أسامة شرشر يكتب: صفقة «رأس الحكمة» والصين.. هل تضبط الدولار والأسعار؟
لا شك أن مشروع رأس الحكمة، من خلال المنظور الاقتصادى، يعطى مؤشرًا إيجابيًّا جدًّا، يعود على الدولة المصرية بعائد مباشر فى حدود 35 مليار دولار، وهناك أيضًا شراكة فى الأرباح مع هيئة المجتمعات العمرانية مع الجانب الإماراتى الذى تمثله شركة أبوظبى القابضة.
وهذه الاتفاقيات إذا تم استغلالها فالمفروض أن يكون هناك عائد مباشر على المواطنين، من خلال إخماد نار الأسعار التى اكتوى بها كل أفراد الشعب المصرى على كل المستويات، بالإضافة إلى الحد من أزمة الشيطان الأكبر وهو الدولار الأمريكى وحصار السوق السوداء أو الموازية، فمبجرد عقد هذه الصفقة حدث تراجع فى الدولار بشكل رائع جدًّا وحقيقى، إلى 48 جنيهًا، وهذا من المفروض اقتصاديًّا أن ينعكس على الأسعار؛ لأنه للأسف الشديد ارتبط كل شىء فى مصر الآن بالدولار، بداية من الطماطم والبصل نهاية بالعقارات والشقق، وأصبح الدولار هو المتحكم فى حياة المصريين اقتصاديًّا.
هذه ليست مبالغة ولكنها حقيقة، فحتى ساندويتش الفول والطعمية المرتبط سيكولوجيًّا بالمواطن المصرى ارتفع سعره ارتفاعًا جنونيًّا، وحتى بائعة الطماطم تقول إن الدولار زاد فلماذا لا ترفع سعر سلعتها!.
ولكن الكارثة الكبرى أن يكون الاستثمار العقارى فى مصر فيه الدفع بالدولار، وكأننا فى دولة أخرى وفى عالم آخر.
فهل تنجح الحكومة فى ضبط الأسعار من خلال رقابة حقيقية وتفعيل القانون الذى صدر أخيرًا؟! وذلك بتحويل مافيا التجار والأسعار إلى القضاء العسكرى بسبب هذا الارتفاع اليومى بل على مدار ساعات اليوم؛ فكل سلعة تزيد بلا ضمير أو رقابة، والذى يدفع فاتورة الفساد فى الأسعار هو المواطن المصرى العظيم، والأغرب أن شبكات الإفساد التى تم القبض عليها من خلال جهاز الرقابة الإدارية الذى يعتبر من أكفأ وأنشط الأجهزة الرقابية فى مصر، تضم مسئولين حكوميين وشبكة من صغار وكبار الموظفين فى الوزارات المعنية، كوّنوا من خلالها ثروات طائلة؛ وهذه هى الطامة الكبرى، ليكون للأسف الشديد (حاميها حراميها).
والتساؤل الذى يدور فى عقول المواطنين: أين مجلس النواب أو البرلمان من فوضى الأسعار؟ ولماذا لا يحاسب الحكومة؟ بل لماذا لا يسقطها؟ هذا سؤال ليس له جواب للأسف الشديد.. فكل برلمانات العالم تمارس نوعًا من الرقابة على الحكومة ولا يتم اتخاذ أى قرار إلا بموافقة البرلمان.
وقد سألنى أحد المواطنين: هل عُرضت اتفاقية رأس الحكمة على البرلمان؟! أم أن الحكومة تعمل بمفردها ولا تعرض شيئًا على البرلمان؟!.
كل هذه التساؤلات وعلامات الاستفهام يجب أن يتم طرحها بشفافية ومصداقية لدى الرأى العام المصرى والمصريين العاملين فى الخارج فى الحوار الاقتصادى الذى بدأت جلساته منذ يومين، وأتمنى ألا يكون (مكلمة) أخرى، فنحن نحتاج إلى قرارات اقتصادية واقعية يشعر بها المواطن، وهذا لن يتأتى إلا من خلال حكومة اقتصادية حقيقية جديدة، وأن يتم التنسيق بين السياسة النقدية والسياسة المالية من خلال عناصر كفؤة، وما أكثرهم فى مصر فى الداخل والخارج ولكنهم يحجمون عن المشاركة فى التشكيل الوزارى ويكون ردهم أنهم يعملون بلا صلاحيات أو قرارات!.
هل آن الأوان ونحن على أبواب شهر رمضان الكريم أن يتم اتخاذ قرار بتشكيل حكومة جديدة بعد أن أدخلتنا الحكومة الحالية إلى دهاليز الأسعار والدولار وأصبح المواطن لا يجد قوت يومه؟ وهذه حقيقة وليست مبالغة، فالناس يصرخون من هذا الغلاء غير المبرر فى طوفان الأسعار الذى أصبح أكثر تأثيرًا من طوفان الأقصى فى غزة، بالإضافة إلى ضرورة الوقف الفورى للسوق السوداء للدولار، فهذه الحكومة صنعت بدعة لم يمر الشعب المصرى بها من قبل وهى أن يكون هناك سعران للدولار، سعر فى البنوك وسعر آخر متداول بين الناس، وهذه جريمة اقتصادية بكل المقايييس، بل إن بعض الخبراء الاقتصاديين يرددون أن الحكومة هى السبب فى إعطاء الضوء الأخضر للسوق السوداء للدولار عندما قالت لرجال الأعمال والتجار إنها ستوفر 50% من احتياجاتهم من الدولار وهم يدبرون 50% الأخرى، وإذا كان هذا الموضوع حقيقيًّا فيجب محاكمة الحكومة فورًا على تقنين وضع دولار السوق السوداء الذى وصل إلى أسعار خيالية.
يا سادة، نحن لا نحتاج إلى حوارات اقتصادية، بل نحتاج إلى قرارات اقتصادية، وأعتقد أن القيادة السياسية تمتلك القرار فى ضبط السوق المصرفية، والأسعار، والخدمات، فهل يُعقل أننا حتى الآن نقوم بتخفيف الأحمال لمدة ساعتين، بالرغم من إعلان رئيس الحكومة فى الصيف الماضى أنه خلال شهر أو أكثر سينتهى تخفيف الأحمال، وها نحن بعد أكثر من 6 أشهر ما زال مسلسل انقطاع الكهرباء مستمرًّا.
أقولها إن فولت المواطن ارتفع بسبب ما يجرى من فساد وإفساد اقتصادى، وموجات من الغلاء وارتفاع الأسعار وارتفاع الدولار.. فمتى يتم القضاء على هذه الفوضى الاقتصادية، واستخدام أدوات الردع ضد هؤلاء المجرمين فى حق هذا الشعب العظيم؟!.
وسأقول مفاجأة من العيار الثقيل –إذا تمت ستلغى السوق السوداء للدولار، وتعيد ضبط الأسعار وتشعر المواطن المصرى بالأمان الاقتصادى، وهذا هو الهدف الحقيقى فى ظل حكومة جديدة- أن الصين ستضخ استثمارات فى مصر فى شهر إبريل القادم (40 مليار دولار)، وأعتقد أن المصدر الذى اختصنا بهذا الخبر، على قدر من المسئولية ويحظى بثقة تامة، وهذه ليست كذبة إبريل ولكنها معلومة إن صدقت ستريح الشعب المصرى الذى عانى وصبر أكثر من أيوب نفسه فى تحمل هذا النزيف الاقتصادى، وخاصة أن هناك لقاء استراتيجيًّا سيتم بين الرئيس السيسى وأردوعان فى إبريل القادم، فالمسائل الاقتصادية متداخلة والقرارات ستكون إيجابية.
إن الدولة المصرية بأجهزتها المسئولة والحقيقية تعمل ليل نهار بعيدًا عن الحكومة الحالية التى تخصم من رصيد الرئيس عبد الفتاح السيسى كل ساعة وكل يوم وكل عام، وآن الأوان لهذه الحكومة أن ترحل، لأن غضب الشعب عليها نراه ونسمعه كل يوم فى إنذار من الشعب المصرى للحكومة بسبب الفوضى الاقتصادية التى زلزلت البلاد والعباد.
وأعتقد أن الدولة المصرية رغم ما يجرى على الحدود فى غزة ورفح وعلى الحدود مع ليبيا والسودان، ومحاولة بعض الدول لحصارها، ستعبر هذه المحنة وهذه الأزمة؛ لسبب بسيط أن مصر ستبقى فى رباط إلى يوم الدين.
فادخلوها بسلام آمنين.