الدكتور معوض الخولي: ما نتعلمه من «واقعة مدير إدارة الباجور التعليمية» أن الإنسانية هي الأساس في التعامل

قال الدكتور معوض الخولي، ابن محافظة المنوفية، ورئيس جامعة المنصورة الجديدة، اليوم الخميس، معلقًا على واقعة وفاة أسامة البسيوني مدير إدارة الباجور التعليمية، إن هذا الموقف يعطي رسالة للجميع أن الإنسانية هي الأساس في التعامل.
وكتب «الخولي» روشتة للقيادة في منشور عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بعنوان "دروس من واقعة ادارة الباجور التعليمية".
وأكد رئيس جامعة المنصورة الجديدة أن واقعة زيارة السيد وزير التربية والتعليم لإدارة الباجور التعليمية، وما صاحبها من تداعيات، وأبرزها وفاة مدير الإدارة عقب الزيارة، تكشفت أمامنا أبعاد عديدة تثير تساؤلات حول الحقيقة، أسلوب الإدارة، وكيفية التوجيه والمساءلة.
وتابع: "هذه الواقعة ليست مجرد حدث عابر، بل هي فرصة لنا جميعاً، سواء كمسؤولين أو أفراد في المجتمع، للتأمل واستخلاص الدروس التي تعزز من قيمة العمل، وتحفظ الكرامة الإنسانية، وتحقق التوازن بين الحزم والتفهم.
المسؤولية تضع على عاتق القائد تحدياً مزدوجاً: كيف يُحاسب دون أن يُحطم؟ وكيف يوجه دون أن يُهين؟ النقد البناء أساسه الحكمة، والحكمة تتطلب النظر إلى الظروف المحيطة والإمكانات المتوفرة قبل إصدار الأحكام. القائد الناجح هو من يُلهم فريقه لتحسين الأداء بدلاً من أن يكسر روحهم".
وأضاف الخولي أنه لا أحد ينكر أهمية الرقابة لضمان جودة العمل ومساءلة المقصرين، لكنها يجب أن تُمارس بأسلوب يحترم الكرامة الإنسانية، لكن هناك فرق بين الحزم المطلوب لضمان الانضباط، وبين التوبيخ العلني الذي قد يترك أثراً سلبياً عميقاً. الرقابة الحقيقية ليست فقط في كشف الأخطاء، بل في تقديم الحلول ودعم التطوير، مؤكدا أن أي تقييم للأداء يجب أن يكون قائماً على فهم الظروف المتاحة والإمكانات المتوفرة.
واستطرد قائلا: "لايمكن أن نطلب من الأفراد أداءً خارقاً في ظل نقص الموارد أو تحديات خارج إرادتهم. التوجيه السليم هو الذي يأخذ بعين الاعتبار هذه العوامل، ويوفر الدعم اللازم لتحسين الأداء.
في العمل الإداري، هناك دائماً ضغوط وتحديات تواجه الجميع. التماس الأعذار لا يعني التهاون أو قبول التقصير، بل يعني فهم السياق والعمل على معالجته بطريقة تعزز من كفاءة الأفراد بدلاً من تثبيط عزيمتهم.
من حق الوزير، بصفته المسؤول الأعلى في الوزارة، أن يقوم بتفقد الإدارات والمدارس للتحقق من مستوى الأداء والانضباط.
يجب أن يكون النقد أو الملاحظات المهنية موجّهة بطريقة بنّاءة ومراعية لمشاعر الأفراد. النقد العلني أو التوبيخ أمام الآخرين قد يؤثر على كرامة الشخص ويضعف من مكانته أمام مرؤوسيه".
حدود التعامل المهني:
الإجراءات المتبعة: إذا وُجد تقصير، فمن الأنسب أن يتم مناقشته في جلسة خاصة أو اجتماع رسمي بدلاً من الانتقاد العلني. هذا يحافظ على هيبة العمل ويشجع على تحسين الأداء دون المساس بالشخصية.
الإدارة بالقدوة: من المهم أن يكون المسؤول الأول قدوة في التعامل الراقي واحترام الأفراد، حتى أثناء مواجهة الأخطاء
واقعة الوفاة وتداعياتها:
وفاة مدير الإدارة هي حدث مأساوي بغض النظر عن ملابساته. إذا كانت الوفاة بسبب التعنيف أو التوبيخ، فهذا يفتح باباً واسعاً للنقاش حول أخلاقيات القيادة.
التأكد من الملابسات: يجب أن يكون هناك تحقيق شفاف لمعرفة الظروف الحقيقية للوفاة. هل كانت بسبب ضغط العمل؟ أم حالة طبية طارئة؟ أم بسبب موقف معين خلال زيارة الوزير؟
واختتم الدكتور معوض الخولي منشوره برسالة للجميع حسبما وصف موجهة لكل من:
للمسؤولين:
تذكّروا أن المسؤولية لا تعني فقط المحاسبة، بل الدعم والتوجيه. الكلمة قد تُصلح أو تُهدم، فلنحرص على أن يكون أثرها إيجابياً.
للمجتمع:
دعونا نتحلى بالصبر قبل إصدار الأحكام. ما حدث يجب أن يُناقش بعقلانية وهدوء، بعيداً عن التحيز أو التسرع. لا أحد يملك الحقيقة المطلقة، والبحث عنها يتطلب النظر من كل الزوايا.
لمن يتابع الأداء:
الأداء الجيد يحتاج إلى بيئة داعمة وأدوات متوفرة. التقييم يجب أن يكون منصفاً، واللوم لا يكون إلا بعد توفير الإمكانات المطلوبة.
وفي نهاية منشوره أكد أن ما جرى في الباجور ليس مجرد واقعة نقاش أو جدل، بل هو تذكير لنا جميعاً بأن القيادة مسؤولية، والمحاسبة أمانة، والإنسانية في التعامل هي الأساس الذي يضمن التوازن في كل شيء. دعونا نعمل جميعاً لبناء ثقافة تحترم الإنسان وتدعم التطوير دون أن تهدم أو تُهين.