أسامة شرشر يكتب: وداعًا عبد العزيز المقالح.. الحوثيون قنبلة مشتعلة فى اليمن والبحر الأحمر
لا شك أن الشعب اليمنى العظيم دفع ثمن فساد الأنظمة الاستبدادية، وجماعة الحوثى إحدى الأذرع الإيرانية التى ظهرت على الأرض فجأة، وأصبحت تهدد البحر الأحمر والخليج والسعودية والإمارات.
والتساؤل الذى ما زال لغزًا ليس له إجابة: لماذا لم يعتبر بايدن حتى الآن جماعة الحوثيين جماعة إرهابية؟!
وهل أجهزة الاستخبارات الأمريكية لا تعرف الشبكات العنكبوتية ومافيا السلاح وسماسرة الطائرات المسيرة حتى تبيدهم؟!
مؤكد أنها تعرف، ولكن هناك علامة استفهام حقيقية، ندفع ثمنها بسبب الخلافات العربية، لأن اليمن بأهله وتضاريسه ومقوماته كان دائمًا فى حاجة إلى احتواء خاص وتعامل خاص؛ نظرًا لطبيعة الجبال والتضاريس وتركيبة الإنسان اليمنى الرائع الذى هو نتاج حضارة سبأ التى ذُكرت فى القرآن.
فاليمن ليس فقيرًا، كما يقول البعض، بل دولة نُهبت مواردها من غاز وبترول وزراعة وبن وعسل نحل جبلى فيه شفاء للناس، وأعتقد أن عدن بموقعها والموانئ اليمنية كانت تفوق موانئ دبى أو سنغافورة من ناحية موقعها فى منتصف حركة التجارة العالمية.
وهذا يستدعى السؤال: لماذا كل هذا الإرهاب والعنف والقتل والتجويع ونشر الأوبئة والأمراض، وكأن مشاكل العالم اختُزلت فى اليمن السعيد وهو ليس سعيدًا على الإطلاق؟!.
لقد استطاع الأمريكان أن يمدوا من أمد الحرب فى اليمن حتى يحصلوا على أموال بلا حدود من السعودية والإمارات ويكونوا قد حققوا الهدف؛ وهو محاولة إفقار هذه الدول بكل الطرق، وأخذ نفطها وغازها، والأكثر خطورة أن يكون هناك بعبع الحوثى الذى يستطيع أن يصل إلى مكة والمدينة وشركة أرامكو ومطار أبو ظبى وكل هذه الأماكن.
وكانت الطلقة الأولى لقوة التحالف الذى شكلته السعودية فى مارس 2015 هى بداية النهاية للوضع فى اليمن، ولا أنسى أن ذلك اليوم كان أثناء القمة العربية فى شرم الشيخ، ولأول مرة يحضرها الرئيس السيسى بصفته رئيسًا لمصر، وكان قد دعا قبلها لتشكيل قوة ردع عربية، وبعد أن تمت الموافقة جاء الفيتو الأمريكى ليبطل هذه القوة التى كنا فى حاجة إليها الآن.
كل هذه التداعيات والمواقف حضرتنى ونحن نناقش فى مركز البحر الأحمر للدراسات الاستراتيجية سبل حماية البحر الأحمر بالتعاون بين مصر والسعودية، ورفع الألغام فى اليمن، وكانت رسالتى للمؤتمر أنه إذا كانت هناك ألغام تحت الأرض فالألغام فوق الأرض أكثر خطورة؛ لأنه تم تجنيد 10 آلاف طالب يمنى من المساجد والمدارس والمخيمات وتدريبهم على السلاح ليكونوا 10 آلاف إرهابى مع الحوثى.. بالإضافة لوفاة أكثر من 200 ألف مواطن يمنى نتيجة الجوع والفقر والمرض وانعدام الرعاية الإنسانية، وهم يتحدثون عن حقوق الإنسان والحيوان.
فلذلك طالبت بأن اليمن يحتاج إلى قمة عربية حقيقية يكون جدول أعمالها من بند واحد هو كيفية انتشال الشعب اليمنى من هذا المستنقع الحوثى، وكل الآمال معقودة على القوات المسلحة المصرية والسعودية والإماراتية فى تنفيذ هذا الحلم إلى أن يصبح واقعًا ويعود اليمن إلى أهله.
ولا يمكن أن أختتم مقالى هذا قبل أن أرثى العالم والشاعر والأديب الدكتور عبد العزيز المقالح، رئيس جامعة صنعاء، أحد الرموز اليمنية التى كانت مهمومة بالمد القومى، والذى درس اللغة العربية وآدابها فى جامعة عين شمس فى مصر.
التقينا كثيرًا فى تسعينيات القرن الماضى، وكانت قضية القات اليمنى أحد شواغله، بالإضافة إلى تنمية المواطن اليمنى ثقافيًّا وصحيًّا، وكان معه الكاتب الكبير أبو بكر القربى، والدكتورة بلقيس الحضرانى وزوجها الدكتور قاسم سلام أحد الكوادر السياسية المهمة، والذين كانوا يمثلون المد الناصرى فى صنعاء الحبيبة، وكانت لقاءاتنا تستمر طويلًا خلال زياراتى المتعددة، وأشهد الله أن أكرم شعب شاهدته من خلال زيارتى لصنعاء وتعز ومأرب وعدن هو الشعب اليمنى العظيم؛ لأنه نتاج حضارة وتاريخ حقيقى.
رحم الله الدكتور عبد العزيز المقالح.. ونسألكم الفاتحة على روحه الوطنية الطاهرة.