النهار
السبت 28 سبتمبر 2024 09:16 صـ 25 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

محمدحبيب يكتب: الجمعية التأسيسية للدستور

محمد حبيب
محمد حبيب
لاشك أن المادة 60 من الإعلان الدستوري بما تحمله من التباس وغموض وقصور، كان لابد أن تؤدي إلي ما نحن فيه من ارتباك وارباك..ناهيك عن التناقض الصارخ بين المادتين 21 و28 منه، فضلا عن المادة 56 التي فرضت علي الشعب المصري نظام الحكم الرئاسي في تلك الفترة، علاوة علي الاعتداء علي حق مجلس الشعب في ممارسة مهامه الأساسية، ومنها سحب الثقة من الحكومة..بل إن المجلس العسكري أصدر مراسيم بقوانين في سرية كاملة، دون مبرر أو مسوغ مقبول، قبل أن ينعقد مجلس الشعب المنتخب بأربعة أيام، مما يعد إهانة للمجلس وفتحا لباب القيل والقال حول المجلس العسكري!! كما أصبح واضحا أن الطريق الذي سار فيه مجلسا الشعب والشوري في طريقة اختيار لجنة كتابة الدستور وفقا للمادة 60 المذكورة آنفا لم يكن مصيبا ولا ملائما علي أي نحو، رغم صيحات التحذير والتنبيه التي انطلقت في تلك الفترة من رجال القانون الدستوري والساسة والباحثين والمهتمين بالشأن العام، خاصة في قضية من أخطر القضايا التي سيتحدد علي أساسها حاضر ومستقبل مصر..كنت أرجو من الأغلبية في مجلسي الشعب والشوري ألا يهيمنوا علي لجنة كتابة الدستور، فالدستور يجب ألا يكون مرهونا بالأغلبية، وإنما يجب أن يكون ترجمة وتجسيدا لتوافق ورضا وطني عام..وكنت أتمني أيضا ألا يرأس لجنة كتابة الدستور رئيس مجلس الشعب، وكان من الممكن أن يسند هذا المنصب لآخرين ممن لهم دراية بالقانون الدستوري.وقد جاء الحكم التاريخي لمحكمة القضاء الإداري في 10 أبريل 2012 بوقف تنفيذ القرار المعيب لتشكيل لجنة كتابة الدستور، لكي يعيد الأمر إلي نصابه الصحيح..وحسنا فعل الإخوان إذ أعلنوا أنهم يحترمون هذا الحكم، وأنهم لن يستشكلوا عليه.في تصوري هناك عدة أمور يجب أن توضع في الاعتبار..أولا: يجب أن تختص لجنة المائة المنتخبة من غير المعينين من مجلسي الشعب والشوري بوضع المعايير والشروط التي علي أساسها سيتم اختيار الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور..ثانيا: أن يكون أعضاء الجمعية التأسيسية من خارج مجلسي الشعب والشوري، وأن يكونوا ممثلين عن كل الفئات والشرائح للمجتمع المصري، أفقيا ورأسيا..ثالثا: ضرورة أن تتضمن الجمعية التأسيسية الخبرات القانونية والدستورية اللازمة لكتابة ووضع دستور جديد ودائم يليق بمصر من حيث المكان والمكانة، إضافة إلي طبيعة المرحلة التي تمر بها، خاصة بعد ثورة اعترف العالم بعبقريتها، وأيضا من حيث الدور الكبير الذي ينتظر مصر علي المستويين الإقليمي والدولي..رابعا: أن تعقد الجمعية التأسيسة جلسات استماع يحضرها ويدلي فيها بدلوه جميع شرائح المجتمع لإثراء الأفكار والرؤي..خامسا: عرض كل ما تصل إليه الجمعية التأسيسية في أي قضية دستورية في وسائل الإعلام المختلفة وإجراء حوارات ومناقشات حولها يشارك فيها أهل الاختصاص والباحثين والناشطين السياسيين بهدف إيجاد وعي عام علي المستوي المجتمعي، حتي يقبل الشعب علي الاستفتاء علي مواد الدستور وهو علي بينة مما يفعل، من منطلق علي مثل الشمس فاشهد، كما جاء في الحديث..سادسا: يجب تحديد أفق زمني للانتهاء من صياغة الدستور، بحيث يتحقق الإنجاز والإتقان معا.أظن أنه لن تكون هناك اختلافات جوهرية حول الأبواب الأولي للدستور؛ كالدولة، الحقوق والحريات العامة والخاصة، المقومات الأساسية للمجتمع، وسيادة القانون..لكن الاختلاف سوف يكون مركزا حول الباب المتعلق بنظام الحكم، هل سيكون رئاسيا أم برلمانيا أم مختلطا؟ رئيس الدولة، وما هي صلاحياته وعلاقاته بالمؤسسات الأخري في كل من النظامين الرئاسي والمختلط؟..نسبة العمال والفلاحين في عضوية مجلس الشعب، وهل يتم الإبقاء عليها أم إلغاؤها؟..هل سيلغي مجلس الشوري أم يبقي؟..المحكمة الدستورية العليا..الفصل والتوازن بين السلطات..وضع القوات المسلحة..وزارة الداخلية..إلخ. أسئلة كثيرة ضرورية ومهمة، وتحتاج إلي أن نعطيها الوقت والجهد الكافيين..هذه مرحلة مخاض أرجو أن ننجح في عبورها وتجاوزها، فمصر ـ الشعب والوطن ـ تستحق منا الكثير.