أسامة شرشر يكتب: هدف مبكر لتميم بعد لقاء السيسى وأردوغان
قبل صافرة افتتاح كأس العالم الأسطورى والتاريخى فى قطر، ورغم الحملات الصهيونية المعادية لدولة قطر، والتى تعالت أصواتها كيف تنظم قطر كأس االعالم؟ وهى أول دولة عربية ومسلمة فى التاريخ تنال شرف تنظيم بطولة كأس العالم، وكأنه تم اختزال كأس العالم فى كيفية إقامته فى قطر، والأدهى والأغرب عندما يطالب كابتن إنجلترا بحقوق المثليين!.
أى قوة وحق وراء من يُسمَّى بالمثليين؟! فهم تم اغتيالهم فى أحد النوادى فى أمريكا ولم يتحدث أحد!.
والذى أثار حفيظة أوروبا أن يكون الافتتاح بدايته بالقرآن الكريم وصوت الأذان فى كل الملاعب القطرية.. وهذه هى أعمق رسالة فى التنوع واحترام الآخر، وأن الإسلام دين وسطى يدعو للتعارف والمعرفة وجمع شمل الإنسانية جمعاء.
وبدأ الجميع هذا الافتتاح، فى دوحة العرب والمسلمين، وسجل الأمير تميم بن حمد هدفًا مبكرًا قبل افتتاح المونديال فى عقد أخطر وأهم لقاء فى نهاية عام 2022 بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس أردوغان، وكانت المصافحة بينهما تحمل كل أنواع العتاب السياسى، وبينهما الأمير تميم الذى تفوق على نفسه فى عقد هذا اللقاء، ليسجل هدفًا سياسيًا مبكرًا قبل بداية مونديال كأس العالم ويعطى رسالة للجميع أن (مصر أم الدنيا وقد الدنيا)، وأنه لا استغناء عن دور مصر كلاعب إقليمى حقيقى فى كل الملفات العربية المرتبطة بالأمن القومى، وهذا ما ندم عليه أردوغان، وفطن إليه منذ عامين، بعد الوهم والحلم الذى عاشه مع التنظيم الدولى للإخوان فى أنه سيكون خليفة المسلمين وإمامهم، واتضح له هذا الوهم وأن هذا الكلام فنكوش إخوانى.
وقد يدعى البعض، وهم قليلو الرؤية والخبرة والتحليل، أن أردوغان فتح صفحة العلاقة مع مصر قبل الانتخابات الرئاسية فى تركيا التى ستجرى فى يونيو 2023، وهذه رؤية ضيقة جدًا ويجب عدم التعليق عليها.
فلذلك كانت رسالة مصر العظيمة فى ترسيم الحدود فى البحر المتوسط هى احترام حدود تركيا وليس الاعتداء عليها، رغم أن التجارة البينية بين الشعب التركى الذى يعشق مصر، والشعب المصرى الذى يعشق تركيا، كانت مستمرة وقائمة رغم انسداد العلاقات الدبلوماسية، ودليلى على ذلك ما شاهدته أثناء زيارتى تركيا، وارتفاع التبادل التجارى بين مصر وأنقرة رغم التضخم وارتفاع الأسعار، وانهيار الليرة التركية، بالإضافة إلى أن أردوغان كان مستشاره الاقتصادى هو الوزير رشيد محمد رشيد، وهذا يعطى دلالة خطيرة أنه لا استغناء عن الشعب المصرى، وعن الدور المصرى، وعن القيادة المصرية.
وتفوق الرئيس عبدالفتاح السيسى على نفسه بعدم الرد مطلقًا على أبواق الجماعة الإرهابية التى كانت فى تركيا بالرغم من الهجوم عليه، وهكذا يكون قيمة ودور رئيس الجمهورية فى أى دولة أكبر من الصغائر والشتائم والاتهامات التى أطلقها المدعون الجدد من الإخوان، فلذلك كانت الصورة تعبر بينهما عن اعتذار صامت من أردوغان للرئيس السيسى والشعب المصرى، قائلًا له فى صمت (ليتى ما سرت وراء الإخوان وتنظيمهم الدولى الذين أسقطهم الشعب المصرى فى ميادين التحرير والعالم العربى).
ولقد كتبت سابقًا فى شهر مارس الماضى أننا سنرى أردوغان فى قاهرة المعز؛ لأنه لا غنى عن الدور المصرى والدولة المصرية على الإطلاق، ولا بد أن أحيى المؤسسات المصرية السيادية والأمنية والخارجية التى لعبت دورًا كبيرًا من خلال الاجتماعات المستمرة خلال العامين الحالى والسابق فى ترتيب كل الأوراق بين تركيا ومصر، ولا شك أن الأمير تميم بن حمد، أمير دولة قطر، كان صاحب المبادرة والطلقة السياسية الأولى فى جمع الرئيس السيسى وأردوغان فى دوحة العرب الجديدة التى أصبحت تلعب دورًا استراتيجيًا مهمًا فى كثير من الملفات الإقليمية والدولية والعربية.
ولا بد أن نعطى كل ذى حقه.. هكذا تكون الدبلوماسية القطرية امتدادًا للدبلوماسية المصرية، فى خلق مصالحات بين دول الإقليم.
وأتمنى أن يحدث ما يجرى فى الملف التركى مع الملف الإيرانى مستقبلًا؛ لأن مصر تمصّر غيرها ولا تتمصّر، فهى بلد الأزهر الشريف والكنيسة القبطية العظيمة، والتعايش والتسامح والوسطية هى القاسم المشترك للشعب المصرى مع الشعب العربى والتركى والإيرانى.
وأعتقد أنه إذا تم ذلك ستكون البوصلة السياسية المصرية متوجهة إلى العالمية، وتصبح مصر من أقوى اقتصادات 20 دولة فى العالم، وتدخل دائرة العشرين؛ لأن مصر حباها الله اكتشافات للغاز والبترول لم يعلن عنها، وهذا الذى أكدته التقارير الدولية والمنظمات الاقتصادية.
فدعونا نتفاءل بعام 2023، وعام المصالحة المصرية التركية، وبإذن الله، الإيرانية، بعيدًا عن الغوغاء والأبواق الإعلامية التى ليس لها مرجعية أو قبول لدى الشعب المصرى والعربى، والتى لا تعرف ولا تعلم قيمة مصر وعلاقتها بالفضاء السياسى الإقليمى كتركيا وإيران، ولقد وقّعنا معاهدة مع إسرائيل فلِمَ لا نتعاون من منطلق القوة والكبرياء المصرية مع أكبر دولتين إقليميتين بجانب مصر!.
هذه رسالة فى افتتاح كأس العالم السياسى دشنها كبار المنطقة العربية بلقاء تم ترتيبه باحتراف ومهنية ورؤية سياسية مستقبلية؛ لأن العالم لا يحترم إلا لغة الأقوياء.
وعجبى.