن يكون هناك رأى ورأى آخر، وأن تكون هناك حرية للتعبير ولا يتم إقصاء أحد، وأن يتم إلغاء الحبس الاحتياطى الذى هو سُبّة ونقطة سوداء للحكومة، وألا يتم تطبيقه على أصحاب الرأى والفكر ما داموا لم يحملوا السلاح.
فالحبس الاحتياطى هو بمثابة حبس أفكار وأنفاس المصريين، وهو بدعة قانونية، فالحبس الاحتياطى له أدواته ومعاييره وقواعده القانونية، ويجب ألا يكون شماعة لإسكات أصوات المصريين.
هذه هى القواعد والبروتوكولات التى يتم بناء عليها إجراء أخطر انتخابات رئاسية فى تاريخ مصر، وأتمنى ألا تستخدم أضرحة العارفين بالله مثل ضريح السيدة زينب أو السيدة نفيسة الذى تم تطويره وتجديده خلال الأيام الماضية أو ضريح الحسين وباقى الأضرحة على مستوى الجمهورية فى الزفة الإعلامية؛ لأنها سقطة لأى مرشح أن يتحرش بأضرحة العارفين بالله، (فليس بهم تقتدى وليس عليهم تعتدى).
أتمنى ألا يكون النائب أحمد الطنطاوى فعل ذلك وألا يتم استخدامه كأداة للإخوان أو السلفيين الذين ينتظرون هذه الإرهاصات السياسية ليقوموا بعمل حملة إلكترونية من خلال التمويلات الداخلية والخارجية لتشويه مصر ومنزلة العارفين بالله.
وأكثر ما أعجبنى من خلال مدرسة الأدب السياسى التى طرحها أخطر وزير خارجية وأمين عام لجامعة الدول العربية فى تاريخ مصر الحديث السيد عمرو موسى عندما قال ردًّا على ترشح رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة للانتخابات الرئاسية (أن تمتدح سياسات الرئيس ثم ترشح نفسك فهذا تهريج سياسى)، وأضيف أن هذا أمر لا يغيب عن ذكاء الشعب المصرى الذى يستطيع فك اللوغاريتمات والألغاز واللعب والحيل السياسية التى تحصّن منها ووصل لمرحلة النضج فى الاختيار.
أعتقد أن الرسالة وصلت، وأن اجتماعات القرى السياحية محكوم عليها بالإعدام الشعبى؛ لأنهم ليسوا منا ولسنا منهم، وكفانا شعارات واللعب بمعاناة الناس.
وأتوقع أن يكون هناك مرشح سيحظى بدعم شعبى لم يتم الإعلان عنه حتى الآن، وسيكون مفاجأة للأصدقاء قبل الأعداء.
ارحموا مصر وشعبها يرحمكم الله