أسامة شرشر يكتب: انتخابات مصر وسط طبول الحرب فى غزة
لا شك أن إجراء الانتخابات الرئاسية فى هذا التوقيت المهم والحساس، يعطى دلالة قوية للاستقرار الأمنى والجيوسياسى فى مصر، بالرغم من اشتعال الحدود واستمرار طبول الحرب على حدودنا الشرقية فى غزة، والمخطط الصهيونى الذى يعمل على تصدير الأزمات للدولة المصرية فى هذه الحرب من خلال المخيمات فى رفح الفلسطينية، التى أصبحت على بُعد 500 متر من حدودنا مع غزة.
ولا بد أن تعترف إسرائيل بهزيمتها على يد المقاومة الفلسطينية، وألا تختزل المقاومة فى حماس فقط، فهناك الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية التى تعتبر مكونًا أيديولوجيًا يساريًا بجانب المكون الإسلامى.
ولا ننسى أن البطل الحقيقى فى المقاومة هو شعب غزة الذى ضرب أروع البطولات فى التمسك بالأرض، وهذا لم يحدث منذ نكبة 1948.. فنرفع القبعة إلى 2.5 مليون مواطن فلسطينى والطفل الفلسطينى والمرأة الفلسطينية، هما رمز المقاومة الفلسطينية التى تدافع عن أرضها بكل مكوناتها، وهى ليست مجرد ظاهرة مفاجئة فى 7 أكتوبر، كما يصور الإعلام الصهيونى، لكنها نتاج أطفال الحجارة منذ عام 1988 الذى أنشأها كفكرة خليل الوزير، الذى قال مقولته المشهورة: إذا لم تستطع أن تحمل سلاحًا فاحمل حجرًا، فكانت ثورة الحجارة التى هى الآن المقاومة الفلسطينية فى غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة، وهى المقاومة التى أشعلت الحماسة العربية مرة أخرى، فالشعوب العربية والإسلامية أصبحت تواقة، وتنتظر كلمة أبوعبيدة هذا الرمز الفلسطينى، الذى يمثل رمزًا للكرامة العربية والإسلامية، وما أحوجنا الآن إلى 1000 أبوعبيدة فى كل المجالات.
هؤلاء الشباب الجدد مسلحون بقيم الحفاظ على الأرض والتضحية واستخدام أحدث التكنولوجيا فى تطوير الصناعات والآليات العسكرية للمقاومة؛ ليواجه أعتى تسليح فى تاريخ الحروب من أمريكا وحلفائها الأوروبيين لمحاولة إسقاط المقاومة وليس حماس فقط.
ولا بد أن نفرق ما بين اليهود والصهاينة، فاليهودية كديانة نجلها ونحترمها لكن الصهيونية هى مرادف للماسونية، الذين حرقهم وأذلهم هتلر، وهذا لم يأتِ من فراغ، لكن السلطة الدينية (الكنيسة) فى القرون الوسطى فى أوروبا، أذلت الصهاينة ورفضت أن تمنحهم المواطنة، وأن محاولات الدمار والإبادة الجماعية التى يقوم بها الكيان الصهيونى لأهل غزة، هى عقدة نفسية تاريخية لهؤلاء القادمين من الشتات فى كل أنحاء العالم، الذين رعتهم الماسونية والصهيونية؛ لإنشاء وطن بديل لهم على الأرض الفلسطينية، وللأسف الشديد أن الإعلام المصرى أو العربى لا يسلط الضوء على ما يُقال فى الإعلام والإذاعة الإسرائيلية بل وصل الأمر إلى أن المراكز البحثية الإسرائيلية تقوم بتعريف الإسلام بطريقتها من خلال اتفاقات مع المراكز البحثية الأمريكية والأوروبية لتشوه الإسلام والمسلمين.
وكما قلنا منذ أسبوع قبل التصويت فى مجلس الأمن، عندما استخدم أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، المادة 99 من ميثاق الأمم لأول مرة لوقف الحرب وعمل ممرات إنسانية لتوصيل المساعدات، خرج الفيتو الأمريكى الذى حرق المجموعة الوزارية التى حاولت أن تقنع الجانب الصهيونى داخل الإدارة الأمريكية بوقف الحرب، وذهبت رحلاتهم المكوكية هباءً، رغم أن الموقف سيتم عرضه على الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن أمريكا المجرم الحقيقى لا تخشى هى أو إسرائيل إلا لغة القوة.
وكنت أتوقع أن تقوم اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بالتجييش واستغلال عامل الوقت والزمان والمكان وأن الشعب الفلسطينى يُحرق ويُباد، بأن تتحالف مع الصين وروسيا، وأن يكون هناك لوبى عسكرى قوى لوقف هذه المجزرة وهذه المذبحة الإسرائيلية.. ورغم ذلك استطاع الحوثيون فى اليمن أن يلقنوا العسكرية الإسرائيلية والأمريكية درسًا فى البحر الأحمر من خلال الصواريخ والمسيرات، لكن لم تلوح الدول العربية والإسلامية باستخدام أى قوة، لوقف هذا النزيف وإبادة أهلنا فى غزة والضفة والقدس المحتلة.
والحقيقة أن إسرائيل لم يبقَ أمامها ما تخشاه فى المنطقة إلا الجيش المصرى وشعبها الأبى التواق للذهاب إلى غزة، كما أن مصر لن تسكت طويلًا أمام مخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، فأى خطأ استراتيجى على حدود غزة قد يكون سببًا فى إلغاء اتفاقية السلام مع الجانب الصهيونى واشتباك المنطقة فى صراع عسكرى كبير، لكن العذر الوحيد أمام مصر أن المواقف العربية تغيرت وتبدلت عن عام 1973 باستخدام سلاح النفط والدعم العسكرى، لمواجهة هذه الآلة العسكرية التى أحدثت الدمار والخراب الذى لم يحدث فى الحرب العالمية الأولى ولا الثانية ولا فى أى حرب على مستوى الكرة الأرضية، وما استخدم من قنابل وأسلحة لإزالة البنية الإنسانية والبنية التحتية من على الخريطة، وهاهو الكونجرس الأمريكى وبايدن يدعم إسرائيل أو يدعم نفسه بمعنى أدق بـ106 ملايين دولار تحت بند القضاء على حماس، ولن يتم القضاء عليها على الإطلاق والأيام قادمة.
إن حالة الإذلال النفسى والمعنوى لجيش الاحتلال الإسرائيلى تعطى مؤشرًا خطيرًا بأن المقاومة تكبد الجانب الإسرائيلى خسائر بشرية فى الجنود والضباط لم تحدث من قبل، بالإضافة إلى ورقة الأسرى الإسرائيليين التى أجادت المقاومة التفاوض بها ومن خلال الوسيط المصرى الذى هو أقوى وسيط؛ لأنه ليس له أجندات أو أطماع فى غزة، لكن قدر مصر أن تظل تدفع فاتورة من الشهداء من أبناء القوات المسلحة للدفاع عن القضية الفلسطينية منذ عام 1948 ومعها الأردن.
أما وقد انتهينا من الاستحقاق الرئاسى بخير، فإن المرشح عبدالفتاح السيسى هو مرشح الحدث والموقف فى هذا التوقيت الذى تشتعل فيه حدودنا مع غزة والسودان وليبيا، لكن كتب على مصر أن تدفع فاتورة تبعية وخذلان وهرولة الآخرين للتطبيع مع الكيان الصهيونى تحت الوصاية الأمريكية التى أصبحت تعتبر أن حلفاءها فى الشرق الأوسط لا وجود لهم أمام الحليف الوحيد، وهو إسرائيل.
وكما أكررها فى كل كتاباتى ومقالاتى (المتغطى بالأمريكان عريان).
فيجب عودة الحكومات العربية إلى الشعوب والتلويح باستخدام القوة وإنشاء لوبى جديد بدلًا من الهرولة والتطبيع مع الكيان الصهيونى والخضوع للوصاية البايدنية الأمريكية؛ لأن الانحياز للشعوب واستخدام القوة هو الحل ولا تفاوض مع المخطط الصهيونى الذى يعمل منذ أيام هنرى كيسنجر إلى حذف العواصم العربية من على خريطة الشرق الأوسط.
فالنصر للمقاومة الفلسطينية وحماس والجبهة الديمقراطية وكل طفل وامرأة وشاب فى غزة والضفة.
فاصبروا وصابروا ولا تقنطوا من رحمة الله..
فالنصر دائمًا مع المجاهدين والأحرار وأصحاب الحق..
واقرأوا الفاتحة على الحكومات العربية..