”النهار” تفتح النيران على عصابات الشهادات الجامعية المزورة
فتحت جريدة "النهار"؛ ملف قضية تزوير الشهادات الجامعية داخل مصر، بعد أن أنتشر إعلانات كثيرة خلال الفتره الماضية و الحالية عبر صفحات التواصل الإجتماعى، بتوفير شهادات جامعية مزورة لمن يريد الحصول عليها.
رصدت "النهار" عدد من الإعلانات المنتشرة على صفحات التواصل الإجتماعى "الفيس بوك والانستجرام وتويتر"، تروج لنفسها بإعتبارها أماكن لتزوير الشهادات وكأنه شئ قانونى، ومنها أحد إعلانات على موقع "الفيس بوك" يحمل فى مضمونة:
"عاوز تسافر و مش معاك شهادة جامعية، عاوز كشف حساب للسفارات .. الآن تم فتح باب التسجيل للماجستير والدكتوراة، وماجستير مهنى وأكاديمى، ودبلومة، معتمدين من الجهات الرسمية كلها ومصدقة رسميًا من الخارجيه المصرية والسفارات، ومن الجامعات الأمريكية و الأوروبية، وأيضاً تم فتح باب توثيق الشهادات الغير مسجلة من الخارجية المصرية والسفارات .. تواصل معنا على الصفحة وهنرد على كل استفساراتكم".
فيما أعلنت صفحة أخرى: "لو انت مؤهل متوسط أو أقل كمان و محتاج شهادة جامعية وكأنك درست بالجامعة وتخرجت منها، عندنا هنوفرلك شهادات لجميع التخصصات "بكالوريوس - دبلومة - ماجستير - دكتوراة"، ومعتمدة من جميع الجامعات ومن المجلس الأعلى للجامعات المصرية .. ابعت لنا على صفحتنا عبر الفيس بوك وهنقولك كل شئ.
وعبر منشور آخر: "فرصة عظيمة للجميع سواء طلبة أو جامعيين" وكل من لم يحصل على مؤهل .. الأن تستطيع أن تحصل على شهادة جامعية، تشتغل بيها فى القطاع الخاص، وأما عن القطاع الحكومى، له أيضا الطرق السليمة و كله عندنا .. محتاج شهادات معتمدة من جامعة القاهرة، المنصورة، إسكندرية، كفرالشيخ، عاوز شهادة بكالوريوس تربية، زراعة، تجارة، آداب، حاسبات ومعلومات، إعلام، حقوق، أو دبلومة فى التمريض، أو فى التحاليل، ماجستير أكاديمى، ماجستير مهنى، شهادات جامعة كامبردج، شهادات تويفل، شهادات خبرة فى جميع المجالات، كل ده عندنا و متشلش هم المؤهل خلاص.
هكذا يتم الترويج على منصات التواصل الإجتماعي من عصابات مزورى الشهادات الجامعية وإصطياد زائرى الأعلانات، عبر رسائل مكتوبة على رسائل الصفحات، أو عبر الإتصال الهاتفى.
تواصلت "جريدة النهار" مع "خالد ع.م"، أحد الطلاب الذى تمت عملية النصب عليهم من أحد الصفحات، وصرح قائلآ: أنه تواصل مع إحدى الصفحات بغرض السؤال عن الشهادات، وكان رد أدمن الصفحة: "لدينا شهادات جامعية معتمدة، وشهادات التخرج المتاحة لدينا من جامعة طنطا لجميع الكليات فيها، وأضاف بطلب إحضار بعض من الأوراق المطلوبة كصورة شخصية، وصورة بطاقة، وتاريخ التخرج، وإرسالهم عبر الصفحة، ورقم الهاتف، وأخبرنى أن إستلام الشهادة بعد 4 أيام فى إحدى الاماكن و بعدها يتحصل على النقود وقت الإستلام".
وأضاف خالد، أنه فى سؤالى له عن أسعار الشهادات، قال لى رد أدهشنى: "هتشتغل بيها ولا منظره وخلاص ولا هتسافر بيها؟، لو هتسافر بيها، فهيبقى سعرها بالدولار، لأن لو هتروح بيها لسجل مدنى، فالشهادة دى هتبقى بثمن، واللى هتتعلق على الحيطة فى بيتكم، هتبقى بثمن تانى، والشهادة اللى عاوز تدخل بيها النقابة و تاخد الكارنية بتاعها، هتبقى بـ 30 ألف جنية، ودى بقى هتخليك تتعين فى أى شركة فى مصر حتى لو شركة نجيب ساويرس نفسه".
وبسؤال "خالد" عن سعر شهادة كلية الآداب، رد أدمن الصفحة قائلا ً: الآداب كويسة، وممكن تاخد شهادة من اللى تدخل بيها السجل المدنى ومعتمدة وموثقة، وهيكونوا نسخين موثقين من وزاره الخارجية؛ ولو انت عاوز الشهادة خلاص، ابعت لنا البيانات على الواتس، وهنبدأ شغل على طول، ولكن أقل عربون 2000 جنية، أبعتهم على رقم كاش فودافون، وبعد ما نخلص شغل، هنصورلك فيديو بالشهادة بتاعتك عشان المصداقية، ونبعتهالك فى أى مكان أنت عاوزة و بعدها تحول لنا باقى الفلوس.
وأشار "خالد" بسؤال لأدمن الصحفة عن ضمان عدم كشف التزوير قال: "أنت هتاخد شهادة مختومة بختم الجامعة، واللى خد مننا شغل هو اللى قالك علينا، و ضامن شغلنا كويس جداً، و عشان كده بعتك لينا، والأختام اللى على الشهادة اللى هتوصلك، دى أختام أتسرقت من الحكومة .. متقلقش يا حبيبى"
وطبقاً لمحاضر المضبوطات فى مباحث الأموال العامة، يقوم المزور بطباعة المحتوى المطلوب بإستخدام برامج تغيير الصورة، من بينها برنامج "الفوتوشوب" الذى يمحو أى كتابة قديمة ليحصل على ورقة مختومة فارغة تماماً من البيانات، وينتقل بعدها المُستخرج لمرحلة إعادة البيانات الجديدة المطلوب إضافتها من الاسم والصورة، وإستخدام بعض أدوات التزوير اليدوى بوضع ورق "استنسل" شفاف مكتوب عليه البيانات معكوسة، ليتم سحبها من جهاز "الإسكانر" مرة أخرى.
وخلال العام الماضى و الحالى تم ضبط عصابات لتزوير الشهادات الجامعية فى مصر، رفعت شعار "أدفع وأحصل على الشهادة اللى بتحلم بيها، هتاخد الماجستير والدكتوراة وأنت فى بيتك، لمن لم يحالفهم الحظ للإلتحاق بالجامعة، هنخليك من الحاصلين على المؤهل العالى فى لحظات.
ففى "محافظة القاهرة"، ألقت مباحث الأموال العامة، القبض على أفراد تشكيل عصابى تمكن من تزوير شهادات الماجستير والدكتوراة مقابل مبلغ مادى، عن طريق أبلكيشن "التليجرام"، وبيعها لراغبيها ، ومن ثم التقدم بها لبعض السفارات للدول العربية و الأجنبية، للحصول بموجبها على تأشيرات دخول مقابل حصولهم على مبالغ مالية تراوحت ما بين 5 إلى 10 آلاف جنية.
كما تمكنت أجهزة الأمن فى "محافظة الجيزة" من إلقاء القبض على معيد جامعى وشقيقه، كونا تشكيلًا عصابيًا تخصص فى تزوير شهادات التخرج المنسوبة لجامعة القاهرة، وبيعها بـ 6 آلاف جنيه للشهادة الواحدة، و كان بحوزتهما 20 ألف شهادة جامعية مزورة لجامعات الإسكندرية، كفر الشيخ، و عين شمس.
وضبطت مباحث الأموال العامة عبر مواقع "الفيس بوك" شاب بمحافظة الإسكندرية، يدير صفحة للإعلان عن المستندات الرسمية والشهادات الجامعية المزورة مقابل حصوله على مبالغ مالية، بإسم "شهادات دولية معتمدة وأصلية".
وأيضا ضبطت مباحث الأموال العامة؛ مدير شركة "بمحافظة المنوفية"، بتهمة تزوير شهادات جامعية مقابل الحصول على مبالغ مالية، منسوب صدورها لبعض الجهات الحكومية، وعُثر على 25 شهادة بأسماء أشخاص مختلفة منسوب صدورها إلى جامعة القاهرة و جامعة طنطا.
ويتم كشف التزوير فى الأوراق الرسمية، بشرط تقديمه لجهة حكومية، حيث يتم الإستعلام عنها من الجهة الصادرة منها فوفقًا للقانون، يوجد فى كل جهة حكومية قسم خاص للإستعلامات عن الشهادات الجامعية، وتتراوح عقوبة التزوير فى الأوراق الرسمية من 3 إلى 15 سنة سجن، والعقوبة تقع بشكل أساسى على الفرد الذى يقدم شهادة مزورة بإسمه للجهات، وفى حال إتهام شخص آخر، يتم الفحص عن طريق خبير للخطوط، وفى حالة أن يكون المستند مزورًا من خلال جهاز كمبيوتر، فالوضع يختلف تمامًا لإثبات التزوير فى هذه الحالة، فيها يتم البحث عن الأرقام والتسلسل الذى من المفترض أن يكون موجودًا على الشهادة، وهو ذاته الموجود والمطابق لرقم الشهادة أو الورقة الرسمية فى الدفاتر.
وكان قد صرح فتحى عباس "المستشار الإعلامى لجامعة القاهرة"، خلال تصريحات لأحد البرامج التلفزيونية، إن الجامعة بدأت فى العام الدراسى الحالى، تطبيق نظام إستخراج شهادات تخرج تحتوى على علامة مائية بمختلف الكليات بالجامعة، خصوصا للخريجين من السنوات الدراسية المختلفة، بمن فيهم الحاصلون على درجتى الماجستير والدكتوراه، و ايضاً خريجو الدراسات العليا، لمحاربة التزوير، بحيث يصعب على أى شخص أن يحاول أو يعمل على تقليدها أو تزويرها، وضغطها بختم الجامعة، لمنع أى شخص من محاولة تزوير هذه الشهادات أو تقليدها.
وبخصوص هذا الشأن؛ قدم النائب فايز بركات، عضو لجنة التعليم، طلب إحاطة للدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى، حول آلية الوزارة لمكافحة إنتشار ظاهرة الشهادات المزورة ومن يريد إفساد المنظومة التعليمية فى مصر، والقضاء على مصداقية الشهادات العلمية المصرية فى الخارج وعدم إعتمادها، وتسائل عن آليات الوزارة للتأكد من مصداقية الشهادات العلمية الصادرة عن الجامعات المصرية.
وعلى السياق، قد أعدت وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، القائمة السوداء للأماكن التعليمية الوهمية بكل محافظات الجمهورية، التى تمارس أعمال النصب و التزوير على الطلاب، بإسم الوزارة والجامعات، ونجحت مسئولى الضبطية القضائية بالوزارة، فى مداهمة أكثر من 102 كياناً تعليمياً وهميآ بمختلف المحافظات خلال العامين الماضيين، واتخذت ضدها الإجراءات القانونية.