أسامة شرشر يكتب : حلب يا عرب
قد نختلف أو نتفق على بشار الأسد، ولكن لا يختلف أى عربى قومى عروبى على بقاء الدولة السورية وحدة واحدة وعدم التفريط فى أى جزء من أراضيها.. لأنها جريمة، فى حق الشعب السورى والعربى من المحيط إلى الخليج، أن تدنس الأراضى السورية بمجموعات من المرتزقة والميليشيات الإرهابية التى تريد أن تحذف سوريا من الخريطة العربية، وأن تخرجها من المعادلة السياسية فى المنطقة.
إن سوريا هى البوابة الشرقية للأمن القومى المصرى والعربى، وبقاء جيشها يعنى بشكل مباشر بقاء الدولة السورية والشعب السورى، وبشكل غير مباشر حماية الجناح الشرقى للمنطقة العربية، خاصة بعد سقوط بغداد، ونجاح خطة المبعوث الأمريكى فى تفكيك الجيش والشرطة العراقيين فى 2003، فأصبحت العراق مباحة وأرضها مستباحة لكل الميليشيات الإرهابية، وأصبحت مسرحاً وملعباً لكل دول العالم.. وكاد نفس السيناريو يتكرر فى سوريا، فبعد فشل الإرهابيين فى السيطرة على دمشق اتجهوا للعاصمة الثانية للدولة السورية، وهى حلب، وأغرقوها فى مستنقع الإرهاب برعاية أمريكية إسرائيلية للمرتزقة من كل دول العالم، إلا أن حلب أصبحت هى حجر العثرة أمام تنفيذ هذا المخطط الشيطانى.
ومما يثير الأسى والحزن أن سوريا أصبحت مسرحاً للعمليات ومكاناً لتصفية الحسابات السياسية بين أمريكا وتوابعها وروسيا وتوابعها، والذى يدفع ثمن هذه الحرب القذرة هو الشعب السورى العظيم، الذى اضطر معظمه للهجرة عن أرضه، نتيجة غياب الإرادة العربية لبعض الحكام الذين ساروا وراء المخطط الأمريكى الإسرائيلى وأصروا على إسقاط سوريا وتقسيمها.
كانت أصوات كثيرة تنادى بعودة الدور المصرى فى دعم وتأييد إرادة الشعب السورى بأن تبقى الأراضى السورية وحدة واحدة لا تتجزأ، لأن سقوط سوريا الموحدة يهدد الجميع، ويجعل منها مركزاً لتجمع الميليشيات الإرهابية لإسقاط الدول العربية دولة بعد دولة، وهنا علينا أن نتساءل: لماذا لا تقوم جامعة الدول العربية بكشف كل الدول العربية التى تمد الميليشيات الإخوانية والإرهابية بالمال والسلاح، حتى يعلم المواطن العربى من المحيط للخليج، أبعاد المؤامرة القذرة؟!
وأخيراً استطاع الجيش السورى أن يحرر حلب من قبضة داعش وشركائه من الإخوان وغيرهم من القتلة فى الوقت الذى ظل فيه المجتمع الدولى يقف صامتاً ومرتعشاً أمام هذا الغزو الإرهابى المنظم على حلب السورية وتدميرها، وهى التى تعتبر العاصمة الاقتصادية لسوريا، خاصة بعد الاكتشافات الكبيرة للغاز فى الأراضى السورية، مما جعلها مطمعاً للأمريكان والأتراك الذين اعتبروا حلب خط الدفاع الأول عن تركيا ووسيلة تحقيق حلم أردوغان فى حصار الأكراد، ولهذا لم أندهش من الطريقة التى تم بها اغتيال السفير الروسى فى تركيا.
فاللعب فى سوريا الآن أصبح على المكشوف، وسقطت ورقة المؤامرة عن سوءات المتآمرين، بعد قطع كل خطوط الإمداد عنهم، باستعادة حلب، ومن هنا نقول «انتبهوا لحلب يا عرب»؛ لأن الأجيال القادمة ستحكم علينا بالإعدام السياسى والإنسانى إذا فرطنا فى سوريا الحبيبة؛ فبلاد الشام درع العرب النابضة تاريخياً وثقافياً وحضارياً، وحلب ليست مجرد بلد فى سوريا بل هى بلد يعيش فى وجدان الشعب العربى.