النهار
الإثنين 30 سبتمبر 2024 06:30 صـ 27 ربيع أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

يسرى العزباوى يكتب: جدوي المقاطعة والمشاركة: خبرة دولية مغايرة

يسري العزباوى
يسري العزباوى

علي الرغم من الاجتماع الذي عقد بين الدكتور محمد البرادعي والدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة تواترت أنباء عن مقاطعة جبهة الانقاذ للانتخابات البرلمانية. وقد أرجعت الجبهة ذلك إلي انسداد الأفق السياسي مع السلطة، والتي تدير حوارًا شكليا مع بعض رموز المعارضة، وعدم الاستجابة إلي إقالة الحكومة، وضربها عرض الحائط بمطالب الميادين الملتهبة في محافظات عدة، خاصة مدن القناة الثلاثة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا أيهما أجدي لجبهة الانقاذ: مقاطعة العملية الانتخابية أم المشاركة فيها؟ وفي الحقيقة أشارت دراسة متخصصة لـ "جوديت كيلي" من جامعة دورهام البريطانية حول دراسة السياسات المقارنة أجريت في يوليو 2012 إلي أن "مقاطعة المعارضة أو الشعب للانتخابات قد تتقلص في حال تعزيز دور المراقبين الدوليين للانتخابات بهدف ضمان نزاهتها وعدم تشكيك أي طرف فيها، وأنه ليس هناك مبرر واضح لمقاطعة الانتخابات إذا كانت السلطة لا تمنع مشاركة المعارضة فيها وأن مشاركتها في الانتخابات أفضل من مقاطعتها".


ويري البعض أن المقاطعة مهمة، لأنها تقلل من جودة الانتخابات عن طريق الحد من الاختيار، وقد رأي البعض الآخر أنها قد تعرقل عملية التحول الديمقراطي مثل الكاتب شارلز ليندبرغ. وقد اعتبرت دراسة كيلي أن عواقب مقاطعة الانتخابات لها تبعات معقدة علي مسار إرساء الديمقراطية، كما أن مقاطعة المعارضة تغير من طبيعة الانتخابات بوضوح خصوصا علي مستوي الطرق التي يحتمل أن تكون لها آثار مهمة للمنافسة السياسية.
ويقول الكاتب الأمريكي ليندبرغ لدي أحزاب المعارضة الدافع الكافي للمشاركة في الانتخابات لاكتساب الخبرة والرؤية واكتساب موطئ قدم في البرلمان حتي لو تضاءلت حصتها من الأصوات. وبين أنه علي المدي الطويل العديد من أحزاب المعارضة هي أفضل حالا عند المشاركة في الانتخابات.


وحول مقاطعة الانتخابات أكد مركز التحليل السياسي الأوروبي علي بوابة "أوروبا" علي الإنترنت في ورقة له حول الانتخابات في العالم وفي مقاطعة بورما الصينية خصوصا 2010 (قاطع أو شارك) أن "مقاطعة الانتخابات قد تؤدي إلي الصدام وبالتالي إلي العنف وأن مشاركة المعارضة في الانتخابات تخلق الحوار وقد تؤدي إلي التغيير السلمي". وأظهرت الورقة الأوروبية حول مقاطعة الانتخابات أنه "لن يكون هناك أي حاجة لإجراء نقاش في حال المقاطعة فهي من شأنها أن تظهر بوضوح أن العملية هي مجرد خدعة، وبذلك قد تتسبب في تدفق الغضب الشعبي في العالم بحجة استعادة الديمقراطية".


ومن جانبه أكد الباحث ميريت سيبيرغ بجامعة آرهوس بالدنمارك، أن "المشاركة في الانتخابات من شأنها أن تكشف عن قوة المعارضة وعكس ذلك فإنها تكشف عن معضلة تؤكد عدم قدرتها علي المنافسة في الانتخابات. فإذا قاطعت الانتخابات أحزاب (تيارات) المعارضة أو المرشحين للانتخابات، فإنهم يستبعدون تلقائيا أنفسهم من التأثير المحتمل ووضوح الرؤية". وفي حال مقاطعة كبيرة للانتخابات، فإن أطروحة سيبيرغ تقود إلي إذكاء حالة من الفوضي (المظاهرات والإضرابات وغيرها)". وأكدت الأطروحة الدنماركية أن أعضاء المعارضة المقاطعين لأي انتخابات من شأنهم أن يختبروا قدرة تأثيرهم في إقناع قواعدهم الانتخابية علي عدم المشاركة في التصويت، كما ستكون الانتخابات حاسمة في السماح لمرشحين آخرين بتعزيز فرصهم للنجاح مع إمكانية تحول بعضهم إلي المعارضة بتبني أجندات من قاطعوا الانتخابات منذ البداية".
وقد خلصت دراسة أمريكية أعدها قسم السياسة في جامعة نيويورك تحت عنوان "نظرية المقاطعة الرسمية للانتخابات" في أكتوبر 2010 إلي أنه من الضروري التفكير مليا في التفاعل الاستراتيجي بين المعارضة والحكومة. نظرية اللعبة هي واحدة من أفضل الأدوات لفهم هذا التفاعل الاستراتيجي. ويقول الخبير القانوني الأمريكي جون براتون ضمن الدراسة إن مقاطعة المعارضة كانت وسيلة مؤكدة النجاح لجعل الانتخابات موضع شك، وأنه علي الأقل، مقاطعة المعارضة مؤشر علي عدم وجود اتفاق كامل علي قواعد اللعبة السياسية.
من ناحية أخري، يعتقد روبرت باستور بجامعة نيويورك في الدراسة نفسها أن مقاطعة الانتخابات هي إشارة تدل علي أن المعارضة ضعيفة تنسحب من الانتخابات خوفا من الهزيمة الانتخابية. وذكرت الدراسة أن "نتيجة الشرعية هو استقرار نظام معتبرة أن الشرعية تسمح للمواطنين بالتأثير في عملية التغيير لكن ضمن قنوات مؤسسية للتغيير أو التغيير من خلال معارضة في البرلمان تسعي لبناء الدولة.


وأخيرًا، وفي ضوء ما سبق، فإن علي جبهة الانقاذ أن تدرس وتحدد بدقة موقفها حتي لا تخسر كل شي في العملية الانتخابية، أو علي الأقل تحاول أن تعظم مكاسبها السياسية بأي شكل من الأشكال خلال الفترة المقبلة.