أسامة شرشر يكتب: ضربة إيرانية لإسرائيل.. أم بداية حرب إقليمية في المنطقة؟
وأخيرًا جاء الرد الإيراني لأول مرة من داخل الأراضي الإيرانية، بعد الصبر الاستراتيجي الذي دام طويلا على ما تفعله إسرائيل من ضربة تلو الأخرى للعلماء والباحثين والمفاعلات النووية ووصل الأمر إلى استباحة الأماكن الدبلوماسية في سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ العالم، ليأتى الرد الإيراني بعشرات الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة التى استهدفت أماكن عسكرية ومطارات إسرائيلية وموانئ داخل العمق الإسرائيلي.
ولكن هذه الصحوة الإيرانية، لم تأت من فراغ، ولكنها كما قلنا سابقا، نتيجة لانتفاضه الأقصى التى هزت إسرائيل، وأسقطت هيبتها الأمنية والعسكرية، حولتها إلى كيان مسعور، يرتكب إبادة جماعية لم تحدث من قبل في تاريخ البشرية وسط صمت عالمي وعربي، فجّر المنطقه بأسرها وغير نظرية التحالفات الجيوسياسية، فدخلت إيران لأول مرة على خط المواجهة المباشرة مع إسرائيل، ونتيجةً للدعم الروسي والصيني للموقف الإيراني هبت أمريكا لتدافع عن إسرائيل، ولكن كما قلتها وأكررها دائما (المتغطى بالأمريكان عريان ياعرب).
فهذه هي المرة الأولى منذ حرب أكتوبر المجيدة 1973، والتى لقن فيها جيش مصر خير أجناد الأرض الكيان الصهيوني درسا لا ينسى ودمروا فيها خط بارليف المنيع، وأسقطوا معه الوهم الإسرائيلي، التى تدخل فيه دولة لها ثقلها في المنطقة في معركة عسكرية مباشرة مع إسرائيل، وليس حرب وكالة من خلال الحوثيين أو حزب الله.
فالصواريخ والمسيرات الإيرانية هزت أرجاء إسرائيل، وأثارت الرعب والفزع بين سكانها، الذين لم يفيقوا بعد من صدمة (طوفان الأقصى)، وهو أمر كان لا بد له أن يحدث بعد (البرطعة) الإسرائيلية في المنطقة، وقتل واستهداف العلماء والمفاعلات النووية والأماكن العسكرية والمدنية، حتى تمادت إسرائيل وضربت القنصلية الإيرانية في دمشق، وهي أماكن دبلوماسية كان العالم يعتبرها خطا أحمر، ووصلت بإسرائيل البلطحة أن تضرب وتستهدف وتقتل كما تشاء في لبنان وإيران والعراق، فكان لا بد من رد في العمق الإسرائيلي نفسه.
فردود الفعل العربية السابقة على البلطجة الإسرائيلة كانت (لا رد على الإطلاق) خشيه من الشيطان الأمريكي الأكبر والحسابات الاستراتيجية المحدودة، ولكن عندما تغيرت كل المعادلات جاء الرد الإيراني وأصاب الكيان الإسرائيلي في مقتل، خصوصا بعدما فعله في العالم العربي وخاصة في غزة وجرائم إسرائيل التى لم يسبق لها مثيل في التاريخ البشري، والتى جعلتها تشعر بأنها دولة فوق القانون الدولي وفوق الحساب وفوق البشر.
فدخول إيران الآن على خط المواجهة العسكرية المباشره مع إسرائيل جعلنا نسمع صافرات الإنذار داخل كل مدن الكيان من بئر السبع جنوب لبنان وصحراء النقب وصل الأمر إلى خليج حيفا وأصابت الصواريخ الإيرانية وتصيب أهدافا عسكرية ومطارات وأماكن صناعية وبترولية ومصانع أسمدة في تل أبيب وكل المدن الإسرائيلية من خلال صواريخ ومسيرات جعلت المجتمع الإسرائيلي في حاله من الرعب، ورغم الترسانة الإسرائيلية فالضربات الإيرانية تتوالى وإسرائيل تشعر ببعضٍ مما شعر ويشعر به أهل غزة والضفه الغربية والقدس الشريف يوميًا، وأنا كمصري وقومي وعروبي سعيد بما تفعله إيران لأن الكيان الشيطاني الصهيوني الذي يقف وراءه الشيطان الأكبر أمريكا لا يضع اعتبارًا على الإطلاق للجنس العربي، فلو وصل الامر لضرب مفاعل ديمونه وتل ابيب وحيفا ستعرف إسرائيل حجمها الحقيقي وتفكر 1000 مره قبل أن تضرب العراق أو سوريا أو لبنان أو إيران أو حتى غزه .
وكما أعلنتها من قبل، لو توحدت مصر وإيران ستتغير المعادلة في المنطقة وستعرف إسرائيل حجمها الحقيقي وسيكون هناك تغير في معيار القوة في المنطقة العربية.
فما جرى الليلة هو تغيير في معادلات الصراع العربي الاسرائيلي وفي القضية الفلسطينية، والآن لابد أن يتشكل محور جديد يكون على رأسه مصر وإيران، فهما الدولتان القادرتان على إيقاف هذا الشيطان الإسرائيلي الأمريكي الذي فعل بنا كعرب ومسلمين ما لم يحدث في تاريخ المنطقة. انتبهوا.. فخريطة الصراع العربي الإسرائيلي تتغير الآن.
ودخول إيران على خط المواجهة العسكرية بالصواريخ والمسيرات سيغير نظرية التفوق الاسرائيلي التي عانينا منها كثيرا، والحقيقة أن طوفان الأقصى وانتفاضة أهل غزة والضفة الغربية والقدس، هي التى بدأت في كسر هذه النظرية على أرض الواقع.
افيقوا يا عرب
يجب أن تتغير معادلة اللعبة بأيدينا قبل أن تتغير قواعد الاشتباك العسكرية بأيدي الآخرين.
هذه ليلة من الليالي التاريخية التي نشعر فيها ببعض الثأر لأهلنا في غزة الذين تم إبادتهم وقتلهم وتدمير بيوتهم ونحن صامتون.
والسؤال: هل ستنفجر المنطقة في المرحلة القادمة وتدخل أطراف عربية أخرى خاصة سوريا ولبنان والعراق لعبة المواجهة مع الكيان الاسرائيلي وتبدأ حربا إقليمية كبرى في المنطقة، أم أن ما حدث هو ضربة محدودة تمثل رسالة لإسرائيل أن أيدى إيران قادرة أن تطولها خصوصا مع الرد الإسرائيلي الذى أتوقع ألا يتأخر على الضربة الإيرانية؟!
هذا ما ستجيب عنه الساعات القادمة.