النهار
الجمعة 22 نوفمبر 2024 07:39 مـ 21 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: شعلة المناخ.. متى تشتعل؟!

السياسي والإعلامي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
السياسي والإعلامي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

سؤال مطروح على البشرية: متى وكيف تتحقق العدالة المناخية ونحن على أرض السلام بمدينة شرم الشيخ التى استقبلت 118 ملكًا ورئيس دولة فى حضور 4 آلاف صحفى وإعلامى تقريبًا من كل أنحاء الكرة الأرضية؟!.

هل تشتعل شعلة المناخ من خلال التنفيذ على أرض الواقع وليس الوعود والتعهدات كما فى المؤتمرات المناخية؟ أم أن حرب المناخ قادمة وستكون بداية لفناء البشرية؟ لسبب بسيط جدًا أننا لا نملك إلا أرضًا واحدة، وأصبحت الشعوب من باكستان إلى إفريقيا إلى بقية دول العالم- مهزومة عاجزة عن الكلام لأنها تعيش نوعًا من الرعب والخوف من المستقبل المناخى الذى يسير بنا إلى المجهول.

والقضية بعيدًا عن التنظيرات والشعارات التى نعيش فيها منذ أول مؤتمر للمناخ على أرض البرازيل فى عام 1962 وكان يُسمَّى مؤتمر الأرض وغيَّر اسمه فيما بعد إلى مؤتمر المناخ، أن السياسة والاستراتيجية فى الدول الصناعية الكبرى بها شروخ مناخية وانبعاثات كربونية، فهى من خلال التلوث المناخى تحقق فوائق بمليارات الدولارات.. ولكن من يدفع الثمن والفاتورة هو الدول الفقيرة وشعوبها!.

فالدول الغنية فرضت ضرائب على كل شىء إلا التلوث المناخى، لأنها المستفيدة من هذه الفوضى المناخية، والدول النامية لا تملك من أمرها شيئًا إلا أن تستجدى الدول الغنية لسد الحد الأدنى من التزاماتها، وفى النهاية نجد آلاف القتلى نتيجة الكوارث البيئية التى تسبب فيها الاحتباس الحرارى الذى يؤثر على الزراعة والمياه وكل مناحى الحياة فى دول تعانى أصلًا من ضعف الموارد الاقتصادية.

فهل يُعقل أن الدول الصناعية الكبرى مثل أمريكا تصب (160 مليون طن من الملوثات) على كوكب الأرض وفى غلافنا الجوى؟! هذه لعنة الدول المتقدمة التى تصيب الدول الفقيرة بالقتل والتشريد والهجرة، لأن الدول الفقيرة ليس لها مخرج آخر إلا الموت.

والحقيقة أن هذا الفناء يجب أن يقابله التعاون بين البلدان المختلفة، ولكن للأسف الشديد نحن نكتب نهايتنا بأيدينا؛ لأن الموت أصبح أقرب إلينا من الهواء نتيجة أن 8 مليارات مواطن فى العالم يتعذبون من سيطرة الرأسمالية المتوحشة والبرجوازية المتطرفة على الدول التى لا تملك قوت يومها؛ وهذه هى الطامة الكبرى.

فلذلك لا بد أن نعترف بأننا كلنا متهمون فى قضية المناخ والانبعاثات الكربونية والاحتباس الحرارى الذى أصاب كل شىء حتى وصل إلى ندرة مياه الشرب التى هى سبب الوجود البشرى.. ناهيك عن احتراق الغابات والزلازل والأعاصير التى تقتلع كل شىء أمامها ونحن ما زلنا نفكر كيف تستنزف الدول الكبرى موارد الدول الفقيرة تحت مسميات التبادل التجارى! وكيف يعمل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى فى وضع الدول تحت الاحتباس المالى من خلال شروط مجحفة لتسديد الأقساط!.

كل هذا يجرى، وعلى أرض مصر الحبيبة تنطلق شعلة المناخ من أرض شرم الشيخ، ونحاول أن يكون هذا المؤتمر مؤتمرًا واقعيًا يستشعر خطورة المحنة والأزمة التى يمر بها العالم، ويرفع شعار «لغة التنفيذ هى الحل الوحيد» لوقف ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.5 درجة إضافية؛ حتى لا تزيد على ذلك؛ ويحترق الإنسان والكائنات الحية فى كل مكان.

لا أريد أن أتكلم كثيرًا فى هذا الموضوع، لأن غضب الأرض وتأثيرها على الإنسان والحيوان والمياه والزراعة يجب أن يجعلنا جميعًا نفكر فى خارطة طريق مناخية عالمية جديدة، تعترف بالكوارث والخسائر والدمار الذى أصاب معظم بلدان العالم، وليس هناك ملاذ أو ملجأ إلا إذا كان هناك إحساس بالمسئولية الدولية بعيدًا عن الوعود السياسية والقرارات الأممية.

ورغم أن هذا المؤتمر يجرى كل عام على مستوى القارات تحت رعاية الأمم المتحدة، التى هى فى حد ذاتها تحتاج لرعاية، فإنه مؤتمر متعدد الأطراف ولكنه يسير بلا أطراف، لأن الدول الكبرى تسيطر على هذه الأطراف والأعضاء والإنسان نفسه.

دعونا نستمع إلى الصرخات والمظاهرات فى كل دول العالم، التى وصلت حتى أمام مؤتمر كوب 27، ورفعت شعارات عديدة لحماية الأرض والمناخ، حتى إنها رفعت شعار «لا تأكلوا الحيوانات»، وأخشى ما أخشاه أن نصل إلى شعار «لا تأكلوا الإنسان»!.

أنا لست متفائلًا بنتائج مؤتمر المناخ؛ لأن المناخ الدولى ملىء بالحروب والقتل والدمار، وسباق التسلح الذى سيقضى على البشرية فى ظل عالم متغير فى كل دقيقة.

فهل ستكون القنبلة المناخية هى الطريق لإعدام البشرية التى لا تستحق الحياة؛ نتيجة أن الكل يأكل فى الكل، والضعفاء هم من يدفعون فاتورة غباء الأغنياء؟!

...
اقرأ في العدد الورقي من جريدة النهار
لقطات من زيارة شرشر إلى لبنان