”النهار” تخترق ملف فنكوش الدكتوراة الفخرية
"بلد شهادات صحيح" .. جملة الفنان عادل إمام في مسرحية "أنا وهو وهي"، ظلت عالقة في أذهان الجميع.
مع مرور عشرات السنين، تحولت هذه العبارة إلي واقع نعيشه يومياً؛ بعد أن بات الجميع يبحث عن شهادات حتي لو كانت "وهمية" وليس لها قيمة ولا تساوي الحبر الذي كتب بها، حتى يتباهى أمام الجميع بهذا اللقب المزيف، فأنتشرت مراكز و جمعيات و مؤسسات و منظمات تبيع هذا الوهم للحالمين وأيضاً النصابين من خلال ورقة لا تضيف لصاحبها إلا الوهم.
خلال السنين الماضية، تصاعد الجدل حول قضية الشهادات العلمية المزورة أو الوهمية، بعد الكشف عن كثير من حالات التزوير التى قام بها بعض ذوى النفوس الضعيفة والضمائر الفاسدة؛ للحصول على شهادة علمية لا يستحقونها أو درجة علمية وهمية، الأمر الذى أستدعى قيام وزارة التعليم العالى والبحث العلمى بإستصدار قرار بغلق العديد من الكيانات الوهمية التى تمنح شهادات علمية مزورة، وتدعى منح الدكتوراه الفخرية دون دراسة، والماجستير والدكتوراه المهنية فى مجالات: "الصحة النفسية، وإدارة الأعمال، والتربية الخاصة، وإدارة المدارس الدولية، والمحاسبة، وغيرها".
رصدت "النهار" فى الفترة الأخيرة، إعلانات لصفحات كثير عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمراكز وهمية، أنتشرت خلال الفترة السابقة داخل فئات كثيرة في المجتمع، تحتوى على تكريمات وألقاب بدت منتشرة وبشكل ملحوظ: "دكتوراه فخرية - مستشار إعلامى - سفير نوايا حسنة - صحفى - مستشار تحكيم دولى"، ألقاب عديدة وكثيرة، المهم أنك تدفع و ستصبح ذا مكانة مرموقة في المجتمع دون خبرة أو دراسة.
وفى هذا الصدد، فتحت "النهار" ملف الشهادات الوهيمة والألقاب المزورة التي تمنحها مراكز وهمية مثل: "الدكتوراة الفخرية وسفير نوايا الحسنة وخبراء التحكيم الدولي والمستشار الإعلامي"، وتجذب هذه المراكز عدد من الفنانين والمشاهير كدعاية لها لجذب الحالمين والباحثين عن هذه الألقاب مقابل مبالغ مالية، ومنذ عام قامت الفنانة "سميه الخشاب"، بنشر صوراً ومقاطع فيديو عبر خاصية "ستوري" بحسابها على "إنستغرام"، تشكر منظمة الأمم المتحدة للفنون على منحها الشهادة التي حملتها بين يديها ولباس التخرج، وسط نخبة من النجوم، قبل أن تحذف الصور ومقاطع الفيديو، بعدما كشفت الأمم المتحدة حقيقة الأمر، نافية علمها بهذه المنظمة على الإنترنت أو على مواقع التواصل الاجتماعي.
على هذا السياق، تقوم "وزارة الداخلية" بمجهودات مكثفة في القبض علي الكثير منهم بكل محافظات الجمهورية، حيث تمكنت مباحث الأموال العامة في الجيزة بضبط شخص أدار "كيان تعليمي وهمي"، يمنح الدارسين فيه شهادات دراسية مزورة، متخذاً من شقة سكنية مقراً لنشاطه الإجرامي في النصب علي راغبي الحصول علي شهادات دراسية عليا، زاعماً كونه وكيلاً لجامعة أجنبية والإعلان علي شبكة الإنترنت والصحف والمجلات ووسائل الإعلام المختلفة عن مزايا الدراسة بالمركز ومنحهم شهادات دراسية عليا؛ عبارة عن دبلومة وماجيستير معتمدة من الجهات المعنية ومنسوب صدورها لتلك الجامعة الأجنبية.
ونجحت مباحث الأموال العامة بالقاهرة فى القبض على أحد الأشخاص، وكان يعمل بالترويج لكيان وهمى لبيع الشهادات الفخرية، حيث تبين أنه حاصل علي ليسانس آدب ومقيم بمنطقة الخصوص، وتم تحديد مقر الأكاديمية الوهمية بمنطقة عين شمس، وأثناء القبض عليه عثر بحوزته علي شهادة بأسماء مختلفة عبارة عن دكتوراه فخرية ومستشار تحكيمم دولي وشهادات خالية من البيانات ودفاتر ايصالات تحصيل نقدية لاسماء مختلفة. وكارنيهات واختام تعود بصمتها للأكاديمية وجميعها مزيفة ومنسوب صدورها لجهات وهمية.
وفى محافظة القليوبية، قد تمكنت مباحث الأموال العامة من ضبط متهمين لأنشائهم كيانات وهمية؛ لإصدار بطاقات عضوية منسوب صدوها لنقابة الصحفيين، والاحتيال علي المواطنين والاستيلاء علي مبالغ مالية منهم، وإنتحال صفات لبعض المسئولين بالدولة لإنهاء بعض المصالح مقابل لطلبات حصولهم علي مبالغ مالية كبيرة من المواطنين، وتم ضبطهم وبحوزتهم مستندات و نماذج لطلبات معدة للتزوير وممهورة بخاتم شعار الجمهورية مقلد و توكيلات و شهادات مزورة منسوب صدورها لعدد من المنظمات المصرية والأجنبية وكمية كبيرة من الكارنيهات المزورة.
وبخصوص هذا الشأن، كان قد أوضح الدكتور صلاح فوزي، المستشار القانوني لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، خلال لقاء تلفزيوني، إن قانون تنظيم الجامعات المصرية لم يحدد أي ضوابط في هذا الشأن، وأنه يحق لمجالس الجامعات أن تمنح شهادة الدكتوراه الفخرية لأشخاص قائلا: "قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، في الفقرة الثانية بند 21، ينص على أن مجالس الجامعات تختص بمنح الدرجات والشهادات العلمية والدبلومات ومنح الدرجات الفخرية"، موضحاً أن منح الدرجات الفخرية كشهادة الدكتوراه الفخرية شيء طبيعي بشروط، ولكنها ليست درجة أكاديمية، وما هي إلا تقدير أو تكريم من الجهة المانحة للشخص الممنوح، ولا يترتب عليها الحصول على أي درجة أكاديمية أو مميزات الدرجة الأكاديمية.
عمليات النصب والإحتيال بتزوير الشهادات العلمية جريمة لها تأثيراتها المدمرة على المجتمع، ولذلك فإن هناك ضرورة قصوى للتصدى لها بشكل حاسم وقاطع على جميع المستويات، من خلال العديد من الآليات والحلول، ومنها ضرورة تفعيل دور الجهات الرقابية المعنية بالتدقيق على الشهادات العلمية، وسن التشريعات التى تغلظ عقوبة جريمة التزوير، ومعاقبة الجانى فى أسرع وقت، حتى تختفى هذه الأفة الفاسدة من المجتمع.