النهار
الإثنين 16 سبتمبر 2024 10:10 مـ 13 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: حرب المخيمات فى الضفة الغربية تهز عرش نتنياهو

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

ما زالت حكومة إسرائيل النازية المتطرفة والفاشية والوحشية تضرب بكل القوانين الدولية عرض الحائط، فى مشهد أصبح متكررًا بنفس السيناريو، وهذه المرة بإبادة الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية من خلال حرب مدن ومخيمات خاصة فى الخليل وجنين، بل استهداف ممنهج للأماكن الإسلامية المقدسة فى القدس الشريف، حتى تسببت فى مقتل 6 من الأسرى كانوا مدرجين فى صفقة تبادل الرهائن.

وهذا يعطى انطباعًا ودلالة خطيرة على أن حكومة اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو لا تهتم بالأسرى، ولكن بتنفيذ مخطط تهويد الدولة الفلسطينية، والاستيلاء على الأراضى الفلسطينية المتبقية، لأن المشروع الإسرائيلى المدعوم من بايدن شخصيًّا يسير فى الاتجاه المرسوم له، فمسألة التفاوض هى مجرد مضيعة للوقت واللعب بمشاعر الشعب الفلسطينى الذى ضرب أروع الأمثلة فى الصمود والمقاومة والتحدى، وهذا الأمر أدركه الجميع حتى الإسرائيليون أنفسهم الذين فهموا عدم جدية حكومة نتنياهو فى المفاوضات لاستعادة الرهائن، فخرجوا فى مظاهرات حاشدة، ونفذوا إضرابًا عامًّا، فخرج نتنياهو فى تصريح مضحك مبكٍ بأن هذه المظاهرات وهذا الإضراب تدعم السنوار وحماس وضد الدولة اليهودية!.

وليست قضية إسرائيل هى المقاومة الفلسطينية فى غزة سواء حماس أو الجهاد أو الفصائل الفلسطينية، فهذه مجرد شماعة سياسية، وما يجرى فى الضفة الغربية هو أكبر دليل عملى وواقعى بأن إجراءات حكومة الاحتلال تأتى لزرع المستوطنين الإسرائيليين فى مدن وقرى الضفة الغربية وهى أول خطوة لمحاولة تهجير البقية الباقية من الشعب الفلسطينى إلى الأردن.

والأخطر، ونحن نحذر، أنهم سيقومون بتهويد المسجد الأقصى وتغيير هوية الحرم الإبراهيمى (هيكل سليمان المزعوم)، حتى لا يكون للمسلمين أو حتى للمسيحيين أى وجود فى الأراضى المقدسة.

إن العالم الذى يتفرج علينا لن يفعل شيئًا، لسبب بسيط جدًّا ومنطقى وواقعى أننا، كعرب ومسلمين، كل ما نمتلكه هو الإدانة والشجب، وليس هناك أى قرار عربى أو إسلامى لوقف التطبيع، أو قطع العلاقات مع إسرائيل وأمريكا التى تعتبر اللاعب الرئيسى، أو مقاومة الاحتلال الإسرائيلى بالسلاح أو المال، فالمسئولية، الآن، تكشف عورات النظام العربى والإسلامى، وتفضح بعض الحكومات العربية التى ما زالت تريد أن تطبّع مع الكيان الصهيونى.

والواقع أنه إذا لم يتم اتخاذ قرار وموقف لمواجهة الكيان الصهيونى بقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية، فإننا نتكلم فى الهواء، وسيكون الثمن هو تصفية القضية الفلسطينية من الوجود، وهذا ما أكده (وعد بايدن الذى ما زلت أكرر وأؤكد أنه أكثر خطورة من وعد بلفور) لأنه يريد إلغاء فلسطين من الخريطة العالمية، وما يجرى فى الضفة الغربية هو خير دليل على هذا المشروع الإسرائيلى الأمريكى الأوروبى، فهذه الدول هى التى تبارك خطوات نتنياهو وتدعمه سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا.

لن نتحدث ولن نبكى ولن نكرر مصطلحات وسائل الإعلام من إبادة جماعية ونسف للبنية التحتية من كهرباء وماء وصرف صحى ومستشفيات ومدارس، فاليوم هو يوم اتخاذ القرار والمواقف، لأن التاريخ والأجيال القادمة ستحاسب الجميع.

فلذلك أطالب الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن بضرورة تفعيل اتفاق بكين لتوحيد القوى الوطنية للشعب الفلسطينى، وتشكيل حكومة وطنية تسمى (حكومة المقاومة والصمود والبقاء).

ثانيًا: إلغاء أى تنسيق أمنى يتم بين السلطة الفلسطينية فى رام الله والضفة الغربية مع الكيان الصهيونى، خصوصًا بعد كل ما جرى فى غزة، وما يجرى الآن فى مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية.

ثالثًا: أن يخرج محمود عباس أبو مازن ويعلن انتهاء اتفاق أوسلو الذى مات إكلينيكيًّا.. كما أن فكرة ذهابه إلى غزة ماتت، والأفضل أن يبقى فى الضفة الغربية، وأن تتحرك كل كتائب منظمة فتح الفلسطينية للتنسيق مع حركات المقاومة الأخرى، وتتوحد تحت راية واحدة، أمام هذا الطوفان الإسرائيلى القادم للاستيلاء على البقية الباقية من الأراضى الفلسطينية.

رابعًا: يجب أن يتم عقد قمة عربية إسلامية طارئة بالقاهرة، وأن يتم اتخاذ قرارات قابلة للتنفيذ، أهمها دعم وتمويل الحكومة الفلسطينية الجديدة بالمال والسلاح، واستخدام ورقتى البترول والغاز، والتهديد بقطعهما عن أوروبا وأمريكا، إذا استمر هذا الهجوم البربرى على الضفة الغربية والمسجد الأقصى.

وأخيرًا.. يجب أن تتيح الحكومات العربية والإسلامية الفرصة أمام شعوبها، لتقديم الدعم للشعب الفلسطينى، أو حتى المشاركة فى المقاومة إذا لزم الأمر، فهذا المد الصهيونى لم يحدث مثله فى تاريخ البشرية والإنسانية.

إذا لم يتم تفعيل هذه الاقتراحات، فسنكون متهمين أمام التاريخ، بل أمام الله، عز وجل، بأننا لم نقف خلف الشعب الفلسطينى، وللعلم فإن فلسطين هى المقدمة، وسيتلوها أراضٍ من دول عربية أخرى، وهنا أتذكر مقولة الشاعر على محمود طه:

أخى جاوز الظالمون المدى.. فحق الجهاد وحق الفدا

اللهم بلغت اللهم فاشهد

وشكر الله سعيكم