بعد شهر من بدء الدراسة...استغاثات أولياء الأمور من نظام ”التقييمات والاختبارات الأسبوعية”...وخبراء التعليم بين مؤيد ومعارض
بعد شهر من بدء الدراسة، أحدثت قرارات وزير التربية والتعليم، والتي شملت تعديل نظام الدراسة، وعودة التقييمات والاختبارات الأسبوعية في المرحلة الابتدائية، وتحويل الصف الثالث الابتدائي إلى الصفوف التي تخضع لامتحانات شهرية ونهاية العام، وتحويله إلى "نجاح ورسوب"، بعد تطبيقها على أرض الواقع، حالة من الغضب والاستياء الشديد بين أولياء الأمور والمعلمين، وخبراء التعليم بين مؤيد ومعارض للتقييمات الأسبوعية، ومخاوف من تبعات وآثار هذه القرارات، وهل هي قرارات صائبة، وسُتأتي ثمارها في تطوير العملية التعليمية أم ستكون تجارب وعبئا ماديا وضغوطا نفسيا على التلاميذ وأولياء أمورهم؟
تحقيقات "النهار" تفتح في السطور التالية مع خبراء التعليم وأولياء الأمور والمسئولين هذا الملف، الذي يشغل أكثر من 15 مليون أسرة، أبناؤهم في المرحلة الابتدائية، خاصة بعد أن اشتكى عدد كبير من أولياء الأمور من عجر المدرسين والإشراف في بعض المدارس، وأكدوا أن هناك حصص بلا مدرسين.
خبير تربوي: عودة التقييمات والامتحانات - قبل الصف الرابع الابتدائي- يضع الطلبة وأولياء أمورهم تحت ضغط نفسي ومادي كبير
الدكتور مجدي حمزة، الخبير التربوي
قال الدكتور مجدي حمزة، الخبير التربوي، لا يوجد نظام للتقييم والاختبارات على مستوى العالم حتى الصف الرابع الابتدائي، مؤكدا أن التعليم في الدول الأوربية، في المرحلة الابتدائية يعتمد على الأنشطة والمتعة واللعب حتى يتعود الطالب على هذه الطريقة في الصف الخامس، وهذا الكلام علميا وتربوبيا، حيث يقوم المختصون بتنمية قدرات الطالب من خلال اللعب والمشاهدة والأفلام والأنشطة، وعلميا قد تؤثر الكتابة على أعصاب التلميذ في مرحلة الـ KG والصف الأول والثاني والثالث الابتدائي، وبالتالي هذه المرحلة التعليم بالمشاهدة والأنشطة والأفلام.
من خلاب تجارب سابقة...قلة من المدرسين يضغطون على الطالب وولي الأمر من أجل الدروس الخصوصية
ردا على تخوف بعض أولياء الأمور من تحكم بعض المعلمين في الطلبة من أجل الدروس الخصوصية، خاصة بعد أن أصبح أكثر من نصف درجات الامتحانات بيد معلم الفصل، الذي سيقوم بإجراء الاختبارات الشهرية ومتابعة وتقييمات الأنشطة والواجبات الأسبوعية بالإضافة إلى تقييم السلوك، أكد "حمزة" في تصريحات خاصة لـ "النهار"، أنه للأسف الشديد ومن خلاب تجارب سابقة، قلة من المدرسين يلجأون لهذا الأسلوب كوسيلة ضغط على الطالب وولي الأمر من أجل الدروس الخصوصية.
وأوضح الخبير التربوي، أنه غير مؤيد لقرارعودة التقييم المستمر للطلبة في المرحلة الابتدائية قبل الصف الرابع الابتدائي، لافتا إلى أن عمل اختبارات أسبوعية وشهرية "تحريرية وشفوية" للطلبة قبل الصف الرايع يضع الطلبة وأولياء أمورهم تحت ضغط نفسي ومادي كبير.
خبير تربوي: الواقع يؤكد أن نظام التقييمات والاختبارات يضع الطلبة قبل أولياء أمورهم في ضغط نفسي كبير
وتابع "حمزة": والواقع يؤكد أن نظام التقييمات والاختبارات يضع الطلبة قبل أولياء أمورهم في ضغط نفسي كبير بجانب الضغوط والأعباء المادية التي يتحملها أولياء الأمور، واتضح ذلك من خلال التجربة وآليات التنفيذ في المدارس.
الدكتور مجدي حمزة...لبعض المدرسين: اتقوا الله في الطلبة وأولياء الأمور
واختتم الدكتور مجدي حمزة حديثه قائلا: أتمنى من المدرسين أن يراعوا ظروف أولياء الأمور في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الطاحنة، وللأسف الشديد بعض المدرسين رفعوا أسعار الدروس بشكل مبالغ فيه، اتقوا الله في الطلبة وأولياء الأمور".
خبير تربوي: قرار عودة التقييم للمرحلة الابتدائية "صائب وإيجابي"
الدكتور محمد فتح الله، الخبير التربوي، وأستاذ القياس والتقويم التربوي
أشاد الدكتور محمد فتح الله، الخبير التربوي، وأستاذ القياس والتقويم بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، بقرارعودة التقييم المستمر للمرحلة الابتدائية، موضحا أن الامتحان أحد ركائز منظومة التعليم، لافتا أنه مقياس للقدرة التحصيلية للطالب، و"ترمومتر" للمعلم وولي الأمر، يُعرف من خلاله مستوى الطالب، يظهر نقاط القوة والضعف لدى الطالب، وأيضا حتى يعرف ولي الأمر مستوى ابنه أو ابنته.
خبير تربوي: يمكن لـ وليّ الأمر اللجوء إلى اللوائح والقوانين إذا تعرض ابنه للضغط من قبل مدرس الفصل من أجل الدورس الخصوصة
وأوضح "فتح الله" في تصريحات خاصة لـ "النهار" إذا كان المدرس يضغط على الطالب ووليّ الأمر من أجل الدورس الخصوصة، يمكن محاسبته وفقا للوائح والقوانين، ولكن القرار صائب وممتاز، موكدا لا نطالب بإلغاء أي قرار في صالح أولادنا في المقام الأول وفي العملية التعليمة، ولافتا إذا كانت هناك مشكلة في قرار ما يجب حلها.
يجب حل أي مشكلة في منظومة التعليم وليس إلغائها...ولنا في إلغاء "الأسئلة المقالية" عبرة وعظة
تابع: على سبيل كان هناك مشكلة أيام الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم الأسبق، وهي مشكلة التصحيح أثناء الامتحانات، وخاصة تصحيح الأسئلة المقالية، وصعوبة التصحيح، وبدلا من حل المشكلة بتدريب وتأهيل المعلمين، واستخدام أساليب علمية متطورة في تصحيح أسئلة المقال، تم إلغاء الأسئلة المقالية واستبدالها بنظام الـ "البابل شيت"، النظام الكارثي، موضحا أنه يستطيع الطالب في هذا النظام – إن تمكن- أن يغش الامتحان في دقيقيتن، لافتا إلى أن السؤال المقالي كان يُظهر إمكانيات الطالب الحقيقة، وتصعب عملية الغش مقارنة بنظام "البابل شيت".
الدكتور محمد فتح الله: مشكلة نظام التعليم في مصر هي مشكلة الامتحانات
وتساءل الدكتور فتح الله: "أين قرارات التقويم للامتحانات، التي تُعد حجر الزاوية في التعليمية، للأسف الشديد، لا يُتبع نهج علمي في هذه القرارات، وفي الحقيقة مشكلة نظام التعليم في مصر هي مشكلة الامتحانات، إذا تم وضع الامتحان بشكل صحيح، سيحضر الطلاب في المدارس وتتقلص الدروس الخصوصية، ولكن بعض الامتحانات لا تتم وفق أسس علمية وتكون امتحانات هزيلة، وما حدث في امتحان الفيزياء منذ أيام ليس ببعيد، هل يُعقل أن يتم وضع إجابتين لامتحان؟
وأضاف أستاذ القياس والتقويم بالمركز القومي للامتحانات قائلا: انتظر قرارات من وزير التربية والتعليم، ترجع بالناحية العلمية والتخصصية للامتحانات، مؤكدا على أن يتولي أهل الاختصاص نظام الامتحانات وفق النهج العلمي، ولا تترك لكل من يدعي أنه متخصص في نظام الامتحانات، موضحا أن منظومة التقويم هي ثلث عملية التعليم، وأيضا منظومة التقويم هي العطب الأساسي والمشكلة في منظومة التعليم والسبب الرئيس في هذه المشكلة أن من يتولى التقويم غير متخصص.
الدكتور فتح الله: معلمينا بخير...وهم أصحاب رسالة
واختتم الخبير التربوي حديثه ووجه رسالة إلى أولياء الأمور: معلمينا بخير، وهم أصحاب رسالة، وإن كانت فئة قليلة تسلك سلوك غير مرغوب، فهذا في كل المجتمعات، ومن يخرج عن الضوابط والقيم، يستطيع ولي الأمر أن يلجأ للقانون واللوائح، إذا استشعر أن ابنه لم يأخذ حقه في الامتحان، يمكن أن يطلب بإعادة التقدير وعرضه على لجنة أخرى، مؤكدا أن اللوائح تسمح بذلك، لا داعي للخوف.
خبيرة تربوية: قرار عودة التقييم المستمر لطلاب المرحلة الابتدائية في مصلحة الطلاب
الدكتورة بثينة عبدالرؤوف الخبيرة التربوية
ومن جانبها، أشادت الدكتورة بثينة عبدالرؤوف، الخبيرة التربوية، بقرار عودة التقييمات المستمر لطلاب المرحلة الابتدائية، موكدة أن القرار في مصلحة الطلاب، من خلال الاختبارات التحريرية والشفهية، لافتا أن عودة التقييم يشجع الطلبة على المذاكرة والاجتهاد بجانب العودة إلى الكتابة، منوهًا أن منهج الدارسة الخاص بـ KG1 وkg2 يعتمد على الأنشطة، موضحة أن الطلبة ابتعدوا عن الكتابة وكثيرا منهم فقد مهارة الكتابة.
عودة الامتحانات "التحريرية والشفوية" لصالح الطلبة وولي الأمر
وأكدت الخبيرة التربوية في تصريحات لـ "النهار"، أنها تؤيد عودة الامتحانات التحريرية والشفوية والأنشطة في المرحلة الابتدائية "الصف الأول والثاني والثالث"، ولكن بشرط ألا يكون هناك رسوب في هذه الصفوف، مشيرة إلى أهمية الامتحانات والتقارير التي تقيم مستوى الطالب لمعرفة الإخفاقات، والمواد التي يحتاج فيها إلى تقوية وتركيز، موصيا أن يُقدم التقرير لولي الأمر حتى يتابع ويعرف مستوى ابنه مع إدارة المدرسة.
أستاذة جامعية: لدينا ثقة في المعلمين ودورهم الوطني في خدمة الطلبة والعملية التعليمة
وعن تخوف بعض أولياء الأمور من بعض المدرسين الذين أصبحت أعمال السنة ودرجات الطلبة بأيدهم، وخاصة بعد عودة تقييمات الطلاب، أوضحت الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، أن هذه النظام قديم وموجود في مدارسنا، حتى وإن تغيرت المسميات، مشددة لا داعي للخوف، ولا نفتراض أشياء قد لا تحدث، موضحة لدينا ثقة في المعلمين ودورهم الوطني في خدمة الطلبة والعملية التعليمة.
أولياء أمور يشيدون بقرار "تعديل نظام الدراسة والتقييم في المرحلة الابتدائية"
تواصلت "النهار" مع بعض أولياء أمور طلاب المرحلة الابتدائية، حيث اختلفت آراء أولياء الأمور حول قرار وزير التربية والتعليم، بتعديل نظام الدراسة والتقييم في المرحلة الابتدائية، وتحويل الصف الثالث الابتدائي إلى الصفوف التي تخضع لامتحانات شهرية ونهاية العام، وتحويله إلى "نجاح ورسوب"، فريق كبير من أولياء الأمور يؤيدون القرار ويؤكدوا أنه يصب في صالح أبنائهم، ويشجعهم إلى العودة إلى الكتابة والدراسة، ويرون أن عودة الامتحانات إلى الصف الثالث الابتدائي تساعد الطلبة على الاهتمام بالدراسة والمذاكرة والاجتهاد ومعرفة مستوى أبناءهم الحقيقي بخلاف نظام الألوان، وعلاج نقاط الضعف وتقوية أبناءهم من خلال المتابعة مع إدارة المدرسة.
بعض أولياء الأمور: القرار غير مدروس ومتسرع...وسيؤدي إلى ضغوط مادية ونفسية على الأسرة والطلبة
بينما يرى بعض أولياء الأمور أن القرار غير مدروس ومتسرع، بالإضافة إلى أنه سيؤدي إلى ضغوط مادية ونفسية على الأسرة والطلبة في مرحلة مهمة، يخشوا أن يسبب أضرارا نفسية للطلبة، كما تخوف بعض أولياء الأمور من الاهتمام بالامتحانات قد يؤثر على متعة التعليم والأنشطة والمهارات بالإضافة إلى العبء والضغط المادي والنفسي على الأسرة.
نائب وزير التعليم: التعليم فى المرحلة الابتدائية يعتبر منظومة معرفية ويحتاج لـ تقييم مستمر
الدكتور أيمن بهاء الدين نائب وزير التعليم
أكد الدكتور أيمن بهاء الدين البصال، نائب وزير التربية والتعليم لشئون التعليم الفني، في تصريحات صحفية، أن التعليم فى المرحلة الابتدائية يعتبر منظومة معرفية، ينتقل بها الطالب من المرحلة الابتدائية إلى الإعدادية، وضمان تحقق ذلك يكون بحاجة لإجراء تقويم مستمر لضمان استفادة الطلاب، وهو أمر كانت منظومة التعليم تفتقده خلال الفترة الماضية نتيجة زيادة الكثافات وعجز المعلمين.
الدكتور بهاء الدين: عودة التقييم المستمر للمرحلة الابتدائية هو الأصل...وما تم تطبيقه سابقا كان استثناء
وأوضح نائب وزير التعليم، أنه مع وجود حلول متبكرة لمشكلة الكثافات، بجانب الاستعانة بمعلميّ الحصة وتعيين معلمين جدد، أصبح هناك فرصة للعودة إلى الأصل، مؤكدا أن ما كان يُطبق خلال السنوات الماضية، كان استثناءً، وترتب عليه ضعف متابعة وتقييم الطلاب وتراجع مستوياتهم.
وأضاف «بهاء الدين»، أن نظم تقويم الطلاب لديها أشكال مختلفة، وقد لا تتناسب مع الحالة المصرية، ولذلك وقع الاختيار على التقويم الشامل، وأن الهدف الرئيسي في تدريب الطلاب على الكتابة التي تعد مكتسبة بالأساس، وليس من المنطقي أن يظل الطالب حتى الوصول إلى الصف الرابع الابتدائى دون أي تقييم يختبر قدرته على الكتابة، وترتب على وجود مشكلات كبيرة فى القراءة.
الدكتور أيمن بهاء الدين: لا يمكن توجيه اتهامات عامة لأكثر من 900 ألف معلم مسئولين عن إدارة المنظومة التعليمة وأصحاب رسالة
ورد نائب وزير التعليم، على مخاوف بعض أولياء الأمور بشأن استغلال بعض المعلمين للطلبة وإجبارهم على الدروس الخصوصية قائلا: «لا يمكن توجيه اتهامات عامة لأكثر من 900 ألف معلم، مسئولين عن إدارة المنظومة التعليمية، وهؤلاء لديهم رسالة يقدمونها من خلال المدرسة، وهناك جزء كبير منهم لا يعملون كمدرسين خصوصيين، وفى المقابل هناك آليات قوية للمتابعة من جانب وزارة التربية والتعليم ستكون مختلفة عن السنوات الماضية من خلال موجهيّ المواد، وهناك خطط مفتوحة لضمان تفعيلها لكى يكون هناك متابعة يومية داخل المدرسة».
نائب وزير التعليم: نطالب أولياء الأمور بإبلاغنا عن أى مخالفات تحدث مع أبنائهم
وتابع: «من الصعب، فى عصر السوشيال ميديا، أن يبتز المعلم أيًا من الطلاب دون أن يكون ذلك محل جدل واسعا، مع انتشار جروبات الماميز، ووجود رقابة مجتمعية قوية، ونطالب أولياء الأمور بإبلاغنا عن أى مخالفات تحدث مع أبنائهم، والتواصل معنا عبر وسائل الاتصالات المختلفة مع الوزارة».