النهار
الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:46 مـ 26 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
مجلس جامعة مدينة السادات يعلن الفائزين بجوائز الجامعة لعام 2023/ 2024 بحوزتهم أسلحة ومخدرات.. مقتل 3 عناصر إجرامية خلال مداهمة أمنية كبرى في قنا بهدف إيشو.. الزمالك يتقدم على بلاك بولز بهدف نظيف بالشوط الأول مبابى وبيلينجهام يقودان تشكيل ريال مدريد ضد ليفربول محمد صلاح يتصدر تشكيل الريدز أمام ريال مدريد في دوري الأبطال المصري يفتتح مشواره في مجموعات الكونفدرالية بثنائية أمام إنيمبا بحضور محافظي السويس وبورسعيد محافظ الدقهلية يعتمد المخططات التفصيلية لعدد 14 قرية دار الإفتاء المصرية تشارك في قافلة دعوية إلى شمال سيناء مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف محافظ الجيزة يثمن جهود جامعة الأزهر التنموية ويشيد بدعمها الطبي للمبادرات الرئاسية ناصر ماهر وأحمد حمدي يدعمان الزمالك من مدرجات ستاد القاهر فرصة للشراء.. اقتصادى يكشف: انخفاضات في أسعار الذهب قريبًا مظاهرات قرب مقر إقامة نتنياهو بالقدس المحتلة للمطالبة بصفقة تبادل أسرى

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب : شكر الله سعيكم

كشفت أحداث الإرهاب الأسود التى تعرضت لها الكنيسة البطرسية بالعباسية، ومن قبلها كمين مسجد السلام بالهرم- أن الإرهاب وصل إلى بيوت الله، وأخشى ما أخشاه أن يصل للمدارس والجامعات.

وهذا يؤكد حقيقة أن مواجهة الإرهاب ليست مسئولية وزارة الداخلية فحسب، ولكنها مسئولية كل مؤسسات الدولة، بدءًا من المنزل والمدرسة والأزهر والكنيسة والتربية والتعليم والثقافة والأوقاف والشباب والرياضة، وصولاً إلى وزارة الداخلية، ولا بد أن تكون هناك خطة قومية لمواجهة هذا الفكر المتطرف الذى استطاع أن يخترق عقول الشباب والطلاب والطالبات بأنهم يعيشون وسط مجتمع كافر، وأن الاستشهاد هو طريق الخلاص، بالإضافة إلى ضرورة مواجهة فكر التنظيم الدولى للإخوان والتيارات السلفية الظلامية التى رفضت المواطنة وقبول الآخر، ثم قامت بعمل ما أسمته مراجعات فكرية فى الثمانينيات والتسعينيات، وكانت النتيجة أن وجدنا عاصم عبدالماجد وأشباهه يحملون السلاح فى رابعة والنهضة ولا يعترفون بالدولة، بل فقط بسمع وطاعة التنظيم الذى يحظى بدعم وتمويل الغرب وخاصة أمريكا، التى لم تضع هذه الميليشيات، خصوصا الإخوان، فى قوائم الجماعات الإرهابية.

هذه هى القضية، ولا بد أن نقول إن أمريكا هى الراعى الحقيقى للإرهاب، وإن الإرهاب هو إحدى أدوات سياستها الخارجية، وإنها تمول التنظيمات الإرهابية التى خرجت من عباءة التنظيم الدولى للإخوان فى سوريا مثلاً، وقامت بتدريبهم ودعمهم بالمال وأحدث الأسلحة، لإسقاط الدولة السورية، وفى الناحية الأخرى تدعم وتساعد داعش والميليشيات الإخوانية الأخرى فى ليبيا لضرب الأمن القومى المصرى، ولكن يبدو أننا نخشى دائماً أن نتهم أمريكا ووراءها إسرائيل بأنهما وراء كل ما يجرى فى سيناء، وما يجرى فى ربوع مصر من عمليات إرهابية تقوم بها مجموعات مدربة على أحدث التقنيات ولديها دعم أجهزة استخباراتية تقدم المعلومات والزمان والمكان المناسب لعملياتها.

كما أننا نواجه حرباً حقيقية فى مواجهة الإرهاب الفكرى الذى يستخدم الآلة الإعلامية فى تشويه الدولة المصرية، تحت مسميات الحريات وحقوق الإنسان، وهو المدخل الذى يستخدمونه دائماً لتقسيم الأوطان، خاصة مع افتقادنا منظومة الثقافة والتعليم القادرة على منابذة الحجة بالحجة والفكر بالفكر.

إضافة إلى كل ما سبق، فإننا نعانى من غياب حكومى تام، عن المناطق التى كان الإخوان يسيطرون عليها، خاصة فى المناطق المحرومة، فهم يستغلون حالة الغضب والرفض والإحباط لتجنيد الشباب وإغرائهم بالدولارات، مع إيهامهم بأن ذلك هو طريق الجنة.. وهذه هى الأزمة الحقيقية التى نعيشها فى غياب تام  لجمعيات المجتمع المدنى المصرية وضعف الندوات واللقاءات الثقافية وحتى انعدام الشخصيات التى تحظى بقبول لدى الشباب والمجتمع، فكل هذا تلاشى فى زحمة البحث عن لقمة عيش ومأوى يحفظ الكرامة.

إن وعى المواطن المصرى هو أول حلقة فى طريق مواجهة هذه التيارات الظلامية، فنجد مثلاً أنهم يختبئون فى شقق مفروشة، ويستطيعون التحرك بحرية لتنفيذ عملياتهم، لأنهم يشترون الجميع من حارس العقار، وحتى صاحب الشقة، بسبب غياب وعى هؤلاء، فلا بد أن نقوم ببناء وعى المواطن للإبلاغ عن هؤلاء والانتباه لهم، من خلال قيام المؤسسات المختلفة بعمل دورات حقيقية لتوعية المواطنين بكيفية مواجهة الإرهاب، لأن المواجهة الأمنية وحدها لن تكفى، ولن تكون بديلاً عن المواجهة الفكرية، وليكن هذا العام هو عام مواجهة الأفكار بالأفكار، وتغيير مناهج التربية والتعليم، إذ لا يمكن أن يكون فى مناهج تعليم الأطفال، مواد عن عذاب القبر، ولا يوجد مواد لتعليم الانتماء وخطورة الإرهاب والإرهابيين، حتى يكون هذا الطفل ولو بإدراكه المحدود، أول لبنة فى بناء الحائط الفكرى والتعليمى لمواجهة الإرهاب.

كما أن القضية تحتاج إلى تشريعات ناجزة وحقيقية من خلال تعديل قانون الإجراءات الجنائية، وأن تكون هناك دوائر مخصصة لمحاكمة الإرهابيين، وأن تعلو سيادة القانون فوق كل شىء، فتعديل الدستور ليس هو الحل، وإنما الحل فى المحاكمات القضائية الناجزة، إضافة للمواجهات الفكرية، ناهيك عن ضرورة تصويب الخطاب الدينى وتطويره، لأن الزوايا فى القرى والنجوع تصدر الأفكار الإرهابية من رفض الآخر وتصوير الأقباط على أنهم كفار، والادعاء بأن قتلاهم ليسوا شهداء، وأن المواطنة بدعة غربية، فالعلاج يأتى من القاع للقمة وليس العكس، ويجب حصار هذه الزوايا، لأنها خطر حقيقى على الوطن، فمشكلتنا الحقيقية أننا ننسى ونعتمد دائماً على سياسة رد الفعل الوقتى.

أما البرلمان، فقد تحول للأسف الشديد، إلى مكلمة لتقديم العزاء، وليس لسنّ تشريعات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، فإدارة الأزمات يجب أن تضم متخصصين يكون عندهم رؤية استباقية للأحداث قبل وقوعها، ويكونون قادرين على تسليط الضوء على القضايا والأمور التى نغفل عنها جميعا.

فالعزاء الحقيقى للمصريين من رجال الشرطة والجيش وأفراد الشعب المصرى فى المسجد والكنيسة- لن يأتى إلا من خلال القصاص وتفعيل القانون.. وشكر الله سعيكم.