النهار
الأربعاء 23 أكتوبر 2024 04:21 صـ 20 ربيع آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

حوادث

إيمان طفلة الصعيد تدفع حياتها دفاعًا عن شرفها

وسط الخٌضرة والهدوء ذهبت «إيمان» ابنة الاثني عشر ربيعاً إلى مدرستها التي تبعد عدة أمتار عن منزلها كأي يومٍ من أيام دراستها في قرية «بني سميع» تلك القرية الهادئة بجنوب مصر التي يعيش أهلها في أمن وأمان بعيداً عن ازدحام العاصمة وأصوات انفجارات القنابل بدائية الصنع أو مهاترات السياسة ومعارك الأحزاب ومشاكل الإخوان وتظاهراتهم.
حيث تذهب في الصباح الباكر مع زميلاتها منطلقة مستمتعة بطفولتها البريئة؛ حاملة شنطتها التي وضعت بها كتبها وكراستها لتلقي العلم ولتقهر معه عصور الجهل والحرمان التي حٌرِمت خلاله الفتيات من التعليم إلا أن أعين الذئاب البشرية التي بدأت تنتشر في ربوع المحروسة كانت تتربص بها وبأنوثتها التي لم تكتمل بعد؛ وكأن المصريين بدأوا في التخلي عن أهم ما يميزهم ـ الشهامة والرجولة ـ التي اشتهروا بها بين أبناء عروبتهم وانتشرت حوادث التحرش والاغتصاب حتى للأطفال وصغار السن؛ لتعود إلى الأذهان وقائع قضية الطفلة «زينة»، و«ميادة» التي أثارت جدلاً واسعاً على كافة الأوساط بعدما تعرضتا للاختطاف والاغتصاب والقتل؛ كلتا الوردتين اللتين نزع رحيقهما مبكراً وداسوا أوراقهما الرقيقة بأقدامهم المدنسة؛ لترد إلى ذهنك عدة تساؤلات على الفور تتخيل أنك تطرح على نفسك وعلى هؤلاء الذئاب هل بإمكانك أن تغمض عينيك على صورة طفلة بعد الاعتداء على جسدها النحيل، هل تستطيع أن تمنع «الكوابيس» عن خيالك أو توقف رعشة قلبك وانت تمعن النظر فى جثة طفلة اغتصبها ذئب بشري، هل تستطع أن تتحمل صرخات أطفال صغار تُنتهك براءتهم؟!
«إيمان» تلك الطفلة صاحبة الابتسامة البريئة ـ كما يصفها أهل قريتها ـ لم تستكمل عامها الـ12؛ وهي يتيمة الأب منذ الخامسة من عمرها، وأخت لـ7 أشقاء آخرين (3 من البنين و4 بنات آخرين غيرها)؛ عمل شقيقيها «مصطفى» و«حمزة» باليومية بأحد المخابز ليعينا أسرتهما البسيطة حسنة السمعة على متاعب الحياة.
ذهبت إلى منزل عمها، فإذا بالذئب البشري «حازم أحمد محمد حمزة» يتجرد من كل الأخلاق الصعيدية والمشاعر ، ويقوم بسحبها عنوة داخل منزله المجاور للزراعات ويحاول التعدي عليها إلا أنها ورغم صغر سنها قاومته بشدة ودافعت عن نفسها لتحفظ كرامتها ، وبعد فشله في أن ينال منها؛ قام بكتم أنفاسها بطرحة كانت ترتديها وخنقها بها, ولم يكتف بذلك بل قام بطعنها 10 طعنات بصدرها وحنجرتها وظهرها حسب تقرير الطب الشرعي ليطمئن من أنها فارقت الحياة, وأحضر «قفة» ووضع فيها الطفلة وألقى بها فى الترعة (المصرف) المارة أمام منزلهم وحاول أن يخفي آثار جريمته النكراء.
وقد التقت «الوفد» بوالدة إيمان «بنتي راحت خلاص قتلها المجرم لانها حافظت علي نفسها ورماها في الترعة.. يا ريتني ما بعتها وكانت عاشت وديتها للموت بأيدي.. حقك علي يا بنتي بس مكنتش أعرف اللى هيحصل.. بس أنا لقيت الحنفية بتخر ميه ومش مبطله قلت لإيمان روحى بيت عمك وهاتى لنا جلبة حنفية ومفتاح وقالتلى حاضر.
وتابعت الأم «آخر مرة اتكلمت معايا حضنتني وقبلتني وقالتلي أنا بحبك قوى يا أمى تصدقى إنى حلمت بأبويا وحشنى قوى أروح معاكي يوم الجمعة الجبانة».
وأضاف «حمزة» شقيقها «بشتغل في أحد الأفران بالقاهرة وفوجئت بخالي بيتصل بيه ويقولى تعال أختك إيمان ماتت قلتله دى مش عيانة؛ فرد بقوله لقيناها مقتولة، وفي الوقت دا الدنيا لفت بيه ومش عارف أعمل إيه وطول الطربق أفكر إحنا أسرة مسالمة وفى حالنا، وأنا ما عملتش حاجة, مين يكون عمل كده وعمل كدة ليه لغاية ما وصلت وعرفت اللي حصل وأن من ارتكب الجريمة هو «حازم» .. حسبى الله ونعم الوكيل».
وأوضحت «سمر» شقيقة القتيلة ـ أختنا كانت شاطرة جداً فى المدرسة وباين عليها إنها بنت موت على الرغم من صغر سنها لكنها كانت حنينة خالص منه لله حرمنا منها ربنا ينتقم منه مضيفة أنه فى يوم الجريمة القاتل حضر في وقت متأخر للمنزل وكانت ملامحه متغيرة، ولما سألناه كنت فين قال كنت جوه البلد, ودخل حجرته وصحينا الصبح مالقيناهوش, وتضيف فوجئنا فى الصباح بأخي عبد الرحمن يتصل بنا وسألناه حازم عندك، قال أيوه وقال لنا ادخلوا حجرة حازم ونضفوها كويس.
وتابعت «لما دخلنا الحجرة وجدنا دما على السرير، وفى الأرض رحنا مسحنا الحجرة وغسلنا الملاية مشيرة إلى أنها وجدت دما على ملابس حازم الداخلية فى الشفنيرة كان قد خلعها قبل خروجه وعلى الجاكيت, فقال لنا أخى عبدالرحيم احرقوهم.
وذكرت شقيقة القاتل أن أخت إيمان «عندما اكتشف الأهالى الجثة فى الترعة جاءتنى وطلبت منى أن أذهب معها لنرى الجثة فلما ذهبنا وعرفنا أنها إيمان قلتلها روحى وقولى لأمك».
وتقول حازم ـ عمل غلط ـ بس مش عارفه ليه إحنا عارفين إنه ممكن يغلط لإنه يتعاطى برشام ومشاكله كتير بس ما كناش نتخيل إنه ممكن يعمل كده وفى البيت.
أما إحدى جيران الجانى ـ رفضت ذكر اسمها ـ فتقول انها يوم اكتشاف الجريمة فوجئت بحازم يدخل المنزل ويغطى وجهه وعليه آثار جروح وخدوش ثم خرج بعدها على طول ومعاه شنطة.
وترجع أحداث الواقعة عندما تلقى اللواء طارق نصر مدير أمن أسيوط إخطارا من المقدم محمد عصامى رئيس مباحث مركز شرطة أبوتيج يفيد بالعثور على جثة طفلة بترعة القرية.