مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للأمم المتحدة لـ«النهار»: موقف مصر الصلب ضد إسرائيل ساهم في حماية شعبنا من التهجير خارج أرضه

ــ خطة إعادة إعمار غزة تم التنسيق الكامل فيها بين القيادات المصرية والفلسطينية
ــ تخاذل وتواطؤ بعض الدول يمنح إسرائيل الهروب من العقاب
ــ إسرائيل تحاول تغيير طابع وهوية مدينة القدس من خلال الممارسات الإجرامية على شعبنا
ــ صدور أوامر اعتقال ضد «نتنياهوا» و«جالانت» خطوة على طريق العدالة الدولية وانصافًا لضحايا شعبنا الفلسطيني
قال السفير عمر عوض الله، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للأمم المتحدة،إن الموقف الصلب للشقيقة مصر في مواجهة حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، ساهم في حماية الشعب الفلسطيني وقضيته من التقويض والتهميش والانهاء، بما فيه مشاريع التهجير القسري للحكومة الفاشية الإسرائيلية.
وأضاف مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للأمم المتحدة في حوار خاص لـ«جريدة النهار المصرية»، أن خطة إعادة إعمار غزة التي وضعتها مصر هي في واقع الأمر خطة مصرية فلسطينية تم التنسيق الكامل فيها بين البلدين والقيادتين، ومصر كان لها دور كبير من أجل اعتمادها من قبل المجمع العربي.
وإلى نص الحوار..
ــ ماذا عن الأوضاع في غزة والضفة الغربية تحديدًا بعد وقف إطلاق النار؟
إن الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة كارثية، خاصة في قطاع غزة، بسبب حرب الإبادة المستمرة منذ 16 شهرًا، والآن إسرائيل تقوم بنسخ جريمة الإبادة التي ارتكبتها في قطاع غزة لتنقلها إلى الضفة الغربية، بما فيها القدس من خلال عدوانها على مدن وقرى ومخيمات اللاجئين في شمال الضفة الفلسطينية، وخاصة في طولكرم، وجنين ونابلس.
رغم وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلا أن إسرائيل تواصل في استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وتمنع الآن إدخال المساعدات بشكلها الكافي، وهناك أكثر من 150 شهيدًا منذ وقف إطلاق النار يضافون إلى أكثر من 48.400 ألف شهيد و 111.900 مصاب.
في الضفة الغربية بما فيها القدس الاعتداءات مستمرة، والجرائم في المدن الفلسطينية وخاصة في الشمال حيث رحلت قسرا أكثر من 40 ألف فلسطيني خرجوا من منازلهم ومراكز حياتهم فيما يشكل جريمة حرب واضحة، والآن وخلال شهر رمضان فإن الاعتداءات على المواقع الدينية الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس المقدسة، ومنع المصلين من أداء الشعائر الدينية وممارسة حقهم في العبادة، كذلك الاعتداء على الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل.
ــ كيف ترى الخطة التي وضعتها مصر لإعمار غزة دون تهجير أهلها ؟
إن الموقف الصلب للشقيقة مصر في مواجهة حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، ساهم في حماية الشعب الفلسطيني وقضيته من التقويض والتهميش والانهاء، بما فيه مشاريع التهجير القسري للحكومة الفاشية الإسرائيلية، ويأتي الموقف المصري في اتساق وتنسيق تام مع القيادة الفلسطينية، والأشقاء العرب.
خطة إعادة إعمار غزة التي وضعتها مصر هي في واقع الأمر خطة مصرية فلسطينية تم التنسيق الكامل فيها بين البلدين والقيادتين، وأن التهجير القسري للشعب الفلسطيني هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا، وأن إعادة الإعمار لقطاع غزة ممكن دون تهجير أهله، كما أن لمصر دور كبير في المبادرة من أجل اعتماد الخطة المصرية الفلسطينية من قبل المجمع العربي من خلال قمة طارئة، وتلبية لطلبنا من أجل إنهاء احتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية، وإغاثة وإعادة إعمار قطاع غزة كعوامل للاستقرار والأمن والسلام في المنطقة.
خطة إعمار قطاع غزة تأتي كي تقطع الطريق على أي أفكار تريد أن تُهجر الشعب الفلسطيني بأي شكل من الأشكال، وتشكل مراحل هامة في الإغاثة والتعافي المبكر وصولا إلى إعادة الاعمار، وكذلك التكلفة المالية لكل مرحلة من مراحل الخطة.
ــ ما تعليقك على القمة العربية الطارئة واعتمادها خطة مصر لإعمار غزة؟
إن انعقاد القمة العربية الطارئة يؤكد الدعم العربي للقضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للعرب، وتأتي في هذا الوقت بالذات للتأكيد على الرفض المطلق للتهجير للشعب الفلسطيني، وأن اعتماد الخطة المصرية الفلسطينية لإعادة الإعمار واعتبارها خطة كل العرب هي بمثابة تأكيد على عربي على إمكانية إعادة الاعمار دون ترحيل أو تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وتأكيد على دعم صمود الشعب الفلسطيني، كما أن انعقاد هذه القمة يذكرنا بالقمم العربي ذات الثقل والزخم، ويعيدنا إلى حقبة الإجماع العربي والموقف العربي الصلب لمواجهة السياسات والممارسات الإسرائيلية غير القانونية، ومعها الجهات المتواطئة ضد شعبنا الفلسطيني.
ــ بما أنك مساعد لوزير الخارجية الفلسطينية للأمم المتحدة.. كيف ترى المنظمة الأممية بشأن ما يحدث فى فلسطين؟
هناك مسؤولية تاريخية على المنظمة الأممية تجاه القضية الفلسطينية وهي تشكل الخزان للحقوق الفلسطينية، فقد أصدرت المنظومة الدولية العديد من القرارات الداعية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، وتحقيق الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، وهناك قرارات لحماية حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وحق تقرير المصير، والاستقلال، كما أن القرارات الرافضة للاستيطان وإرهاب المستوطنين تعتبر أساسا في الحراك القانوني الدولي ضد الاستعمار الإسرائيلي، فالمشكلة ليست في عدم اتخاذ الأمم المتحدة للقرارات اللازمة بقدر ما هو صلف إسرائيل، ورفضها لتطبيق القانون الدولي وقراراته باعتبارها دولة مارقة وخارجة عن القانون الدولي، وتخاذل وانحياز وتواطؤ بعض الدول بما يشجع ويمنح إسرائيل الحصانة من العقاب، مع ذلك يبقى على الأمم المتحدة واجبات العمل لتنفيذ قراراتها بما يخص القضية الفلسطينية على طريق إصلاح الخلل والظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني منذ النكبة.
ــ ما مصير وكالة غوث للإجئين "الأونروا" وكيف ترى عمليات التضييق على دورها في اغاثة اهالي قطاع غزة؟
نحن نرى أن مصير “الاونروا” مرتبط بقضية اللاجئين وحلها حلا عادلا استنادًا إلى قرارات الأمم المتحدة، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين قرار الجمعية العامة 194 ، وأن هناك محاولات مستمرة من إسرائيل من أجل تقويض علمها، وتقويض قضية اللاجئين، وتغيير الصفة القانونية للاجئين، وأن التضييق عليها ومنع تمويلها ومحاولات استبدالها هي محاولات يجب مواجهتها ورفضها، ودور الأونروا كان محوريا خلال حرب الإبادة ضد شعبنا في قطاع غزة، في الإغاثة، والتعافي المبكر، ولها دور رئيس في إعادة الإعمار ودورها في القدس وفي الضفة الغربية وخدماتها هي شريان حياة للشعب الفلسطيني ولاجئيه، فلا يوجد مؤسسة أممية قادرة على القيام بدور الاونروا، فـ إسرائيل على مدار الأعوام الـ 76 عملت على تقويض عمل جميع المنظمات الدولية الداعمة لوجود وبقاء وصمود الشعب الفلسطيني.
ــ كيف تقيمون مذكرات الاعتقال الخاصة “نتنياهوا" و"جالانت” الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية ؟
إن المحكمة الجنائية الدولية واحدة من أهم مؤسسات العدالة الدولية، وقراراتها في استصدار أوامر اعتقال ضد المسؤولين الإسرائيليين هي خطوة على طريق العدالة الدولية والإنصاف لضحايا الشعب الفلسطيني، على الرغم أن المحكمة قد تأخرت في إصدار هذه الأوامر لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير حربه إلا أننا ما زلنا نعمل من أجل أن تقوم المحكمة في إصدار أوامر اعتقال أخرى ضد المجرمين الإسرائيليين الذين يرتكبون جريمة الاستيطان الاستعماري، وأولئك الذين يشجعون ويرتكبون الجرائم ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة،فلا سلام بدون عدالة ولا عدالة دون مساءلة.
ــ كيف تقيمون العقوبات التي فرضها ترامب على الجنائية الدولية ؟ وهل هي مقدمة لإسقاط حقوق الفلسطينيين؟
حقوق الشعب الفلسطيني مكفولة في القرارات الأممية ومحصنة بصمود الشعب الفلسطيني وصلابة موقفة، فلا أحد يستطيع اسقاط حقوق شعبنا، فـ العقوبات التي تم فرضها ضد المحكم الجنائية الدولية هي عقوبات على كل المنظومة الدولية المتعددة الأطراف ويجب رفضها، المحكمة الجنائية هي مؤسسة عدالة دولية وقائمة على أسس قانونية جاءت من أجل مواجهة الجرائم التي ارتكبت ضد الشعوب في محاولة لردع ارتكاب الجرائم، وأن إضعاف هذه المؤسسة إضعاف لكل المؤسسات الدولية، وهذا بطبيعة الحال بحاجة إلى جهود دولية وموقف دولي حازم لدعم المحكمة الجنائية الدولية ماديًا ومعنويًا، وحماية العاملين فيها و القضاة والمدعي العام.
نحن نقول أن القضية الفلسطينية هي اختبار للعدالة الدولية وللنظام الدولي وهذا الاختبار يجب أن لا يفشل، فتبعات فشل المنظومة الدولية متعددة الأطراف القائمة على القانون ستكون صعبة على كل العالم وليس فقط على الشعب الفلسطيني.
ــ كيف تنظر فلسطين إلى الدور المصري والأردني والقطري في دعم القضية الفلسطينية خاصة في ظل التحولات الإقليمية؟
الأشقاء في مصر والأردن هي دول قريبة ليس فقط جغرافيًا مع دولة فلسطين بل مرتبطة بأمنهم القومي، وخاصة في ظل الحديث عن التهجير القسري، والأثر الكارثي على الشعب الفلسطيني وعلى الأشقاء في مصر والأردن، وصلابة موقفهم في رفض التهجير القسري للشعب الفلسطيني ودورهم الهام في إدخال المساعدات، ودعم الموقف الفلسطيني في المنظومة الدولية إلى جانب الأشقاء العرب بما فيهم قطر والتي لعبت دورًا رئيسيًا إلى جانب مصر في الوساطة للتوصل إلى وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، لوقف العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة.
ــ هل تعتقد أن الاتحاد الأوروبي يمارس ضغوطًا كافية على إسرائيل أم أن موقفه لا يزال خجولًا؟
الاتحاد الأوروبي هو من أكبر الداعمين لدولة فلسطين، ويعتبر أحد الهيئات الدولية التي تعتبر مدافعة هم القانون الدولي ومؤسساته بما فيها المؤسسات المتعددة الأطراف القائمة على القانون، ولكن لم يسلم الاتحاد الأوروبي من المعايير المزدوجة التي تشجع إسرائيل في جرائمها، وخاصة بعد أن قام الاتحاد الأوروبي في عقد ما يسمى باجتماع الشراكة الأوروبية الإسرائيلية في مخالفة واضحة لأحكام القانون الأوروبي لعقد مثل هذه الاجتماعات، وخاصة أنه ينتهك المادة الثانية الخاصة بعدم انتهاك حقوق الانسان، وهو ما تتقنه إسرائيل في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني، وارتكابها الإبادة الجماعية ضد شعبنا.
الموقف الأوروبي بحاجة إلى تطوير في الضغط على إسرائيل، ووضع عقوبات عليها ضد انتهاكاتها الممنهجة وواسعة النطاق للقانون الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني.
ــ كيف تتعامل الدبلوماسية الفلسطينية مع الانتهاكات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى؟
تتابع الدبلوماسية الفلسطينية الانتهاكات الإسرائيلية كافة بما فيها في العاصمة في مدينة القدس، وضد المسجد الأقصى المبارك، وخاصة ونحن في شهر رمضان الفضيل حيث تتعمد إسرائيل في حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في العبادة والوصول إلى المسجد الأقصى.
ولذلك تتوجه الخارجية إلى المؤسسات الأممية وخاصة مجلس الأمن والجمعية العامة من أجل وقف اعتداءات إسرائيل على المدينة والأماكن المقدسة، بالإضافة إلى منظمة اليونسكو باعتبارها المنظمة المسؤولة عن التراث العالمي المهدد بالخطر، والتي وضعت القدس وأسوارها ومدينتها القديمة على لائحتها للحماية.
لا سيادة لـ إسرائيل على مدينة القدس، ولكنها كقوة احتلال تمارس إجرامها ضد المدينة المقدسة وشعبنا الفلسطيني ككل، لتغيير الوضع القانوني والتاريخي الراهن للقدس، وتغيير طابع وهوية المدينة، وهو ما تواجهه الدبلوماسية الفلسطينية بالتعاون مع الأشقاء العرب.