”السلعة مقابل الدولار”.. كيف تؤثر السوق السوداء على الاقتصاد المصري؟.. خبراء اقتصاد يحللون الأزمة ويضعون روشتة العلاج
تشكل العملة الصعبة تحديًا كبيرًا للدولة فى الوقت الراهن، خاصة فى ظل اقتصاد عالمى يعاني نتيجة ظروف غير طبيعية يعيشها العالم، أدت إلى قلة تدفق الاستثمارات الأجنبية، وارتفاع ملحوظ فى أسعار السلع والخدمات، وزاد الأمر سواًء تجارة العملة فى السوق السوداء بشكل أدى إلى عدم استقرار سعر الصرف، وهو ما جعل الدولة تسعى جاهدة للسيطرة على السوق المصرفي، سواء عن طريق إجراءات عاجلة أو قرارات من شأنها زيادة التدفقات الأجنبية، وحملات أمنية لضبط المتهمين فى قضايا الاتجار بالعملة خارج الأسواق الرسمية.
79 قضية تجارة عملة
داهمت وزارة الداخلية السوق السوداء لتجارة العملة، فى إطار ضرباتها الأمنية لجرائم الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي، والمضاربة بأسعار العملات عن طريق إخفائها عن التداول والاتجار بها خارج نطاق السوق المصرفية، ونجح قطاع الأمن العام بالاشتراك مع الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة ومديريات الأمن فى أقل من أسبوع في ضبط 79 قضية "اتجار" فى العملات الأجنبية المختلفة بقيمة مالية تقدر بـحوالي 29 مليون جنيه.
أموال فى الجراج
وفى مطلع شهر يناير الماضي نجحت فى ضبط 3 متهمين بحيازة العديد من العملات الأجنبية في منطقة حدائق أكتوبر في الجيزة، حيث تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة، إخطارا تضمن العثور على مبالغ مالية ضخمة داخل سيارتين بحوزة ثلاثة أشخاص حاولوا الهروب من دورية أمنية في أكتوبر، وبتفتيش السيارتين عثر بداخلهما على ملايين الجنيهات والعملات الأجنبية وبتطوير المناقشة عن مصدر الأموال، أرشد المتهمين عن غرفة سرية داخل جراج بمنطقة حدائق أكتوبر، أخفوا ملايين الجنيهات والعملات الأجنبية فيها.
السلعة مقابل الدولار
يقول الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، أن محاولات السوق السوداء استغلال الوضع الاقتصادي المتأزم قضية ليست بجديدة، ولكنها تشتد وتظهر فى الأزمات المختلفة، وتثبت إن هناك الكثيرون الذين يكسبون دون عناء، ويساعدهم على ذلك تعطش السوق للعملة الصعبة، واستغلال السوشال ميديا فى الترويج، فضلًا عن الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تعاني منه الدولة المصرية.
وأشار "بدرة"، في تصريحات خاصة لـ"النهار"، أن هناك ندرة في العملة الأجنبية عمقت الأزمة أكثر، وذلك ساعد السوق السوداء علي التوحش في كل القطاعات و كل الأنشطة، وخرجت العملية من نطاق المستوردين الذي يتعاملون بالدولار، وأصبح الدائر حاليًا أن السلعة مقابلها الدولار، وذلك أثر بالسلب علي الوضع الاقتصادي المصري.
واستكمل حديثه، المشكلة الأن متضاعفة بسبب أن الدولة عندما بدأت في معالجة الأمر حدث تباطئ في عملية تغطية الأموال المطلوبة، مما أثر على حركة الاستيراد من الخارج وزيادة المخزون من البضائع، وهذا أحدث تكالب علي السوق السوداء، وحل المشكلة والقضاء علي السوق السوداء يكمن فى ضخ عملة أجنبية داخل الجهاز المصرفي؛ لتلبية احتياجات الناس عن طريق السوق الرسمية.
مجرمة شرعًا وقانوًنا
قال محمد البهواشي، الخبير والباحث الاقتصادي، تجارة العملة في الأساس مجرمة شرعًا ومجرمة قانونًا، باعتبارها تلاعب في سعر الصرف الرسمي للدولة وللنقد الأجنبي، ولاثارها السلبية التى تخلق ضغط علي العملة الصعه التي تحتاجها الدولة.
وأشار "البهواشي"، في تصريحات خاصة لـ "النهار"، مصر لها وضع خاص باعتبار أن أغلب المدخلات الاساسية من سلع وانتاج يتم استيرادها من الخارج، بالإضافة إلي أن الحاصلات النقدية من العملة الاجنبية في مصر مصادرها تقريبا ثابتة، مثل تدفقات الاستثمار المباشر، عائدات المصرين العاملين بالخارج، عائدات قناة السويس، الصادرات المصرية وبعد المصادر الأخري القليلة، وذلك غير كافي لسد الاحتياجات التي تحتاجها الموازنة العامة لاستيفاء الوارادت المصرية.
وتابع، يتم الضغط علي سعر الصرف من قبل السوق الموازي أو السوق السوداء، من قبل المتاجرين في العملة الأجنبية، مما يؤدي إلى خلق فجوة دولارية لها تأثير سلبي علي الاقتصاد المصري، تشكل ضغط شديد علي توفير العملة، وتوجه بعض المصادر مثل عائدات المصريين العاملين بالخارج للتعامل بالسوق السوداء بدلا من التعامل الرسمي، مما يؤثر ذلك علي قلة العائدات المصرية من العملة الصعبة، وتجعل الدولة تلجئ إلي توفير هذه العملة عن طريق السوق السوداء.
أنهى "البهواشي" حديثه قائلا: السوق السوداء أو المتاجرة هي الباب الخلفي للتعامل في الاقتصاد غير الرسمي، فكل اقتصاد غير رسمي مثل المخدرات والسلاح أي تجارة غير شرعية ومجرمة قانونيًا لم يكن لها مصادر نقد في البنوك الرسمية تلجئ إلي السوق السوداء؛ لتوفير احتياجتها التي تسبب ضرر للاقتصاد المصري.
الحبس والغرامة
فيما يقول المستشار عصام الطباخ، المحامي بالنقض، أن جرائم النقد الأجنبي من الجرائم الاقتصادية التي تشكل أضرار بالغة علي الاقتصاد القومي للبلاد نتيجة انخفاض سعر العملة الوطنية، مما يترتب عليه انعكاس سلبي علي المواطن المصري.
وأشار" الطباخ"، في تصريحات خاصة لـ"النهار"، يجب علي كل مواطن أن تكون جميع تعاملاته في بيع وشراء النقد الأجنبي عن طريق البنوك المعتمدة، أو الجهات التي رخص لها التعامل في النقد الاجنبي من محافظ البنك المركزي، وجرائم النقد الأجنبي كأي جريمة اقتصادية يمتد تأثيرها السلبي لاجيال متعددة، وذات تأثير واسع علي المواطنين.
وأوضح المستشار القانوني، أفرد المشرع المصري في القانون رقم ( 194 ) لسنة 2020 بأصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي في الباب الخامس منه بتنظيم التعامل في النقد الأجنبي، وحدد الأطر القانونية الاجرائيه لجرائم النقد الأجنبي وأفرد الباب السابع للعقوبات الخاصه بتلك الجرائم.
وأستكمل حديثه قائلا: فعلي سيبل المثال جريمة التعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك المعتمدة أو الجهات التي رخص لها في ذلك تكون عقوبتها السجن (أي جناية) مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد علي عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر.