شعبان خليفة يكتب : فضيلة الستر
من الفضائل التى أصبحت مهجورة ولم يعد الكثير من الناس يهتم لأمرها مع عظمها وأهميتها فضيلة الستر، وهى فضيلة دعت وحثت عليها الأديان بما يتفق مع العقل السليم، فالستر ضرورة للفرد وللمجتمع، إذا ابتلى الإنسان بمعصية، وقد حذرنا الله من المجاهرة بالمعاصى لما فى ذلك من هتكٍ للستر وإفسادٍ للمجتمع، وقد توعد الله من يحبون أن يفسد المجتمع وتسود فيه الفاحشة بعذابين أحدهما فى الدنيا والثانى فى الآخرة قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ).
وفى الحديث الصحيح يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (كُلُّ أُمَّتى مُعافًى إلَّا المُجاهِرِينَ، وإنَّ مِنَ المُجاهَرَةِ أنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ باللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وقدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فَيَقُولَ: يا فُلانُ، عَمِلْتُ البارِحَةَ كَذا وكَذا، وقدْ باتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، ويُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عنْه).
ولا يدعو الدين إلى ستر النفس فحسب بل دعا الإنسان إلى ستر غيره إذا ما اطلع على عيب أو ذنب ممن لم يعرفوا بالشر والأذى ولم يشتهروا بالفساد ولم يكونوا داعين إليه وإنما سقطوا فيه ضعفًا أو شهوة، حيث جاء الإجماع على أنه لا يجوز فضح هؤلاء، ولا كشفهم للعامة ولا للخاصة، مع ضرورة رفض فعلهم، وهذا يكون فيما هو سقطات خاصة ونزوات عابرة، وليس سلوكًا عامًا له سمة الاتساع والانتشار والإضرار بالمجتمع.
ولا يتوقف الأمر عند حد الدعوة إلى عدم كشف عورات الناس بل نهى الدين عن تتبع عورة أخيك لأى هدف أو غاية وخاصة لو كانت "الترند" لأنه صار من أقبح وسائل نشر العورات وإذاعتها وتتبعها حتى كاد يدخل البيوت فيكشف أدق أسرارها ويتسلل للضمائر والنوايا فينشر ما يزعم أنه خفاياها.
وهذه الأمور ثقل عظيم يحمله كل إنسان مع أثقاله يوم القيامة، ويحاسب على كل من أضلهم وأفسدهم إلى يوم الدين بنشر هذه الانحرافات والترويج لها خاصة إذا اقترن بهذا الوباء وباء الافتراء وما أكثره! وعن أمثال هؤلاء قال الله تعالى: "وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ".