حكم قراءة القرآن دون وضوء.. وثواب التلاوة من الهاتف
حكم قراءة القرآن دون وضوء، سؤال يطرحه العديد من الأشخاص عبر مراكز الفتوى، ومواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا في شهر رمضان المبارك، ونستعرض في هذا التقرير حكم قراءة القرآن الكريم دون وضوء.
حكم قراءة القرآن دون الوضوء
أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز مس المصحف لمن كان متلبسًا بالحدث الأصغر حتى يتوضأ، لقول الله تبارك وتعالى: "لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ"، ولما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنّه كتب كتاباً لأهل اليمن جاء فيه: "لا يمسُّ القرآنَ إلَّا طاهرٌ".
حكم قراءة القرآن دون وضوء، ذهب بعض أهل العلم أنه يجوز للمسلم قراءة القرآن دون وضوء من حفظه، حيث لم يرد في الشرع ما ينهي عن ذلك، والقراءة بالوضوء أفضل من عدمه.
رأي الإفتاء في قراءة القرآن دون وضوء
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا يشترط الوضوء لقراءة القرآن إلا إذا كانت من المصحف؛ فيلزم عندئذ الوضوء لأنه كتابُ لا يمسه إلا المطهرون.
وأضافت الإفتاء، لا يجوز شرعًا مس المصحف إلا لمن كان طاهرًا من الحدثين جميعًا؛ وهو قول مالك والشافعي والحنابلة، واحتجوا بكتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمرو بن حزم: «أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ".
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ» أخرجه الطبراني في "الكبير"، وقال أبو حنيفة: يجوز حمله بعلاقته بدون وضوء، ومنع ذلك مالك والشافعي.
أما بالنسبة للقراءة من المصحف: فيجب على القارئ أن يكون على طهارة تامة من الحدثين الأصغر والأكبر؛ لحديث علي رضي الله عنه: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ قَرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا لِمَنْ لَيْسَ بجُنُبٍ، فَأَمَّا الْجُنُبُ فَلَا، وَلا آيَةً» أخرجه أبو يعلي في "مسنده". أما إذا كان القارئ حافظًا للقرآن أو لجزء منه ويتلوه بغير مس للمصحف فلا مانع من ذلك شرعًا.
وإذا كان الشخص مريضا ويصعب عليه الحفاظ على وضوئه بسبب بعض الأمراض، وكان غير حافظ للقرآن؛ فإنه يجوز له -تحت حكم الاضطرار- أن يقرأ من المصحف، ولكن بعد أن يتوضأ لمس المصحف، ولا يضره نقض الوضوء بعد ذلك.
ثواب قراءة القرآن من الهاتف
أكدت دار الإفتاء أن قراءة القرآن الكريم من الشاشات الإلكترونية لها ثواب بكل حرف عشر حسنات وإن كان القارئ على غير وضوء، ما دام ليس به جنابة ولا حيض ولا نفاس ولا ولادة لم يغتسل بعدها، لكن ثواب القراءة من المصحف الورقي أكثر من ثواب القراءة من الشاشة الإلكترونية؛ لأن النظر في المصحف الورقي عبادة في حد ذاته بالإضافة لعبادة قراءة القرآن، والشاشة الإلكترونية ليست مصحفًا وليس لها حكم المصحف في الجملة.
فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ ﴿الم﴾ حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» أخرجه الترمذي في "سننه"، وأخرجه الدارمي في "سننه" بلفظ: «تَعَلَّمُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَإِنَّكُمْ تُؤْجَرُونَ بِتِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ بِـ﴿الم﴾ [البقرة: 1]، وَلَكِنْ بِأَلِفٍ، وَلَامٍ، وَمِيمٍ، بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ».
هل يشترط لنيل ثواب قراءة القرآن قراءته من المصحف؟
قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ» ليس المقصود اشتراط قراءته من المصحف لنيل الثواب المذكور، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يقرأ من المصحف، ولم يكن المصحف مجموعًا في كتاب واحد بين أيدي الناس في عصر النبوة، ومن الصحابة من كان فاقد البصر أو لا يقرأ ولا يكتب، وإنما المقصود بقوله: «مِنْ كِتَابِ الله» أي: القرآن الكريم؛ سواء كان مكتوبًا في المصاحف أو محفوظًا في الصدور أو غير ذلك، وبالتالي يكون في هذا الحديث الشريف دلالة شاملة توضح ثواب قراءة القرآن من الشاشات الإلكترونية المعاصرة.
هل يعد لمس الشاشة الإلكترونية لمسًا للمصحف؟
هذه الشاشة أشبه ما يكون بالماء أو المرآة، وما يظهر عليها من القرآن الكريم كالصورة المنعكسة في الماء أو المرآة، فلا يشترط في لمس تلك الصورة طهارة اللامس؛ لأنه لا يلمس نفس المصحف بل ظله، أما تحصيل الثواب بالنظر إلى الآيات القرآنية في الشاشات الإلكترونية وتلاوتها فيكون مثلها مثل المصحف الشريف من حيث تحصيل الثواب بقراءة كل حرف من حروف القرآن الكريم، وإن كانت القراءة في المصحف الورقي عبادة يزيد ثوابها عن مجرد القراءة؛ وذلك لاشتراك حواس أخرى غير اللسان؛ حيث تشترك العين بالنظر إلى عين المصحف، وتشترك حاسة اللمس بمس أوراقه.