لقاء بمسجد النور
بقلم : شعبان خليفة
من مسجد النور بالعباسية وأمام جمع غفير من الدعاة الشبان وغيرهم جرى استدعاؤهم خصيصاً لهذا اللقاء مع مستشار الرئيس للشئون العسكرية اللواء عبدالمنعم التراس لعرض حقائق ما جرى خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، وكيف كان هناك اتجاه لتمرير مخططات إخوانية تمثل كارثة على الأمن القومى المصرى لا يمكن تحملها، ورغم كل محاولات تنبيه وتحذير الرئيس المعزول من مخاطر هذه المخططات إلا أنه كان يمضى فى تنفيذها استجابة لجماعة الإخوان التى كانت هى من يحكم مصر وليس الرئيس مرسى، حيث كان مكتب الارشاد هو من يتخذ القرارات ويتم ارسالها للرئيس مرسى لإعلانها فقط ودون حتى مناقشة من جانبه لمخاطر هذه القرارات.
هذا اللقاء هو تطور مهم فى الحوار المجتمعى والسعى لإطلاع الرأى العام على اسرار وحقائق فترة حساسة فى تاريخ مصر اقتضت طبيعة الأمن القومى عدم الكشف عنها خلال الفترة الماضية وبعد قرابة اربع سنوات على حدوثها حان الأوان لتكون معروضة على الرأى العام ليعرف لماذا مضت الاحداث على هذا النحو وما هى الضروريات التى قادت لعزل مرسى بعد تحركات شعبية واسعة بلغت ذروتها فى 30 يونيو 2013 فماذا جرى فى هذا اللقاء وما هى الأسرار التى كشف عنها مستشار الرئيس للشئون العسكرية؟ الإجابة فى السطور التالية:
مواجهة
فى البداية لم يكن لدى كل الدعاة الذين تجمعوا فى مسجد العباسية سوى أنهم سيلتقون بمستشار الرئيس للشئون العسكرية فى لقاء مهم بدت ملامح أهميته من أهمية المتحدث وطبيعة منصبه وكذلك التوقيت الذى يتحدث فيه حيث إن مصر على اعتاب انتهاء الفترة الأولى لحكم الرئيس عبدالفتاح السيسى والدخول الى انتخابات رئاسية جديدة يرافقها فتح ملفات الماضى القريب وترويج واسع للشائعات بشأن ما جرى وقد اتسم حديث مستشار الرئيس السيسى للشئون العسكرية اللواء عبدالمنعم التراس بدرجة مصارحة عالية وغير معتادة منذ بدايته، فقد كشف اللواء التراس عن خلافات طرأت بين الرئاسة والجيش المصرى خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسى ثم راح يعرض لأسبابها حيث إن هذه الخلافات وإن كانت معروفة للرأى العام إلا أن اسبابها الحقيقية لم تكن معروفة على الأقل لهذا الجمع من الدعاة قبل هذا اللقاء .
توطين
فى سرده لهذه الخلافات كان اللواء التراس يتحدث ببساطة ووضوح يسهل استيعابه رغم تعقيدات الموضوع لارتباطه بالقضايا الاستراتيجية والأمن القومى وبحسب اللواء التراس وحديثه كان أول تلك الخلافات تخطيط مرسى لتوطين 12 ألف فلسطينى فى شبه جزيرة سيناء المصرية، وهو ما دفع وزير الدفاع وقتها إلى إصدار قرار بمنع التملك هناك لإفشال “خطة زحزحة غزة إلى مصر” بما فيها ولها من مخاطر على الامن القومى لمصر فى الأجل القريب والبعيد حيث كان نجاح مخطط كهذا من شأنه أن يقود لضياع سيناء للأبد .
وبالطبع لم يكن هذا هو الخلاف الوحيد الخطير فيما يرتبط بالأمن القومى والسيادة المصرية فكما أشار اللواء التراس، أثناء لقائه بالدعاة فى مسجد النور، فإن الخلاف الثانى بين الرئيس مرسى وجماعته من ناحية والجيش من ناحية أخرى كان بخصوص إقليم قناة السويس، الذى قدّمه “الإخوان” على جانبين، وهما منح قطر امتياز استغلال الإقليم لمدة 99 سنة خلافًا لقوانين الدولة وما لم يقله اللواء التراس هو أن هذا الأمر كان قد اثار قلق الرأى العام بل اثار قلق بعض النخب مثل المستشار طارق البشرى واعتبره كثيرون رهنا للدولة المصرية لقطر ووراءه اهداف خطيرة ومخالف للدستور والقانون.
الموقف
اللواء التراس كشف ايضاً عن أمرٍ خطيرٍ يتعلق بالأمن القومى لمصر حيث كشف أن قادة الجيش التقوا الرئيس المعزول محمد مرسى 6 مرات وعرضوا عليه الرؤية الاستراتيجية لتهدئة الموقف، إلا أنه حتى يوم 26 يونيو لم تكن لديه ردود، غير أنه قال “إن التنظيم الدولى للإخوان اجتمع فى قطر وقرّر أن تموّل قطر الجيش السورى الحر على أن يتم تدريبه فى مصر” وكان هذا الكلام بالغ الخطورة ويكشف عن جهل الرئيس مرسى بما يمثله الجيس السورى والحفاظ على سوريا للامن القومى المصرى فالجيش السورى هو الجيش الأول لمصر لكن مرسى وجماعته لم يكن لديهم مثل هذا الوعى أو الفهم بطبيعة الأمن القومى لمصر.
الجهل بالقيادة
كما تحدث اللواء التراس عن افتقار مرسى للقدرة على القيادة، قائلاً: “إحنا كنا راكبين مع سواق مبيعرفش يسوق ولا بيسمع كلام حد، وقام الرئيس السيسى بالتواصل معه عدة مرات ليلة فض اعتصام رابعة أملًا فى ترك الجماعة للميدان دون تدخل وحتى الفجر كانت الاتصالات جارية لكنهم لم يتركوه بل افشلوا كل الوساطات السياسية واعتدوا على كل الشخصيات الدينية من التيارات الأخرى التى نصحتهم بفض الاعتصام سلمياً ولم يكن هناك أى طريق أو بديل آخر لإنهاء هذه البؤرة الخطيرة التى يمكن أن تحول الوضع فى مصؤ إلى كارثة لا يمكن علاجها على مدى قرون .
ترشيح السيسى
من الأمور الاخرى التى تحدث عنها اللواء التراس أنه عندما قرر المجلس العسكرى ترشيح المشير السيسى للرئاسة قال لهم “أنتم ترموننى فى النار” فى اشارة لإدراك الرئيس صعوبة الأوضاع التى تمر بها مصر والأخطار التى تحيق بها من كل جانب.
فى نهاية اللقاء كشف مستشار الرئيس للشئون العسكرية عن أن هناك محاولات لمحاصرة مصر، حيث تلعب قطر فى العمق الإفريقى وتغدق العطاء، كما أنها تحرض السودان ضد مصر، لكنه وبحسب تعبيره لن تحدث أزمة مع السودان واصفاً ما يحدث بأنه مجرد زوبعة خلفها قطر وأن البلدين قادران على تجاوزها .