سكان مدينة رفح لـ«النهار»:«نحن في انتظار الموت والاحتلال يحاصرنا»
«بصراحة لا يوجد أي محاولة للحياة لأن الموت يخطف الناس في كل زاوية، يقصفون المدارس والجامعات والمساجد وكل بيوت المدنيين».. معاناة شديدة القسوة حاول شرحها عماد محسن، باحث في الشئون السياسية ومواطن فلسطيني، متواجد الآن في منطقة النزوح برفح، خلال حديثه لـ«النهار» لمعرفة آخر مستجدات الوضع هناك.
«الناس تنتظر وقف العدوان على أمل أن يشرق يومًا جديدًا تكون فلسطين محررة فيه، وحاليًا الفضيلة هي البقاء على قيد الحياة».. بهذه الكلمات النابعة من معاناة الشعب الفلسطيني الصامد أمام الاحتلال الصهيوني الغاشم، أوضح «عماد» من داخل خيمته في رفح، أن الوضع غير الإنساني كما هو، ولكن رغم ذلك أن المواطن الفلسطيني لم يفقد الأمل والصبر رغم قسوة ما يتعرض له يوميًا.
وشرح «عماد» أن حياة الناس هنا في رفح غير مستقرة نهائيًا حيث أنهم يعيشون ساعة بساعة، فضلًا عن ذلك أنه لا توجد أي ضمانات للبقاء على قيد الحياة، لافتًا:«المهم الآن هو تأكيد دعواتنا بعدم اجتياح إسرائيل رفح، فهي مدينة مكتظة بمليون ونصف إنسان والدخول إليها بمعنى مقتلة وجريمة».
«حشر الاحتلال الناس هنا في الزاوية، حدود مصر من جهة والنار من الجهة الأخرى، والمدنيون الأبرياء لا يعرفون أين يذهبون، وكلنا على أمل أن تسفر جهود مصر للوصول إلى وقف إطلاق النار قبل أن تحدث الواقعة».. هكذا وصف «عماد» حالة المدنيين في رفح الآن، حيث أنهم ينتظرون الموت في أي لحظة، ولكن لن يفقدوا الأمل في وقف إطلاق النار.
ومن جهته، أوضح أيمن الرقب، المحلل السياسي الفلسطيني، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الوضع الحالي لمنطقة رفح الحدودية، حيث أن الأوضاع هناك صعبة للغاية بسبب تجمع مليون ونصف نسمة في منطقة لا تتجاوز 60 كيلو متر مربع، لافتًا أن هناك ضغط كبير من الاحتلال على هذه المنطقة وزيادة الضغط يسبب الكثير من الأزمات في هذه المجتمعات الجديدة لأنها تجمع سكان مختلفة من جميع أنحاء غزة، فضلًا عن انتشار الأوبئة والأمراض وخاصًة أمراض الجهاز التنفسي.
وتابع «الرقب» خلال تصريحاته الخاصة لـ«النهار» أن استعداد جيش الاحتلال الإسرائيلي لاجتياح منطقة رفح، بالإضافة إلى ترتيباته لإنشاء منطقة غازلة على بحر غزة يمتد من رفح حتى مشارف مدينة غزة، وتنقل الخيام والكتلة السكانية الأكبر في رفح عبر ممر أمني، مضيفًا أن هذا المخطط يعني وقف فكرة التهجير القسري لسكان قطاع غزة المتواجدين في رفح الآن، ولكن هناك ضغط في هذا الإتجاه دولي بعدم التهجير القسري.
وأضاف، أن الاحتلال الإسرائيلي في حاجة إلى هدنة لأمرين، الأول لإعادة ترتيب أولويات جيش الاحتلال بسبب تضره أثناء الحرب على غزة، والأمر الثاني هو السماح بنقل السكان من رفح إلى أماكن جديدة، موضحًا أنه ينتظر في الأيام القليلة المقبلة أن يتم الإعلان عن الهدنة والتي تمدت إلى 45 يومًا، وإطلاق سراح من 30 إلى 35 أسيرة إسرائيلية مقابل إطلاق سراح من 300 إلى 350 أسير فلسطيني.
وتوقع، أنه بعد عيد الفطر سيقوم الاحتلال الإسرائيلي باجتياح رفح بشكل كامل، خاصًة أن هناك تحريض الآن بشأن وجود حركة حماس داخل رفح.
وفي السياق ذاته، قال صلاح عبد العاطي، المحامي والناشط الحقوقي، ورئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني حشد، إن حتى الآن تم حصر عدد الخسائر البشرية لتحدد النسبة أن 5% من سكان قطاع غزة تمت إبادتهم، لافتًا أن هناك 2 مليون نازح يعيشون فصول الكارثة الإنسانية في الشمال قرابة 400 ألف مواطن يعيشون مجاعة حقيقية، وفي الجنوب والمنطقة الوسطى يتركز معظم اللاجئين والنازحين قسرًا قرابة مليون ونصف في منطقة رفح.
وشرح «عبد العاطي» خلال تصريحاته الخاصة لـ«النهار» الوضع الحالي في منطقة رفح، حيث أن السكان يعيشون في ظروف قاسية وكارثية، والمساعدات التي دخلت قطاع غزة لا تزيد عن 6 آلاف شاحنة مُنذ بدء الأزمة، وبالتالي فهي غير كافية لـ 5% من الاحتياجات، لافتًا وجود النازحين قسرًا في مناطق الإيواء في رفح، بالإضافة إلى الخيام المنتشرة في مساحة رفح بأكملها، كما أن هناك قلة في الغذاء وارتفاع الأسعار وغياب في منظومة الأمن ونقص في الدواء والمياه الصالحة للشرب، وبالتالي فأن هؤلاء يعانون من الأمراض وخاصًة أن نصف هؤلاء النازحين من الأطفال.
وعلق، بشأن تهديدات إسرائيل بالدخول البري إلى منطقة رفح، حيث أنه في حالة اجتياح دولة الاحتلال بالضرورة هذه الطريقة ستهدف إلى دفعهم إلى الهجرة خارج الأراضي الفلسطينية إلى سيناء، قائلًا أن هذا الأمر يتطلب مواجهة ووقف للعدوان وضمان دخول المساعدات الإنسانية والوصول إلى التهدئة وسرعة إغاثة السكان المدنيين حتى لا تتحول رفح إلى منطقة دموية مجرزة كبيرة يتساقط فيها آلاف المواطنين.