الموت يهدد الأطفال الرضع في غزة.. «الحليب» تحت حصار الاحتلال
كارثة إنسانية يمر بها الطفل الرضيع في فلسطين بسبب نقص غذائه الوحيد وهو الحليب، مما يجعل الأمهات تضطر إلى استبداله بالكثير من المنتجات التي قد تكون غير مناسبة لطفلها الذي لم ير من الحياة أي شيء سوى النزوح وقسوة المحتل الغاشم ونقص غذائه وفقدان المأوى.
«قرايبنا وأهالينا بغزة عندهم نقص في كل شيء وليس فقط الحليب، الوضع صار كارثيًا والمحتل يستهدف الأطفال بقسوة».. بكلمات نابعة من قلب يحترق على أهاليها وذويها في قطاع غزة حاولت أن تصف نوال التميمي، من سكان مدينة رام الله بالضفة الغربية، الوضع الكارثي الذي يعيشه أصدقائها بسبب نقص المساعدات الإنسانية وليس الحليب فقط.
شرحت «التميمي» أثناء تواصل «النهار» معها للحديث عن بعض المستجدات الأخيرة بشأن نقص الحليب للأطفال الرضع في غزة بسبب قلة وصول الإمدادات والمساعدات الإنسانية التي تصل إلى هناك، قائلة:«الوضع أصعب مما يتخيل أي حدا، هذه إبادة جماعية والمحتل لا يوجد في قلبه رحمة على الأطفال الصغار، وبالتالي هناك نقص في المواد الغذائية كافة وليس الحليب فقط، وأنا اتابع مع الأهل والأصدقاء عندما يتوفر الإنترنت ليؤكدوا لي ما يحدث لهم وبالطبع هناك نقص في الحليب والأمهات لا حول ولا قوة يستبدلن الحليب بمنتجات أخرى لحياة أطفالهن».
كشفت «التميمي» أنه في وقت سابق كان يدخل قطاع غزة حوالي ما يقرب من 500 شحنة يوميًا من المستلزمات والمنتجات الغذائية المختلفة، ولكن مع مرور الوقت واستمرار الأزمة، أصبح يدخل إلى القطاع أقل من 100 شحنة، لافتة:«حتى الشحنات اللي بتوصل بتكون هناك حالة من الرعب والخوف بسبب ما يفعله الاحتلال بالأهالي».
«الأم اللي عندها طفل مش راح تتركه وتروح تدور على الحليب، لأنها هتكون دايمًا خايفة عليه، وذلك لأنهم مهددون بالموت بين اللحظة والأخرى، وإذا كان هذا هو الوضع فالطبع سيكون هناك نقص في الحليب وبكل شيء آخر».. سردت «نوال» أثناء الحديث معها أن لديها الكثير من الصديقات لديهن أطفال رضع بالإضافة إلى المعارف في قطاع غزة، في حالة معاناة مستمرة للخوف الدائم على الطفل وإعطائه الأولوية في الحياة وتوفير احتياجاته على قدر المستطاع، ولكن مع ظروف الحرب والإبادة اللاتي يعيشن فيها فقدن كل شيء.
الاحتلال يستهدف قتل الطفولة
من جهتها، استنكرت وسام الريس، أمين سر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية بمصر، ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي وتهديده لمصائر وحياة الشعب الفلسطيني، لافتة أن أقل ما يتم تقديمه هو وصول المساعدات إلى قطاع غزة بالتزامن مع هذه الأزمة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
وتابعت «الريس» خلال تصريحاتها الخاصة لـ«النهار» أن منظمة يونيسف هي ضمن المنظمات المختصة في هذا الشأن، ولكن يتم تقييد هذه الهيئات في إعطاء الشعب الفلسطيني حقه في الحياة، قائلة أن الحليب ضمن الأساسيات خاصًة للطفل والأم.
وأضافت، أن الحليب الصناعي غير متوفر وذلك بسبب عدم وصول الشحنات سريعًا إلى قطاع غزة، حيث أنها تأخذ أيامًا حين وصولها، موضحة أن هذه الطريقة أيضًا نوع من الإبادة الجماعية غير المباشرة.
ولفتت، أن هدفهم الأساسي في قتل الطفولة والقضاء على شعب كامل في أطفالهم، وهذا يعد ضمن الأفعال الإجرامية التي يمارسه الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، موضحة أن دومًا كان لدى الشعب الفلسطيني سلاح هام وهو ارتفاع نسبة المواليد من نسبتها لدى الصهاينة، وبالتالي يزداد أعداد السكان حتى يكون الشعب الفلسطيني أغلبية ولكن بهذه الحرب قرر الاحتلال القضاء على هذا السلاح وتكون البداية من الأطفال والحوامل.
وأشارت، إلى أن الأطفال الرضع يكونوا في صحة جيدة ولكن نتيجة سوء الغذاء سيصابون بأمراض سوء التغذية ونقص المناعة وغيرها من المشكلات الصحية، مضيفة أن هذه الأسباب تزيد من ارتفاع معدل الوفيات بين الأطفال فضلًا عن الوفيات التي تأتي نتيجة للتفجيرات بسبب ارتفاع معدل الجرحى والقتلة.
وأكدت، أن هناك خطورة أيضًا خلال الفترة المقبلة وخصوصًا مع قدوم شهر رمضان وساعات الصيام، وخاصًة أن الأهالي لا يحصلون على كفيتهم من المواد الغذائية، موضحة أن هناك مأساة تنتظر الشعب الفلسطيني وخاصًة الموجود حاليًا في قطاع غزة.
المساعدات على المعبر الفلسطيني
تواصلت «النهار» مع المهندس محمد حسن، مسئول الاستجابة عن العمليات داخل قطاع غزة من الهلال الأحمر المصري، ليرد على نقص الحليب في قطاع غزة للأطفال الرضع، قائلًا:«حليب الأطفال ضمن الإمدادات التي يتم وضعها في الشحنات اليومية لإيصالها لقطاع غزة، ولكن الهلال الأحمر المصري ليست مهمته إيصال المعونات داخل غزة، حيث يتم تسليمها على المعبر الفلسطيني للهلال الأحمر الفلسطيني ويتم تولية توزيعه في الداخل».
وتابع مسئول الاستجابة عن العمليات داخل قطاع غزة من الهلال الأحمر المصري خلال تصريحاته الخاصة لـ«النهار» أن التوزيع يتم فقط على المخيمات المصرية بالشراكة مع الهلال الأحمر الفلسطيني في الداخل والتي تتواجد في خانيونس، موضحًا أنه يتم إيصال الحصص الغذائية بانتظام وكافة الاحتياجات بما فيها حليب الأطفال لكن كل ما هو خارج المخيمات المصرية تتولى المنظمات الدولية توزيعها.
وأضاف، أن حليب الأطفال له العديد من الأنواع الخاصة بحالة كل طفل، النوع الأول خاص بالرضع والنوع الآخر خاص بالأطفال عمومًا والذي يسمى بالتغذية العلاجية لاحتوائه على نسبة عالية من العناصر الغذائية التي يحتاج إليها الطفل، لافتًا أن هذا النوع يكون عوضًا للأطفال عن نقص العناصر الغذائية الهامة.
ولفت، أن نوع الحليب يكون على حسب الوزن والسن، وذلك لأن بعض الأطفال يكونوا حالات خاصة بسبب معاناتهم من الحساسية ضد اللاكتوز، لذا يكون هناك نوعية معينة من الحليب لهم، مضيفًا يتم تنفيذ هذه العملية المعقدة يوميًا لسرعة إيصال المساعدات يوميًا لأهالي غزة ويتم التسليم للهلال الأحمر الفلسطيني أو تولي توزيعه في المخيمات المصرية بخانيونس مع تصنيف الحليب وفقًا للأنواع.