أسامة شرشر يكتب: ظاهرة محمد صلاح
انشغل الرأى العام المصرى والعربى بل العالمى بظاهرة النجم العالمى المصرى محمد صلاح (مو صلاح)، نجم ليفربول الإنجليزى، خصوصًا فى الأيام الأخيرة التى وصل فيها سعره لمبالغ خيالية، هى الأكبر فى العالم؛ ليتفوق على كريستيانو رونالدو وميسى ونيمار، ويحتل قائمة أغلى نجم كرة قدم فى العالم.
مو صلاح ظاهرة استثنائية لن تتكرر فى كرة القدم بسهولة؛ فهو فى منطقة خاصة من النجومية، لدرجة أننا إذا قلنا إن لمصر نجومها العالميين فى المجال الطبى كطبيب القلب العالمى الإنسان مجدى يعقوب، وفى مجال العلوم الدكتور أحمد زويل، والمهندس هانى عازر فى مجال الطرق والسكك الحديدية، فلابد أن نذكر فى المجال الرياضى العالمى أن لدينا محمد صلاح الذى يرتبط بنبض الناس ويمتاز بالتواضع وحب الخير لأبناء بلده ودعمهم.
وقد شغلت ظاهرة محمد صلاح، ابن مصر ونجم ليفربول، الإعلام الرياضى فى كل العالم من خلال عرض اتحاد جدة الراغب فى انتقال صلاح إليه بأى مقابل، حيث تضاعف عرض الانتقال من مائة مليون دولار إلى ٢٠٠ مليون إسترلينى ليصبح أغلى لاعب فى العالم فى ظاهرة لم تحدث من قبل.
وأصبح ذكر محمد صلاح بجوار اسم مصر هو الشاغل الذى يشغل كل العالم كله؛ ليتساءل الجميع ويترقب قرار النجم المصرى الذى التزم الصمت الإعلامى وحير الجميع من حوله، ولم يعرف أحد حتى المقربين من محمد صلاح ما هو قراره، وهو للحقيقة فى موقف صعب بين عرض كبير جدًّا وبين حلم أكبر بالاستمرار فى غزو أوروبا كرويًا حتى الوصول للكرة الذهبية ليحقق إنجازًا لم يسبقه إليه أى عربى من قبل، كان وما زال حكرًا على النجوم فى أوروبا والكرة العالمية.
وأكثر ما يثبت قيمة محمد صلاح فعلًا هو ما قاله مدربه يورجن كلوب، المدير الفنى لفريق ليفربول، من أن (محمد صلاح ليس للبيع تحت أى ظرف من الظروف)، ونحن هنا نتحدث عن مبلغ 200 مليون جنيه إسترلينى كانت ستسمح له كمدير فنى بشراء أى لاعب يريد، ورغم ذلك رفض وأصر على بقاء مو صلاح.
وظاهرة العالمى محمد صلاح ابن مصر ظاهرة ملهمة ولافتة لم تحدث من فراغ، فقد التقيت به عدة مرات ورأيت عن قرب الجهد والموهبة التى يتمتع بها بل كتبت منذ عدة سنوات أن محمد صلاح قادم وسيكون رقم واحد فى العالم.
وهذا ليس غريبًا؛ فقد كان محمد صلاح يحطم يومًا بعد يوم الأرقام القياسية فى الدورى الإنجليزى ويكسر أرقام أساطير النادى الكبير التى لم يستطع أحد تجاوزها منذ عشرات السنين لكن صلاح فعلها سواء بالتهديف أو عدد المباريات أو روعة الأداء.
وحسب المعلومات المتاحة لدىّ، يخطئ من يظن أن السعودية أغلقت ملف النجم المصرى وأسطورة ليفربول محمد صلاح حتى وإن لم تتم الصفقة هذا الموسم؛ فالسعودية لا تشترى لاعب كرة بل تشترى ظاهرة عالمية تحمل لقب «فخر العرب»، فوجود أبو مكة بالقرب من مكة سيدعم ملف السعودية للمشاركة فى استضافة كأس العالم وسيخطف أنظار العالم رياضيًا لتتسلط على المنافسة التى تجرى فى الدورى السعودى والذى تسعى السعودية إلى أن يكون من أقوى الدوريات فى العالم.
والعقبة التى تقف فى طريق انتقال محمد صلاح للنادى السعودى– اتحاد جدة- تتمثل فى يورجن كلوب، مدرب ليفربول، فهو مدرب ذكى يعرف قيمة صلاح وأنه ليس لديه بديل له فى النادى الإنجليزى؛ فهو أهم لاعب عالمى فى مركزه كجناح وصانع ألعاب يتميز بصنع الأهداف بل تسجيل الصعب منها من زوايا يبدو فى بعض الحالات من المستحيل التسجيل منها، كما أن رحيل محمد صلاح الآن عن ليفربوبول وهو فى قمة تألقه كلاعب عالمى سيثير غضب الجماهير الإنجليزية ضد النادى لتفريطها فى نجم الفريق، خاصة أن الوضع المالى الحالى لفريق ليفربول ممتاز ولا تحتاج خزائنه لمزيد من الدولارات، ولكن تحتاج ظاهرة مو صلاح التى غزت أوروبا وجذبت مشجعين عربًا للنادى الإنجليزى وعلى رأسهم ١٠٠ مليون مصرى.
وكمعلومة مؤكدة فإن فرصة حصول محمد صلاح على الكرة الذهبية أصبحت كبيرة بعد أن فرغت له الساحة الأوروبية ولم يعد فيها غير هولاند ومبابى، وصلاح قادر على أن يحتل الصدارة ويجعلهما خلفه ليكون هو النجم الأول فى الموسم المقبل بل ربما الحالى.
وأعتقد أن أحمد عيسى، وزير السياحة، أمامه فرصة ذهبية للترويج للسياحة المصرية، من خلال التعاون مع مو صلاح الذى شغل العالم بأسره، وهو ما أظن أنه سيساعد على جذب أعداد كبيرة من السائحين، ليس 18 مليون سائح فقط حسب توقعات الوزارة، ولكن أظن أنها ستصل إلى 50 أو حتى 70 مليون سائح سنويًّا، فمو صلاح هو خير سفير لمصر، ولا ننسى الرسالة التى وجهها أحد مشجعى ليفربول أمام وسائل الإعلام البريطانية (مو صلاح أنا أحبك أكثر من أمى)، أو تكريمه من ولى العهد البريطانى الأمير وليام، أو إضافة تمثال شمعى له فى متحف مدام توسو الشهير، وهو الأمر الذى كان مبعثًا لفخر كل مصرى وعربى.
ما أحوج شبابنا اليوم إلى النموذج والقدوة الناجحة فى كل المجالات! فهذه النماذج تؤكد أنه عندما تتاح للمصريين فرصة فهم قادرون على الإبداع والوصول إلى أعلى المراتب العلمية والرياضية والاقتصادية والفنية، وأن الحضارة تجرى فى عروق المصريين، ليس بالكلام ولكن بالأفعال، فالشعب المصرى تعرض لكثير من التحديات والنكسات، ولكنه نهض وقام وانتصر، فمصر ستبقى إلى يوم الدين فادخلوها بسلام آمنين طالما يوجد من أرضها ونيلها نموذج مصرى حقيقى وظاهرة تسمى محمد صلاح.
فما أحوجنا اليوم إلى آلاف محمد صلاح فى جميع مجالات الحياة! لأنه أيقونة وقيمة أخلاقية وقيمة إنسانية ومنارة تسطع فى سماء قاهرة المعز.
وأخيرًا.. (يحيا محمد صلاح)
فخر المصريين وفخر العرب وفخر ليفربول.