النهار
الثلاثاء 4 فبراير 2025 01:02 مـ 6 شعبان 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
أبرزها مواجهة القمة.. مواعيد مباريات الزمالك المقبلة خلال شهر فبراير لافروف: مفتاح حل جميع المشاكل في الشرق الأوسط هو إقامة الدولة الفلسطينية نابولي يتصدر ترتيب جدول الدوري الإيطالي بعد نهاية الجولة الـ 23 بيسكوف :العالم أصبح متعدد الأقطاب ولم يعد القطب الواحد قادرًا على ضمان الأمن والاستقرار في العالم أحمد زايد: الحداثة المتسارعة تهدد التراث والهوية أسامة ربيع: ”التحديات الراهنة التي تواجه صناعة النقل البحري تتطلب تضافر كافة الجهود والالتفاف حول أهداف مشتركة” مهرجان الفواكه الشتوية الملونة يجذب الأجانب والمصريين على شواطئ الغردقة محافظ الفيوم يتفقد سير العمل بالمركز التكنولوجي والمكاتب المخصصة للتعامل مع المكاتب الهندسية بمجلس المدينة رئيس جامعة الزقازيق: تعيين وكلاء جدد بكليتي الطفولة المبكرة وطب فاقوس أسترازينيكا مصر تدعم مبادرات التشخيص المبكر وعلاج مرضى السرطان في مصر بيعاملونا زي العبيد.. ورطة مدوية تهز مدرسة شهيرة قائمة باريس سان جيرمان لمواجهة لومان في كأس فرنسا

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: هل ينجح «السيسى» فى نزع فتيل «قنبلة التهجير»؟

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

ماذا يجرى فى الكواليس الأمريكية وخاصة بعد زيارة نتنياهو واشنطن الثلاثاء؟
وهل سينجح نتنياهو فى إقناع ترامب بإقامة المشروع الصهيونى وإخلاء غزة وتهجير أهلها ومعهم أهل الضفة إلى مصر والأردن؟
ولماذا أصدر الرئيس ترامب تصريحاته المفاجئة التى لم يخرج مثلها من الرؤساء السابقين؟
الغريب فى الأمر أن ترامب أصدر هذه التصريحات العجيبة، بناء على مقالة قرأها وأعجب بها، ولكن الرئيس عبد الفتاح السيسى نجح بذكاء وحنكة وموضوعية فى محاولة إقناع ترامب والإدارة الأمريكية بأن مصر حليف استراتيجى للولايات المتحدة فى المنطقة، وأن هناك مخططا لإفساد العلاقة بين الدولتين فى هذا التوقيت.
فمصر اتخذت خطوات للرد بموضوعية على محاولات جس النبض، وأعلنت رفضا قاطعا لتهجير الفلسطينيين شكلا ومضمونا، بالإضافة إلى التحرك الدبلوماسى الواعى وتوحد الجبهة الداخلية المصرية خلف القيادة السياسية، ورفض مصر الثابت لعقد أى صفقات من شأنها تصفية القضية الفلسطينية مهما كانت الإغراءات الاقتصادية فى ظل الظروف التى تمر بها مصر، ورغم رسائل ودعوات الإعلام الأمريكى والإسرائيلى بمحاولة الضغط على مصر بالمعونات العسكرية، بل زاد التبجح الصهيونى بالدعوة إلى ضرورة أن تكون المساعدات الأمريكية مرتبطة بهيكلة الجيش المصرى وتغيير عقيدته.
والأدهى والأمرّ هو رؤية الإعلام الأمريكى أن السيسى يمثل خطرا على المشاريع الأمريكية فى المنطقة، مثل عبد الناصر، لأنه رئيس مصرى يتمتع بظهير شعبى قوى وأغلبية كاسحة لدى الرأى العام المصرى الآن، بل إنه أصبح شخصية تاريخية لقوله (لا للتهجير) مدعوما من الشعب والقوات المسلحة وأجهزة الأمن من رجال المخابرات والشرطة المصرية، فهم يعتبرون أن مصر هى (حجر الزاوية) الأساسى للوصول لحل عادل للقضية الفلسطينية من عدمه، ويريدون إخراجها من المعادلة لتكون إسرائيل قادرة على الوصول لحلمها (غزة بدون أهلها والضفة بلا مواطنيها)، وتتخلص للأبد من 7 ملايين فلسطينى.
إن مصر كأكبر وأقوى دولة فى العالم العربى، تستشعر مسئولية تاريخية تجاه القضية الفلسطينية، والحفاظ على الأمن القومى المصرى، وألا تكون سيناء وطنا بديلا للأشقاء الفلسطينيين، والرئيس عبد الفتاح السيسى يقوم بحرفية وموضوعية بتوضيح الأخطار والأبعاد الكارثية التى ستحدث لو تم تنفيذ هذا الاقتراح، فالمنطقة ستتحول إلى ميليشيات يطول خطرها الجميع وأولهم إسرائيل نفسها، وخاصة بعد الموقف العربى المؤيد للرأى المصرى والرافض لتهجير الفلسطينيين أيا كانت الأسباب أو التداعيات.
والواقع أن ترامب لو استمر على هذا المنوال، سيكون هو نفسه أول الخاسرين، وأول ما سيخسره هو الاتفاق الإبراهيمى الذى يريده ووقف التطبيع السعودى الإسرائيلى، ولكن يبدو أنه لا يضع اعتبارا لمصالح الدول الأخرى، وخاصة أن مصر اقترحت فعلا نقل أهل غزة إلى صحراء النقب– إذا كانت هناك حاجة ملحة لذلك من أجل إعادة الإعمار- وإعادتهم لغزة بعد ذلك، وأن تتكفل الدول العربية وأولاها مصر خلال عام أو عامين على الأكثر مع استمرار المفاوضات للوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية التى خرجت من محيطها الإقليمى وأصبح لها بعد عالمى، خاصة بعد اتهام المحكمة الجنائية الدولية قادة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطينى.
أعتقد أن الدولة المصرية تدير ملف التعامل مع الإدارة الأمريكية بكفاءة تامة، وخاصة أن مصر تحتفظ بعلاقات جيدة مع الجناح العسكرى فى الإدارة الأمريكية ولها أصدقاء حقيقيون داخل الكونجرس ومراكز صنع القرار يتفهمون ويستوعبون موقفها الرافض لفكرة التهجير بالذات، وكل هذه الأدوات ستكون عاملا إيجابيا فى عدم إصدار ترامب أمر تنفيذ بتهجير الفلسطينيين، لأنها ستكون كارثة كبرى.
فهل يخسر ترامب مصر والسعودية والعالم العربى لصالح إسرائيل؟ أم ستكون هناك توازنات؟ خاصة أن الدول الأوروبية الفاعلة مثل فرنسا وإنجلترا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا تؤيد وجهة النظر العربية بعدم تهجير أهل غزة وتعتبر ذلك نشرا لقنابل موقوتة فى مصر والمحيط العربى ستؤثر بكل تأكيد على دول البحر المتوسط.
والمرادف الآخر سياسيا: لماذا لا يتم نقل وتهجير الإسرائيليين أيضا وخاصة فى مدن غلاف غزة؟
فهل المسألة فعلا نقل للسكان لحين إعادة الإعمار أم تنفيذ للمخطط الصهيونى (من النيل للفرات)؟ أم أن الأيام القادمة ستكشف عن خطط ومؤامرات تحاك ضد مصر بصفة خاصة لأنها حجر الزاوية وتمتلك أكبر جيش وأكبر قدرات عسكرية فى المنطقة كما يردد الإعلام الغربى؟
والسؤال الهام الآن: لماذا لم يقم ترامب بتصنيف جماعة الإخوان جماعة إرهابية حتى الآن؟ هل هناك لغز فى هذا الموضوع أم أن هناك تعاطفا مع الجماعة وأفكارها؟ وخاصة أن عناصرها سعداء جدا بمحاولة حصار مصر أو توقيع عقوبات عليها.
مصر ليست كأى دولة أخرى، وشعبها مرتبط بالأرض والحدود وبالدولة المركزية، ارتباطا تاريخيا منذ الدولة المركزية الفرعونية، وأى محاولة لضرب هذه العقيدة الثابتة فى وجدان المصريين سيكون الرد عليها مفاجئا للجميع.
وعلى الدول العربية الفاعلة أن تقوم بتشكيل لجنة من رؤساء هذه الدول لمقابلة ترامب وتوضيح الموقف، فإما يستعيد العالم العربى هيبته وقوته وتوحده، وإلا فإن الدور سيطول الجميع.
ويجب على القاهرة أن تدعو إلى عقد قمة عربية لاتخاذ موقف عربى موحد، ليوجه رسالة إلى إدارة ترامب وإلى أصدقاء العالم العربى وخاصة الصين وروسيا والهند وكل الدول المؤثرة والفاعلة فى العالم، فالتحرك المصرى يجب أن يكون بخلفية عربية قوية، لأننا أمام عجلة شيطانية وقرارات ومخططات موضوعة لتنفيذها، فإما أن نفسدها ونكشفها ونوقفها، أو أن القادم سيكون أسوأ على الجميع.
أعتقد أن القيادة المصرية ستنجح فى إفساد هذه المؤامرة بعيدًا عن الشعارات والنداءات والرجاءات، ولكن باستخدام أدوات الضغط، ولعبة المصالح المتبادلة، لأن (مصر تمصر غيرها ولا تتغير)، ولكننى أخشى من الأيام القادمة، إذا لم يتوحد العرب ولو لمرة واحدة، ويكونوا داعمين للموقف المصرى داخل الغرفات المغلقة وفى العلن.
اتقوا الله يجعل لكم مخرجا.