د.محمود خليل يكتب: الخطر يقترب من مصر
الأخبار التى تأتى حول تحركات «داعش» ليبيا أصبحت تثير القلق. فبعد أن تمكّن التنظيم من السيطرة على «سرت»، وبات مطمئناً على الأوضاع فى «بنغازى» لوجود حلفاء له فى هذه المدينة، بدأ منذ أيام الزحف على «أجدابيا»، كما أشارت إلى ذلك بعض التقارير. ليس ذلك وفقط، بل لقد نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» معلومات خطيرة تفيد بأن عناصر من التنظيم تتدرب حالياً فى «سرت» على استخدام الطائرات الحربية من خلال جهاز محاكاة تم الاستيلاء عليه بعد مقتل «القذافى».
ثمة خطر يقترب من مصر، وتقديرى أن «داعش» ليبيا لا يعمل بعيداً عن مصر بحال، ومن المؤكد أنه يفعل ذلك خدمة لبعض الأطراف الدولية التى تُضمر الشر لهذا البلد. ولا يستطيع أحد أن يقول إن هذا الخطر كان بعيداً عن تفكير صانع القرار فى مصر. فقد نبّه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة إلى خطورة الإرهاب فى ليبيا، وطالب برفع حظر السلاح عن الجيش الليبى. ولعل تباطؤ الكثير من القوى الدولية عن التعامل مع الخطر المتصاعد فى ليبيا يمنحك مؤشراً عن أن فرع «داعش» هناك أداة لاستهداف مصر بالأساس، وربما تذكر أيضاً أن منطقة الواحات والصحراء الغربية شهدت عدة عمليات إرهابية تمت تحت رعاية الدواعش المقبلين من ليبيا.
كانت هناك محاولات من مصر للتعامل مع هذا الخطر من خلال دعم عملية «الكرامة» التى يقودها «حفتر»، لكن يبدو حتى الآن أن الرهان الذى تواصل لوقت طويل على الجنرال المتقاعد يسير فى اتجاه الخسارة، وقد أُعلن يوم الأربعاء الماضى عن مقتل القائد الميدانى لعملية الكرامة العقيد «على الثمن» فى انفجار لغم أرضى خلال المعارك التى كان يديرها فى بنغازى. ولعلك تابعت بعض التكهنات المتعلقة بالغارات الجوية المجهولة على تجمعات «داعش» بالشرق الليبى، بل قد قامت مصر رسمياً بغارات جوية على هذه التجمعات بعد الجريمة الإرهابية الحقيرة التى ارتكبها التنظيم بحق 21 قبطياً مصرياً.
الخطر يقترب.. والتحرك واجب. ومن حق مصر أن تتخذ الإجراءات التى تحمى أمنها، حتى لو تصرفت بمفردها، بعيداً عن المنظمات الدولية والأممية، فقد بررت روسيا لنفسها التحرك فى سوريا، وفى حدود علمى أنها تعمل خارج مظلة التحالف الدولى لمواجهة «داعش»، وبالتالى فمن حق مصر أن تتخذ إجراءات شبيهة، ولا تنتظر المزيد من التمدد للتنظيم داخل الشرق الليبى. الحكمة تقول إن ضرب جذر الخطر هو الذى يجنبك شروره، وليس من العقل أن تنتظر الخطر حتى يأتيك ثم تبدأ فى مواجهته. رد الفعل لا يصلح فى مثل هذه الأحوال. صانع القرار أدرى منا جميعاً بحجم هذا الخطر، ولديه المعلومات الكافية التى تمكنه من تقدير الموقف، كل ما يهمنا فى الأمر أن يتحرك بفكر مختلف يعتمد على أخذ زمام المبادرة. وما نعلمه أن محاولة «حفتر» لم يحالفها التوفيق، رغم دعم مصر لها، وأن الغارات الجوية الخاطفة لم تمنع «داعش» من التمدد فى الشرق الليبى. الأمر يحتاج إلى تحرك مختلف هذه المرة، تحرك سريع وفاعل يرتقى إلى حجم الخطر الذى يقترب من مصر!
نقلا عن الزميلة "الوطن"