أسامة شرشر يكتب: «اللهم لا اعتراض»
أنا فى وادٍ يا رب وأحداث نقابة المهندسين فى شأن آخر.
«اللهم لا اعتراض» على ما يجرى فى مصر المحروسة.
فما حدث داخل نقابة المهندسين منذ أيام قليلة هو رصاصة غادرة فى وجه الحقيقة ومحاولات فتح نوافذ وشبابيك الحرية أمام الرأى الآخر؛ لأن فولت المواطن المصرى ارتفع أمام هذه الخروقات غير المبررة فى هذا التوقيت المهم والحساس.
فأحداث نقابة المهندسين، الصادمة، تمثل بكل المقاييس والمعايير ردّة ديمقراطية داخل أحد الصروح النقابية وهى نقابة المهندسين التى خرج علينا نقيبها طارق النبراوى فى مشهد سيبقى فى ذاكرة تاريخ نقابة المهندسين وبالصوت والصورة وفى فيديوهات صادمة، تمثل صرخة لرئيس الجمهورية لإنقاذ النقابة من البلطجية الذين استخدمهم أحد أعضاء حزب مستقبل وطن، وهذا هو البلاغ الذى قدمه للنائب العام للتحقيق وكشف الحقائق فيما جرى من دهس وكسر وتمزيق للصناديق وأصوات الناخبين فى نقابة المهندسين.
وهذا المشهد يذكرنا بواقعة ما زالت عالقة أمامنا وهى موقعة الجمل، فما بين موقعة الجمل وموقعة المهندسين، حدثت تغيرات وخطوات خطيرة فى سماء مصر المحروسة.
وكان الفيتو النقابى الذى قدمه أعضاء نقابة المهندسين، وصرخة النائبة مها عبدالناصر، النائبة عن الحزب المصرى الديمقراطى، هما أكبر دليل على حجم الجريمة التى تمت فى حق الوطن والدولة؛ لأن هذا المشهد المأساوى حدث أثناء الاستفتاء على سحب أو تجديد الثقة فى نقيب المهندسين بما له أو عليه.
ولكن هذا المشهد الانتخابى الدرامى لا يمكن لإنسان أن يتخيل السيناريو الخاص به؛ مما يعيدنا بالذاكرة إلى بلطجة الحزب الوطنى الذى تم حله بإرادة جمعية من الشعب المصرى، والذى تم حبس قياداته وأمين تنظيمه أحمد عز الذى احتقر المواطنين واستخف بهم فى ذلك التوقيت، واحتكر الحديد حتى وصل سعره الآن إلى حوالى 50 ألف جنيه للطن الواحد.
ونقولها: «اللهم لا اعتراض» على ما يجرى من بقاء هذه الرموز التى استباحت الوطن والمواطن المصرى، والتى أسقطها الشعب المصرى فى كل ميادين مصر، وعادوا ليطلوا علينا مرة أخرى بأشكال جديدة، وابتدعوا بدعة خطيرة وهى المال السياسى والكراتين السياسية والاستعانة بالبلطجية، وإنشاء ما يشبه الأولتراس الذين ما زلنا نعانى من آثارهم فى ملاعب كرة القدم، وأصبحوا ورقة سياسية تُستخدم للضغط على الخصوم.
وهذا نتاج غياب الرؤية لتطهير البلاد من هؤلاء الأقزام، ليكونوا عبرة لكل من يجرؤ على أن يتطاول ويحاول فرض أمر واقع على رأى وصوت المواطن المصرى، سواء فى نقابة المهندسين أو فى أى استحقاق انتخابى آخر.
وخطورة المشهد الذى حدث فى نقابة المهندسين هى تداعياته أمام وسائل الإعلام المحلية أو الإقليمية أو الأجنبية؛ مما يعيدنا للمربع رقم صفر، وكأنه لم تحدث ثورة ولم يطالب الشعب بالحرية فى اختيار من يريد.
القضية الأخطر أن الذين فعلوا ذلك يروجون أنه لا يستطيع أحد محاكمتهم، وهذا ما أخشاه ولا أتمناه، من عدم فرض القانون على الجميع، والعدالة الناجزة فى هذه الأحداث الدامية التى تشوه صورة الدولة المصرية، وتضع الحكومة فى مأزق، وتُسقط الأقنعة عن الجميع، خصوصًا أنه لم يتم اتخاذ أى خطوة حتى الآن بخصوص هذا الحدث الدامى الذى أحدث هزة وزلزالًا سياسيًّا لدى الرأى العام، والشعب المصرى فى كل أنحاء الجمهورية، وأصبح حديث الناس: ماذا جرى؟ ولماذا لا يُحاكَم هؤلاء الناس؟!.
والشىء المحير أن هذا الزلزال الذى حدث فى نقابة المهندسين جاء بعد أيام من الانتخابات الرئاسية التركية التى تابعها أغلب الشعب المصرى والعربى، وحصلت فيها المعارضة على 48% من أصوات الناخبين، فكانت الشفافية واحترام إرادة الجماهير، والأهم والأخطر احترام الصندوق الانتخابى الذى يُعد المعيار والحكم أمام الجميع؛ حتى تمنى البعض أن يحدث هذا المشهد الديمقراطى فى عالمنا العربى؛ لأننا بحكم التاريخ والجغرافيا والحياة البرلمانية العريقة نستحق ذلك.
والأخطر أن هذا المشهد البشع، الذى كشف عن العورات داخل نقابة المهندسين، حدث فى ظل انعقاد جلسات الحوار الوطنى، الذى يناقش قضية تداول المعلومات، فأين المعلومات من هذه الجريمة الانتخابية البشعة التى حدثت داخل نقابة المهندسين العريقة التى صدّرت كفاءات وعقولًا للعالم العربى بل للعالم كله، فى مواقع قيادية كانوا فيها نعم السفراء لمصر فى عالمنا العربى والإسلامى والإفريقى؟!.
ما استفزنى- كمواطن مصرى- هو حالة الصمت بعد هذه الواقعة، بل خروج البعض على شاشات التلفزيون للترويج أن حزب مستقبل وطن ليس له علاقة بهذا الموضوع، وهذا عكس ما أكده نقيب المهندسين بالصوت والصورة (الفيديو)، وكنت أتمنى من المستشار الجليل عبدالوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، رئيس حزب مستقبل وطن، الذى نُجِلُّه ونحترمه كأحد رموز العدالة المصرية، أن يخرج علينا وعلى الرأى العام باعتراف ضمنى بأن بعض العناصر فى الحزب قد فعلت ذلك، وأنه سيتم استبعادها ومحاكمتها إذا استدعى القانون ذلك، لتكون هذه بداية العلاج الحقيقى لأنه أولًا وأخيرًا حزب سياسى.. ولكن أن يقال إن الحزب لا علاقة له بأحداث نقابة المهندسين فالقاعدة تقول (نفى النفى إثبات) وهذا ما جرى ويجرى.
ارحموا هذا الشعب العظيم
يرحمكم الله
وللحديث بقية.
وشكر الله سعيكم.