أسامة شرشر يكتب: لبنان أصبح غزة يا عرب
تعب الكلام من الكلام..
فلبنان يا عرب أصبح فى مرمى نيران العدو الإسرائيلى ليكتمل المشروع الهصيونى وليدفع الشعب اللبنانى ثمن أخطاء وخطايا ضعفنا العربى الذى أصبح جريمة كبرى فى حق الشعوب العربية من المحيط للخليج.
والتساؤل للمرة الـ100: أين جامعة الدول العربية وأمينها العام السفير أحمد أبو الغيط؟!
وبعيدًا عن الشعارات والنداءات والإدانات التى فقدت مضمونها لا بد أن نعترف بأن ما جرى فى غزة من إبادة للبشر والحجر والتغيير الديموغرافى، سيتكرر بنفس السيناريو للأسف الشديد فى لبنان الحبيب وشعبه الأصيل وجنوبه الحر، الذى يتلقى الضربات تلو الضربات ونحن صامتون ومتفرجون على ما يجرى، خصوصًا الضربة الموجعة الأخيرة بالاختراق الإلكترونى الذى شل كل حركة الاتصالات، ولا أحد يقول لى إن أمريكا لم تعرف بمكان وزمان الضربة الإسرائيلية، التى قتلت عشرات المدنيين، وأصابت الآلاف ممن يستخدمون أجهزة الاتصال (بيجر) فضلًا عن مئات القتلى وقرابة الألف جريح ضحايا الضربات الجوية، التى وصلت إلى 650 طلعة جوية استهدفت 1100 هدفا تابعا لحزب الله، وتسببت في سقوط 356 شهيدًا، و1246 مصابًا.
ولكننى أؤكد أن هذا الشعب اللبنانى الرائع والأيقونى، الذى يحمل طهارة النفس الإنسانية وجمال الروح الربانى بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم، والذى زرته فى صور وصيدا فى الجنوب، المعجون بثوابت المشروع القومى العربى، والملتف بغطاء المقاومة العربية ضد الصهاينة- لم يجد مددًا أو عونًا أو دعمًا من إخوته وأشقائه العرب، ورغم أن لبنان مهد الكلمات والشعراء والمبدعين، فإن صوت فيروز الملائكى، يحاصر ويُذبح ويُقتل إلكترونيًا وهاتفيًا، لأننا أصبحنا نعيش فى زمن لا قيمة فيه «للحامل أو المحمول» وأصبح الاختراق والمخترقون من داخلنا لأنهم باعوا الأرض والعرض بالدولار، فهم الفاسدون والمدعون الجدد المتأمركون الذين لا يعرفون إلا الخيانة، لغة العصر الجديد، والحوكمة أصبحت هى القتل الكبير.. (الله يحرق اليوم الذى جعلنا نشهد هذا المشهد بسقوط الشهداء والضحايا والمصابين، ولازم نكشف الخونة من القمة إلى القاع.. وعندها ستحدث المفاجأة يا عرب).
ولكن دعونا نقول إن الأحداث سريعة ومتوالية، فأين جبهة الإسناد للبنان يا عرب فى مواجهة الغزو الصهيونى الذى لم يحدث فى التاريخ الحديث؟! فالنتنياهو يفعل ما يريد وما لا يريد من أجل تحقيق الحلم الصهيونى الذى يتحقق خطوة خطوة، وكما قلت، وأكرر، إن إسرائيل كانت تخشى أن تقوم بأى عمل إجرامى خوفًا من رد الفعل العربى الذى كان موحدًا وقويًا ومؤثرًا ضد الكيان الصهيونى، ولكن القضية الآن أصبحت (صراع عربى- عربى لصالح إسرائيل).
بل إنه يتردد الآن -ولم أصدق- أن هناك بعض الدول العربية تدعم إسرائيل بالأموال والسلاح، وهذه كارثة وتشرنوبل عربى خطير، سينفجر فى لحظة ما وتنكشف الحقائق والأسرار، ودعونا نتحدث بصراحة، فإن القضية الأولى لهذه الدول، هى مصر، ومحاولة القفز على دور مصر التاريخى، وهو ما يتماشى مع رغبة إسرائيل وأمريكا بأن تكون الجائزة الكبرى هى مصر، ولكن هيهات.. لن يحدث ذلك على الإطلاق بحكم الجغرافيا والتاريخ؛ لأن هذا الشعب المصرى العظيم لا يمكن فك شفراته أو جيناته، وحتى لو تم استخدام القنبلة النووية، سيجد المصريون حلًا لإبطال مفعولها، وهذه هى قوة مصر الحقيقية بشعبها وجيشها خير أجناد الأرض، كما قال الرسول، عليه الصلاة والسلام.
فلماذا لا يتم عقد قمة عربية طارئة واتخاذ موقف عربى موحد ولو لمرة واحد بقطع كل العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل؟!، ولا أتجاوز إذا قلت أمريكا قبل إسرائيل؛ لأنها هى الفاعل الحقيقى والراعى الفعلى لكل مشاريع الأطماع الصهيونية فى المنطقة العربية، بل إننى أؤكد أن (وعد بايدن- وأى بايدن آخر يحكم الولايات المتحدة الأمريكية- أخطر من وعد بلفور)؛ لأنهم يريديون أن يمحوا فلسطين من الخريطة العالمية، وتصفية القضية الفلسطينية فى البلدان العربية المجاورة وخاصة مصر والأردن، وهنا ينتهى الصداع الأكبر ويختفى الشعب الفلسطينى إلى الأبد.
والتساؤل الثانى: لماذا لم يتم حتى الآن استخدام أوراق الضغط العربية مثل البترول والغاز، لإيقاف النزيف فى لبنان؟.. سيقولون هنا حزب الله وهناك حماس.. ونحن نقول لهم إن اللوبى الصهيونى والنتنياهو أخطر من أى مقاومة، لأنهما صاحبا الأجندات التوسعية على حساب الدول المجاورة.
وتوقفت كثيرًا عندما صرخ الشيخ عكرمة صبرى، خطيب المسجد الأقصى ومفتى القدس، وقال (يا عرب يا مسلمون.. الأقصى فى خطر!)، وأعتقد أننا الآن فى وضع (الإنسان العربى والمسلم أصبح فى خبر كان).
فهل سنظل فى حالة الفرقة والضعف منتظرين التعليمات تلو التعليمات، والمحصلة النهائية إبادة الإنسان والأرض وكل شىء؟!
سندفع ثمن كل هذا مستقبلًا، لأن ما جرى فى غزة والجنوب اللبنانى سيطال بعض البلدان العربية، إن آجلًا أو عاجلًا، فى سبيل تحقيق الحلم الصهيونى والمشروع اليهودى، والذى أعلنوه صريحًا فى الكنيست أنه لن يكون هناك وجود لدولة فلسطينية.
أفيقوا يرحمكم الله.. وقفوا خلف مصر وادعموا شعبها، وستتغير المعادلة، ويعود محور المقاومة العربية، للدول العربية، بعد أن أصبحنا شعوبًا وقبائل متناحرة ومختلفة، والمستفيد الوحيد هو نتنياهو وبن غفير وسموتريتش.
لبنان يضيع أمام أعيننا ولا منجى.. والأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين لا يجد من يدافع عنه.
ارحموا من فى الأرض
يرحمكم من فى السماء.
والبقاء للشعوب دائمًا.