اسامة شرشر يكتب : البرلمان صمام الأمان
لا شك فى أن كسر المؤسسات ومحاولات خلق مشكلات بها استراتيجية ثابتة لكل من يريدون إضعاف وتمزيق هذا الوطن، وهو عمل يصب فى مصلحة أعداء الوطن، خاصة الإخوان الذين يروجون ليل نهار لمحاولة النيل من الأزهر الشريف باعتباره أكبر مؤسسة دينية فى مصر، ويعتبر رمز التنوير والوسطية الذى يقتدى به أكثر من مليار و200 مليون مسلم حول العالم، وما زال الأزهر الشريف يمثل كعبة العلم فى كثير من البلدان الإسلامية التى تعتبر أن أى مساس بالأزهر هو مساس بهم شخصياً.
وكذلك يستهدفون البرلمان المصرى الذى يعتبر من أعرق خمسة برلمانات فى العالم، حيث كانت مصر من أوائل المؤسسين للبرلمان الدولى والإسلامى والعربى والإفريقى، وما لا يعلمه كثير من المدعين الجدد أو الهواة أنه فى يوم ما ليس ببعيد، فى تسعينيات القرن الماضى، كان البرلمان المصرى يترأس البرلمان الدولى والإسلامى والعربى والإفريقى فى آن واحد معاً، وهو أمر إن دل على شىء فإنما يدل على أن هذا البرلمان الذى يحاولون النيل منه وتشويهه والقفز عليه والطعن فى تاريخه وتراثه البرلمانى- هو مرجعية برلمانية دولية وإقليمية مثلما الأزهر مرجعية دينية.
واللافت للنظر أن الرئيس السيسى فى كل زياراته الخارجية يكون حريصاً على زيارة البرلمانات شرقاً وغرباً ويتباهى بتاريخ البرلمان المصرى، خاصة البرلمان الذى تم انتخابه بإرادة شعبية حرة ويحمل بداخله لأول مرة توليفة من الشباب والكبار والمرأة وذوى الاحتياجات الخاصة والأقباط.
ولكن محاولات هدم هذا البرلمان وتشويهه أصبحت نغمة وموضة يتابعها الرأى العام بكسل، فالسوابق البرلمانية والأعراف كانت تحافظ على هيبة المجلس وهيبة أعضائه لأن النائب فى حد ذاته قيمة، حيث إنه منتخب من الشعب، وقامة لأنه يدافع عن حقوق هذا الشعب.
فلذلك هناك من يحاول أن يهدم هذه المؤسسة البرلمانية العريقة ويفرغها من مضمونها ومحتواها وأداء دورها التشريعى والرقابى.
ولكنى أعتقد أن محاولات تشويه البرلمان ستفشل إذا شعر النواب بالخطر وعلى رأسهم رئيس المجلس الدكتور على عبدالعال الذى يمثل حائط الصد والجدار العازل الذى تسقط أمامه محاولات تشويه البرلمان ونوابه، لأن كرامة النواب من كرامة الشعب الذى انتخبهم. وبقاء المجلس، كالقابض على الجمر، محافظاً على تقاليده وعاداته وسوابقه البرلمانية- هو المهم. والمضابط خير شاهد على ذلك، لأن الأجيال القادمة لن تغفر لنا جميعاً أى هزة لهذا البرلمان العتيق الذى يعكس تاريخ مصر القديم والحديث، والذى سنظل نتباهى به وبتراثه أمام العالم.
سينجو البرلمان من أية محاولة اغتيال، سواء من الداخل أو الخارج.. وإذا كنا نجونا بمصر من كل مؤامرة استهدفت هدم مؤسساتها العريقة التى تحفظ وحدتها واستقرارها، من الجيش والشرطة، إلى القضاء، فإن المؤسسة التشريعية والرقابية، التى هى الهدف الأكبر لكل الذين يريدون النيل من مصر، ستصمد فى مواجهة المؤامرة، وتتجاوزها، بحكمة أعضائها وقيادتها.
ويكفينا أنه فى كل جولات الرئيس عبدالفتاح السيسى الخارجية قبل اكتمال خارطة الطريق كان الجميع يتساءل عن البرلمان، لأن هؤلاء لا يقومون بعقد أى اتفاقات أو استثمارات، إلا فى وجود المؤسسة التشريعية التى تعتبر صمام أمان للخارج قبل الداخل، لأن الدولة القوية هى التى تفتخر بمؤسساتها، وتحترم برلمانها، ويكفى البرلمان الحالى فخراً أنه أصبح مزاراً لرؤساء الدول بداية من الصين ونهاية بفرنسا، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على عراقة هذا البرلمان الذى يحاول البعض اللعب بالنار، وتشويهه، إلا أن وحدة نوابه وقياداته هى خط الدفاع الأول عن الدولة المصرية الجديدة.
فكفانا شعارات، وانتبهوا أن الخارج قبل الداخل ينظر عن قرب للبرلمان المصرى على أنه قاطرة التشريعات الحقيقية فى الشرق الأوسط، وأنه خط الدفاع عن الحريات، خاصة حرية الصحافة وحقوق الإنسان، واحترام الدستور المصرى الذى لم يترك أى صغيرة أو كبيرة إلا وأشار إليها.
فكرامة هذا المجلس من كرامة هذا الشعب، والحفاظ عليه يعتبر أحد الثوابت للحفاظ على الأمن القومى البرلمانى فى المنطقة، ومحاولة القفز على السوابق والعادات البرلمانية سيكون مردودها خطيراً على الجميع.. فالبرلمان هو صمام الأمان للدولة المصرية داخلياً وخارجياً، اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.