محمد أنور السادات يكتب: سيادة الرئيس إعلم
دعونا نوجه التحية لكل القضاة الذين أشرفوا علي الانتخابات الرئاسية في كل لجان مصر، امتداداً من الإسكندرية شمالاً إلي النوبة جنوباً.. ومن العريش شرقاً إلي مطروح غرباً.. وواصلوا العمل بالليل والنهار في أجواء صعبة للغاية.. وفي درجات حرارة وصلت إلي 43 درجة في محافظات الصعيد.. وجرت علي أيديهم إنتخابات مشهود لها بالشفافية والنزاهة ، اللهم إلا بعض الأخطاء والتجاوزات التي لا تذكر والتي وقعت من أنصار كلا المرشحين..والآن وبعد أن انتهت معركة الانتخابات ، ووصلت سيادة الرئيس إلي القصر الجمهوري نريد منك جميعاً أن تكون مدركا لقيمة مصر الجغرافية والتاريخية والحضارية ، مستوعباً للدور المصري في المحيط العربي والإفريقي والإسلامي والدولي ، وأن تمثل الهوية المصرية بدوائرها المتداخلة وطبقاتها الحضارية ، وتستوعب كافة الأبعاد والمستويات الحضارية والثقافية لشعبك ، وتدرك قيمة التاريخ والعلم والثقافة وقيمة العلماء والمفكرين وأثرهم في رقي الأمم .وأن تؤمن بالفكر الثوري و بالعمل الجماعي وبالديمقراطية وتمارسها ، وتدرك أن التغيير هو أحد أهم القوانين في الحياة، وأن يكون لديك مرونة كافية للتعامل مع سائر أطياف المجتمع . وأن تقف علي مسافة متساوية من كافة الإتجاهات السياسية والاجتماعية .ولا تتشبث بالسلطة لنفسك ولا تمكن أحدا من التشبث بها دون مبرر، وإسمح للأجيال الجديدة أن تأخذ فرصتها بناء علي كفاءتها وقدراتها.نريد منك سيادة الرئيس أن تعلم أن المخاطرة لابد وأن تكون محسوبة ، وحين تختار مرؤسيك إبحث عن صفاتهم الشخصية وقدراتهم ورؤاهم المستقبلية وميزانهم الأخلاقي وإمكاناتهم وقدراتهم وتعامل معهم علي أنهم بشر، واستثمر كل ما لديهم من أفكار ورؤي مستقبلية. وتحري أعلي درجات الصدق والأمانة والشفافية في تعاملاتك الداخلية والخارجية ، وإنظر للشعب نظرة مليئة بالاحترام والتقدير فهم ليسوا أطفالا قاصرين أو رعايا يستحقون الحجر والوصاية ، وإنما كبارا ناضجين وجديرين بالثقة والاحترام وتبادل الأفكار . وتحمل النقد ولا يأخذك جنون العظمة للتعالي علي شعبك ، ولا تري في نفسك دائما أنك البطل المنقذ أو الأب المسيطر أو الحاكم المتحكم . وتوافق مع معطيات العصر وأدواته التقنية الحديثة في التواصل والتأثير بإرادة حقيقية مستقلة وقدرة علي الحلم والخيال السياسي الناضج والطموح . ولا تستكبر علي التساؤل والاستفسار عما لاتعرفه مع الاستعانة الصادقة والحقيقية بكل صاحب خبرة بصرف النظر عن انتماءاته أو توجهاته ، وتحمل الخلاف والاختلاف وتقبل كافة أطياف المجتمع وتعامل معهم بمرونة واحترام بإعتبار أن الجميع مواطنون شرفاء يشاركون في المنظومة السياسية والاجتماعية بصرف النظر عن الاختلافات الشخصية بينك وبينهم . وأخيراً والأهم أن تعترف بأخطائك وتتراجع عنها وتصححها وتتحمل مسئولية نتائجها.وأن يكون لديك الشجاعة والقدرة علي أن تنسحب بشرف من ساحة القيادة لتعود مواطنا عاديا إن أخطأت أو أحسست برفض الشعب لك تاركا المسئولية لآخر، فقد أصبحت السيادة للشعب وصار هو صاحب الصوت والتأثير في مجريات الأمور.إن آمال المصريين في الإصلاح والتنمية لا يمكن أن تتحقق ، بدون أن نتكاتف مع رئيسنا ، وإننا جميعاً في عنق الزجاجة، وعلي كل منا أن يتحمل مسئوليته أمام الوطن والتاريخ.