ضرورة الحوار الوطني
بقلم : محمد عبد الستار الدش
يقول البعض : إن الحوار الوطني مسألة تم اختراعها لإلهاء الناس في مكلمة لا طائل من ورائها ؛ فمجلس الشيوخ (الشورى)يفعل ما يفعله المتحاورون في هذا الحوار الوطني .وماذا يفعل نواب الشعب المنتخبون ليمثلوا كل فئات الشعب في المجلس ،ولهم الصلاحية الكاملة في إصدار المواد التي تخدم الشعب ،وترتقي بالدولة ؟
فالتحديات التي تواجه الناس كثيرة ،أخرجت أسرا من دائرة السَّـتْر إلى العَوَز ، وأقْدَم البعض على الانتحار؛ لشعوره بالعجز التام أمام غلاء الأسعار المستمر ،وانخفاض قيمة الجنيه المستمر ،وجشع البعض من التجار الكبار ،وكذلك الأطباء في عياداتهم ،والمستشفيات الخاصة ، والمدرسين في دروسهم الخصوصية ،وسناترهم التعليمية ، والفساد ، وتراجع أخلاقيات وقيم مجتمعية من التعاون ، والمشاركة ، والتسامح ،والتواضع كان يتمتع بها غالبية المجتمع المصري كانت تخفف من حدة المعاناة في السابق أوقات الشدة والحروب.
تحديات أخرى خارجية مثل 1- حرب روسيا وأوكرانيا بمساعدة الغرب وأمريكا في حرب استنزاف شبه عالمية مؤثرة على العالم بأكمله.2-تربص أعداء الوطن بالمؤامرات لضرب الوطن.3- محاصرة الوطن بالصراعات المسلحة مثل السودان ،وليبيا وغيرهما من البلاد العربية . 4- مشكلة فلسطين الوجع الدائم ،والاعتداءات المستمرة من إسرائيل المتغطرسة ،وتأثير ذلك على الحدود والأمن الداخلي .5- مشكلة المياه وسد النهضة.
أمام كل ما سبق كان لابد من مسألة الحوار الوطني التي يشارك فيها أطياف متنوعة من النخب في مصر ،وهي تشكل مظهرا من مظاهر الديمقراطية المنضبطة بعيدا عن العشوائية؛ ومن هنا فكل العصف الذهني ، والأفكار المتناولة بكل أطيافها تعبر عن شكل من أشكال حرية التعبير المنضبط أيضا بعيدا عن الخواطر السريعة ، والأهواء التي لا تسمن ،ولا تغني من جوع ؛بل يكون تأثيرها سلبيا.
هذه النخب المختلفة التي تشكل مجموع المتحاورين في الحوار الوطني وبالتأكيد عندهم نبض الشارع كاملا ، يقكرون بطريقة مختلفة ، إذ يستشعرون خطورة الموقف وإلا لم يكن للحوار الوطني وجود ،وكان تم الاكتفاء بما يقدمه المجلسان الموقران للأمة ، وقد قدما الكثير بما يسمح به المجال والظرف التاريخي .
ونحن في لحظة تاريخية مفصلية يواجه الوطن مخاطر كثيرة ،وتحديا كبيرا يختبر فيه الشعب الذي يعاني آلاما متنوعة يمثل الحوار الوطني شكلا حضاريا لبحث المشكلات وعلاجها التي يواجهها الوطن .وبذلك تضمن القيادة السياسية للبلاد أن الجميع يشارك في تخطي التحديات : من هم داخل المجلسين الموقرين ، ومن هم خارجهما من رجال الحوار الوطني وسيداته ؛ فيد واحدة لا تصفق ،وبذلك يكون كل أفكار الشعب على مائدة القيادة لتختار مايناسب المرحلة التي يعيشها الوطن.
وأرجو أن ينتج فكرا خارج الصندوق يساعد في النهوض بالوطن وتقدمه عند الأخذ بهذا الفكر، وأرجو أن ينفذ كل ما يخرج به الحوار الوطني من توصيات لم تشتغلها الحكومة من قبل ، أو اشتغلتها وتحتاج لبعض التعديل.
وإن كان الحوار الوطني يؤكد على وجود قامات فكرية في مختلف النواحي ،وهو ما يدل على الزخم الثقافي في مصر ذات التاريخ العريق ؛ فلا يليق بالمتحاورين أن يهملوا الجانب الثقافي بمستوياته المختلفة ، وألوانه المتعددة ؛ فالحوار نفسه مظهر من مظاهر الرقي الثقافي ، وعلي الدولة أن تهتم بأنهارها :الثقافية والتعليمية والإعلامية .فلا رقي لوطن بلا رعاية كاملة ،ومتابعة للأنهار الثلاثة.
والدول التي تقدمت خير مثال على ذلك.ولسنا في حاجة أن نقضي أعمارا دون الوصول لنتيجة واضحة في هذا الأمر؛فمصر ليست فقيرة في الكفاءات في مختلف المجالات ،وهذا ليس كلاما عاطفيا ؛ فالمصريون المتميزون في دول العالم يشاركون في تقدم الدول التي يقيمون فيها . فالأمر لا يحتاج إلا للنية الصادقة ،الخطط المدروسة الواضحة،الأفكار المبتكرة المتقدمة، والعدالة الناجزة ،والوطنية المخلصة ،والمساواة الحقيقية بين المتميزين من أبناء الشعب بلا فوارق ،وتمييز في الفرص.إلى جانب الإرادة الفاعلة ،والقيادة الملزمة لجميع المشاريع التي ستنفذ.فما فائدة أن تكون الفيادة السياسية الأولى في البلاد طموحة ،ومصرة ،ونشيطة ،وفاعلة وأن تكون بقية القيادات أو بعضها في المجالات الأخرى والمشروعات ليست كما ينبغي.؟
فمصر تستطيع في وقت قياسي أن تخفف من معاناتها الحالية لماهو أفضل للوصول لمصاف الدول المتقدمة والمنافسة معها . ولقد انتصرت في تحديات قريبة واجهتها : فيروس س – انقطاع الكهرباء والغاز – العشوائيات – الإرهاب –فيروس كورونا....وغير ذلك كثير.