النهار
الأربعاء 29 يناير 2025 01:49 صـ 29 رجب 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

معرض الكتاب يناقش ”الإعلام والتغير الاجتماعي: التحديات والفرص في عصر التحولات الرقمية”

في إطار فعاليات رابع أيام معرض القاهرة الدولي للكتاب، استضافت القاعة الرئيسية، ندوة تحت عنوان "الإعلام والتغير الاجتماعي"، ضمن محور "قراءة المستقبل".
حضر الندوة عدد من الخبراء والمتخصصين في مجال الإعلام، منهم: دكتورة هبة شاهين، عميد كلية الإعلام بجامعة عين شمس، ودكتورة أماني إسماعيل، رئيس قسم الإعلام ووكيل كلية العلوم الإنسانية بجامعة هارتفوردشير، ودكتور هبة ربيع، الصحفية والمترجمة، والصحفي محمد هاني، رئيس شبكة تليفزيون النهار، والكاتب الصحفي محمود بسيوني، رئيس تحرير جريدة "أخبار اليوم". وقد أدار الندوة الكاتب الصحفي أحمد الخطيب، رئيس قطاع الثقافة والتراث بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.
افتتح الصحفي محمد هاني الندوة بتوجيه الشكر إلى الهيئة المصرية العامة للكتاب على اختيار عناوين الندوات المهمة، مشيرا إلى أن موضوع "الإعلام والتغير الاجتماعي" هو عنوان شديد الأهمية ويشمل العديد من التفاصيل التي يصعب حصرها في ندوة واحدة.
ولفت إلى أن التغيرات الاجتماعية التي حدثت في مصر خلال الخمسة عشر عاما الماضية قد تكون ذات تأثير أكبر بكثير من التغيرات التي حدثت في فترات سابقة لنفس الفترة الزمنية، وأشار إلى أن الإعلام كان جزءا من هذا التغيير، حيث تأثر بشكل كبير بهذه المتغيرات، كما أن الإعلام ذاته له دور كبير في التأثير على المجتمع.
وأضاف هاني أن السؤال المحوري هنا هو: "هل كان تأثير الإعلام إيجابيًا أم سلبيًا؟". وأوضح أن الإعلام يعاني من ارتباك واضح في تحديد الهوية في الفترة الأخيرة، حيث يوجد جزء إيجابي على مستوى الأدوات التكنولوجية المستخدمة في الإعلام، ولكن في المقابل، هناك جزء سلبي يتمثل في الارتباك الذي يعاني منه الإعلام في محتواه وفي الرسالة التي يحاول نقلها للمجتمع.
وأكد هاني أن أسوأ ما يحدث في الإعلام هو "التثلّم" أو "التمثل بالأدنى"، حيث تشير هذه الظاهرة إلى أن المجتمعات، في أوقات التغيير العاصف أو الارتباك، تبدأ في تقليد أو تمثل الأسوأ بدلًا من الأساليب المثلى. وقال إن الناس في الطبيعة دائمًا يسعون للتمثل بالمثل الأعلى، لكن في فترات الارتباك الاجتماعي والسياسي، يتمسك المجتمع بالأدنى.
وأضاف هاني أن هذه الظاهرة تتجسد بوضوح في وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت اليوم الوسيط الإعلامي الرئيسي، مؤكدا أن السوشيال ميديا في هذه الحالة تقود الإعلام بشكل أكبر مما يمكن تخيله، وهذا يشكل تهديدًا للإعلام التقليدي ويسهم في تراجع مستوى الرسالة الإعلامية بشكل عام.
فيما قالت دكتورة أماني إسماعيل إنه يجب علينا النظر إلى داخلنا لنفهم الأخطاء التي ارتكبناها ونسعى لتصحيحها، مشيرة إلى أن قضية التغير الاجتماعي ليست مسؤولية الإعلام فقط، بل هي مسؤولية مشتركة بين جميع مؤسسات المجتمع، بما في ذلك الأسرة والمدرسة والجامعة. وأضافت أن التغيرات التي نشهدها اليوم على صعيد السلوكيات والاعتداءات على المدرسين والنساء والأطفال هي جزء من صورة أكبر تتطلب تحليلًا عميقًا.
وأكدت أن الإعلام يتأثر ويتأثر به، وأنه لا يمكن فحص هذه القضية بشكل منفصل عن باقي قطاعات المجتمع، فالتغيير الاجتماعي هو نتاج تفاعل مختلف الجوانب الثقافية والتعليمية والدينية والاقتصادية. لذلك، يجب أن تكون هناك حلول بعيدة المدى يتم اتخاذها على مستوى الدولة والمجتمع المدني.
من جانبها، قالت دكتورة هبة شاهين إن التغيرات الكبيرة التي يشهدها المجتمع كل يوم تجعلنا نلهث وراء محاكاتها. وأشارت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن الهدف الأساسي من الثورة التكنولوجية، بل هي جزء من هذا التحول الذي تغيرت فيه حياتنا بشكل جذري.
وأضافت أن التكنولوجيا ليست خيرا خالصا ولا شرا خالصا، فهي قدمت العديد من المزايا على صعيد الاتصال والمشاركة، لكنها في المقابل تسببت في انعزال الأفراد وزيادة الفردية، حيث أصبح كل فرد في الأسرة يفضل النظر إلى هاتفه الخاص بدلاً من التواصل الاجتماعي داخل الأسرة الواحدة.
وأكدت أن وسائل التواصل الاجتماعي قد ألغت فكرة "التلفزيون الجماعي" الذي كان يجمع أفراد الأسرة في وقت واحد لمتابعة برامج مشتركة. وقالت أيضًا إن التنبؤ بالمستقبل في ظل هذه الثورة التكنولوجية أصبح أمرًا صعبًا، لأننا في مرحلة غير مسبوقة من التغيير.

أما دكتورة هبة ربيع فقد تناولت قضية "المواطن الصحفي"، وأوضحت أن ظهور وسائل الاتصال الجديدة ساعد الأفراد على إنتاج محتوى إعلامي، لكن هذا لا يعني أن الشخص يصبح صحفيًا محترفًا.
وأشارت إلى أن الصحفي المحترف يجب أن يخضع لمعايير مهنية صارمة، بينما أصبح العديد من الأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي ينشرون محتوى غير دقيق أو مضلل لمجرد جذب الانتباه. وأوضحت أن الصحافة تحتاج إلى أن تتحقق من الحقائق قبل نشرها، وأكدت أن الدور الأساسي لوسائل الإعلام اليوم هو توعية الجمهور بضرورة عدم تصديق أي محتوى إلا بعد التحقق من مصادره.

أما الكاتب الصحفي محمود بسيوني، فقد تحدث عن الفرق بين الصحفي المهني الذي ينتمي إلى نقابة الصحفيين ويتبع المعايير الإعلامية، وبين "البلوجر" الذي ينشر محتوى غير مهني.
وأوضح أن هناك ظاهرة خطيرة تحدث حاليا حيث أصبح بعض الشخصيات على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل "البلوجرز" الذين ينشرون محتوى تافهًا، يمثلون قدوة للشباب، وهو أمر مؤسف.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة تتسبب في تغيير مفهوم "القدوة"، حيث أصبحت بعض الشخصيات على منصات مثل "تيك توك" قدوة للشباب بدلاً من الصحفيين المحترفين. وأضاف أن هذا النوع من الإعلام يتسبب في "تعفن الأدمغة" بحسب ما أشار إليه بعض الباحثين في جامعة أكسفورد، نتيجة للمحتوى الهابط والمضلل الذي يؤثر سلبًا على الأجيال الجديدة.
وفي ختام الندوة، أكد أحمد الخطيب أن الإعلام في منطقة الشرق الأوسط يواجه تحديات كبيرة، فالإعلام يعمل في منطقة مضطربة جدًا سياسيًا واجتماعيًا، مما يجعل العمل الإعلامي في هذه المنطقة محاطًا بالكثير من القيود والمخاطر. وأشار إلى أن كل نظام حاكم في المنطقة له طرقه الخاصة في التعامل مع الإعلام، مما يجعل الإعلام في النهاية هو الذي يتحمل تبعات هذه الاضطرابات السياسية.