النهار
الأحد 29 سبتمبر 2024 12:33 صـ 25 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

د.محمود خليل يكتب: من سار على الدرب «الأحمر» وصل

د. محمود خليل- أرشيفية
د. محمود خليل- أرشيفية

بردو مش حتتحل يا «ريس»!.. وجود قانون أو تشريع يضمن محاسبة من يتجاوز من رجال الشرطة فى حق المواطنين -كما وجه الرئيس على هامش واقعة «قتيل الدرب الأحمر»- لا يكفى. فلدينا من القوانين ما يزيد ويغطى، وأمناء الشرطة ليسوا صنفاً ممتازاً من البشر لكى يحاسبوا بقانون خاص. قانون العقوبات فيه الكفاية، المسألة ليست فى القانون، ولا حتى فى تطبيقه، المسألة فى منح القط مفتاح الكرار، فعندما تكون الشرطة هى الجهة المسئولة عن إعداد التحريات فى جريمة ارتكبها أحد رجالها، فأذّن على القضية ثلاثاً قبل دفنها!.. هكذا علمتنا التجربة.

كنت أتوقع من الرئيس، بحكم رئاسته للمجلس الأعلى للشرطة، إجراءات ترضى المواطنين الذين أصبحوا يعيشون حالة قلق عنيف جراء «الجرائم» التى يرتكبها «أمناء الشرطة»، نعم هى جرائم، وقد تعجبت من أن يستخدم المتحدث باسم الرئاسة وصف «التجاوزات الفردية»، وهو ينقل إلى المصريين ما تمخض عنه اجتماع الرئيس مع وزير داخليته، إنها جرائم، والإصرار على وصف «تجاوز» يعنى ببساطة أنها ستمر دون حساب، هل عندما يقتل مواطن آخر نقول إن ما حدث «تجاوز» من جانب القاتل؟. كما أننى أتحفظ على وصف «فردية»، لأن حوادث أمناء الشرطة لم تعد فردية، بل تكاد تتحول إلى ظاهرة، فعندما نصبح أو نمسى كل يوم على حادثة، فنحن أمام ظاهرة. والإصرار على وصف «التجاوزات الفردية» يعنى ببساطة إصراراً على حمايتهم.

المتحدث باسم الرئاسة قال إن الرئيس أكد أن ما يسمى بـ«التجاوزات الفردية» لا ينسحب على مجمل الجهاز الوطنى الذى يقدم التضحيات فى مواجهة الإرهاب. هذا الكلام صحيح، لكننى أريد أن أذكر بأمرين: أولهما أن الإرهاب فى مصر جزء من حالة الصراع السياسى الذى أفرزته ظروف وسياقات ليس لمنصف أن يقفز عليها، وثانيهما أن حماية الشعب من توابع الإرهاب الناشئ عن هذا الصراع، ليس معناه بحال منح من يقومون بالحماية تصريحاً بقتل المواطنين أو سحلهم أو اغتصاب نسائهم أو التحرش بهن.

كده مش حتتحل.. وظنى أن واقعة «قتيل الدرب الأحمر» تركت مرارة فى نفوس البسطاء من أهالينا هناك، ومن الواجب ألا نمر مرور الكرام على محاولة الأهالى الفتك بالقاتل، واحتشادهم أمام المديرية بعد إفلاته من أجل تسليمه لهم للقصاص منه، والحديث عن تشريع أو قانون لمواجهة هذه الحوادث المتكررة يعنى ببساطة تصعيد مع الناس الذين قد يلجأون بعد ذلك إلى القصاص بأيديهم. كنت أتوقع من الرئيس قرارات أكثر حسماً من ذلك، أبسطها منع الأمناء من حمل السلاح المحشو بالرصاص «عمّال على بطّال»، ليتخذوا منه أداة لسحق جماجم المواطنين الذين لا يعملون عبيداً لديهم، كما أراد الأمين القاتل حين أصر على دفع (20 جنيهاً) فى توصيلة تتكلف (200 جنيه)، ولم يتحمل اعتراض السائق على ذلك فأرداه قتيلاً برصاص طبنجته. لست أدرى بأى وجه نستقبل مثل هذه الحوادث، رغم ما ردده المسئولون بعد ثورة يناير من أن جهاز الشرطة، لا يسلح بالرصاص الحى، عند النزول لفض مظاهرات، واضح أن الرصاص يتوافر فقط فى «الدرب الأحمر».. عموماً القاعدة تقول: من سار على الدرب وصل!.

نقلا عن الزميلة "الوطن"