النهار
الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:40 مـ 26 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
مجلس جامعة مدينة السادات يعلن الفائزين بجوائز الجامعة لعام 2023/ 2024 بحوزتهم أسلحة ومخدرات.. مقتل 3 عناصر إجرامية خلال مداهمة أمنية كبرى في قنا بهدف إيشو.. الزمالك يتقدم على بلاك بولز بهدف نظيف بالشوط الأول مبابى وبيلينجهام يقودان تشكيل ريال مدريد ضد ليفربول محمد صلاح يتصدر تشكيل الريدز أمام ريال مدريد في دوري الأبطال المصري يفتتح مشواره في مجموعات الكونفدرالية بثنائية أمام إنيمبا بحضور محافظي السويس وبورسعيد محافظ الدقهلية يعتمد المخططات التفصيلية لعدد 14 قرية دار الإفتاء المصرية تشارك في قافلة دعوية إلى شمال سيناء مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف محافظ الجيزة يثمن جهود جامعة الأزهر التنموية ويشيد بدعمها الطبي للمبادرات الرئاسية ناصر ماهر وأحمد حمدي يدعمان الزمالك من مدرجات ستاد القاهر فرصة للشراء.. اقتصادى يكشف: انخفاضات في أسعار الذهب قريبًا مظاهرات قرب مقر إقامة نتنياهو بالقدس المحتلة للمطالبة بصفقة تبادل أسرى

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب : مفاجآت فى تداعيات حبس النقيب

 

كنا نتمنى، وليس كل ما يتمنى المرء يدركه أن تدار الأزمة التى حدثت فى نقابة الصحفيين إدارة سياسية حكيمة تنتهى بها لحل يخدم الوطن ومصالحه العليا، وقد شاركت فى جهود لهذا الغرض، لكن آخرين قادوا الدفة إلى منطقة أمواج عاتية فوصلنا إلى ما نحن عليه الآن.. من تصاعد للأزمة له انعكاساته على الوطن قبل أن يكون على الصحفيين ونقابتهم، فليس سراً أن أكشف أنه فور صدور الحكم سعت المغرب لاستثماره لنقل مقر اتحاد الصحفيين العرب من القاهرة إلى المغرب.. وأخشى من تداعيات ومفاجآت أسوأ... فى البدء أؤكد أننا معشر الصحفيين أول من يحترم القانون وأحكام القضاء، ولا أحد يزايد علينا فى هذا، ولكن القضية أكبر من أى حكم قضائى، لأنه لأول مرة فى تاريخ نقابة الصحفيين، بل ربما كل النقابات، أن يتم حبس النقيب وعضوين من مجلس النقابة، سواء اتفقنا على ملابسات هذه القضية أو اختلفنا حولها.

فنحن فى هذه اللحظة نعيش فى ظل انفراج سياسى عقب الإفراج عن عدد من الشباب المحبوسين فى قضايا رأى وفكر وتظاهر بدون عنف، وأمام موقف جديد لم يحدث فى تاريخ الدولة المصرية أن يلتزم رئيس الدولة بما قاله أمام الشعب والعالم أجمع بالإفراج عن كل الشباب المحبوسين ممن لم تتلوث أيديهم بالدم ويتابع بنفسه لحظة بلحظة مع اللجنة المنوط بها ذلك.. إلا أننا وسط هذه الانفراجة فوجئنا بانسداد جديد فى الأفق السياسى والصحفى وكأننا نقوم بالخطوة الصحيحة وعكسها فى لحظة واحدة، فى ظل متغيرات تحدث بسرعة الصاروخ، وحالة تربص بالدولة المصرية والرئيس السيسى شخصياً، وكتائب إلكترونية ظلامية جاهزة لتشويه المشهد المصرى وخلط الأوراق بالتنسيق مع أجهزة الإعلام الغربية.

ودعونا نتساءل والرئيس السيسى فى البرتغال، لو وُجه سؤال من صحفى غربى للرئيس: لماذا تم حبس نقيب الصحفيين وعضوين من مجلس النقابة؟.. فكيف يكون الوضع؟ أعتقد أننا كنا فى غنى عن هذا كله، خاصة  أن ورقة الإفراج عن الشباب المحبوسين تعطى صورة جديدة لمصر الجديدة فى تعاملها مع ملف الحريات الذى يشمل الملف الصحفى الشائك، لأن تقييد حرية الصحفيين من خلال قوانين سالبة ومقيدة للحريات مؤشر أننا نسير فى اتجاه الدولة الفاشلة الذى يحاول البعض تصديرها للعالم من خلال استثمار بعض القرارات والأحكام لتحقيق مآربهم فى تدمير الدولة.

وكنا قد طرحنا وتبنينا فى بداية الأزمة أن يكون هناك توافق وحل سياسى يجمع بين وزارة الداخلية التى قدمت وتقدم شهداء فى سبيل الدفاع عن الوطن ضد الإرهابيين والخارجين عن القانون، والصحفيين الذين يحملون أقلاماً تواجه الإرهاب دون خوف من الرصاص، ولكن للأسف الشديد تم تجاهل ذلك بفعل فاعل للوصول لانسداد سياسى فى حل الأزمة.. وهذه مصيبتنا الكبرى أن العقليات التى تتحرك فى المشهد السياسى والإعلامى تتبنى نظرية رفض الآخر وعدم قبوله، وهذه هى الطامة الكبرى، فالبرلمان فى أى مكان هو صوت الشعب والمواطن، وإذا حدثت أزمة يكون فى المقدمة لاحتوائها وحلها سياسياً لرفع الحرج عن رئيس الجمهورية، وهذا كان سبب نشأة البرلمانات، ولكن ما لا يدركه الآخرون، للأسف الشديد، أنهم لا يشوهون نقيب الصحفيين بما يفعلون، ولكن يشوهون الدولة المصرية.

والطامة الكبرى أن الخصوم وأعداء الوطن فى كل مكان ومن كل التيارات الظلامية وأدواتهم فى الداخل وعلى وسائل التواصل الاجتماعى- ينتظرون مثل هذه الفرصة لبث سمومهم لهدم هذا الوطن، فالأمم تبنى بالحريات والآراء والأفكار، ولا تبنى من خلال تقييد الحريات وحبس الصحفيين والإعلاميين.

والمفاجأة التى حدثت بعد صدور الحكم الذى نحترمه ونطبقه، والمتمثلة فى طلب المغرب نقل مقر اتحاد الصحفيين العرب من مصر إلى المغرب مجرد مؤشر على ما سوف يترتب على هذا الحكم.. والحقيقة أن مجرد طرح هذا الأمر والنقاش حوله- هو رسالة سلبية عن الدولة المصرية وليس عن نقابة الصحفيين.

ولذلك طالبت فى لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان أن يكون هناك بيان تضامنى ومعنوى مع نقيب الصحفيين وأعضاء النقابة، وأن تتوحد كلمة الصحفيين لنقدم نموذجاً رائعاً فى احترام أحكام القضاء وتطبيقه، وأيضاً فى دعم الحريات الصحفية والوقوف أمام أى محاولة لتقييدها، وهذا ليس كما يقول بعض المدعين؛ لأن الصحفيين «على راسهم ريشة» ولكن لأن حرية الصحافة هى انعكاس لموقف الدولة من الآراء والأفكار والشفافية.

وكنت أتمنى ألا نصل لهذه النقطة الفاصلة، بسبب بعض الأدوات التى احتكرت الإعلام وحاولت تشويه الصحفيين والصحافة المصرية.. ونحن ندرك أن القضية ليست قضية نشر ولكنها اتهام بإيواء بعض الصحفيين داخل بيتهم، وهذه هى المشكلة الكبرى، ففى أى مكان فى العالم النقابات المهنية هى بيت المهنة والمهنيين، ومسئوليتها حماية أعضائها، ويلجأ الأعضاء إليها للحماية وليس هرباً من تنفيذ أحكام القضاء، وقديماً كان هناك حكماء للمهنة يحاولون دائماً ألا تصل الأمور لطريق مسدود وأن يكون الحل السياسى هو المخرج الآمن والمحترم من كل الأطراف، وأستشهد على ذلك بقانون 93 لسنة 1995 عندما تصدى المرحوم جلال عيسى لحبس الصحفيين، وتحولت النقابة لجماعة واحدة رغم اختلاف أيديولوجيات وأفكار أعضائها وذلك ليس للدفاع عن النقابة فحسب، ولكن للدفاع عن بقائهم كصحفيين.

لذلك نحن فى انتظار قرار المحكمة فى الاستئناف، وسواء جاء الحكم بتأييد حكم أول درجة أو إلغائه، يجب أن يبدأ بعدها حوار داخل بيت الصحفيين من ناحية، وبين الجماعة الصحفية والدولة من ناحية أخرى، لوضع آليات جديدة حتى لا يتكرر المشهد الذى قد يستغله أعداء الوطن، ولتكون فرصة لحوار مجتمعى يمنع تصاعد الأزمات وتحولها لكوارث، وأعتقد كصحفى قبل أن أكون نائباً أن قانون الإعلام الموحد وإقراره سيقضى على الكثير من هذه المشكلات.