جهود أوروبية حثيثة للاستغناء عن إمدادات الغاز الروسي
• دفعت الأزمة الروسية-الأوكرانية الاتحاد الأوروبي إلى القيام باتخاذ خطوات جادة للعزوف عن الطاقة الروسية، وحظر وارادات الغاز والنفط.
• أوصت المفوضة الأوروبية لشؤون الطاقة الشركات الأوروبية الامتناع عن توقيع عقود جديدة مع الموردين الروسيين، كما أفادت هولندا بحظرها توقيع عقود جديدة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال الروسي.
• من الناحية السياسية، سيكون من غير المستدام على نحو متزايد الاستمرار في تلقي الغاز الطبيعي المسال الروسي، وعاجلاً أم آجلًا ستضطر الدول الأوروبية إلى حظره على الرغم من التكلفة السياسية التي قد تأتي أعلى من التكلفة الاقتصادية.
خلال الآونة الأخيرة، سعت القارة الأوروبية إلى اتخاذ خطوات جادة نحو الاستغناء عن إمدادات الغاز الروسي، حيثُ دفعت الأزمة الروسية-الأوكرانية الاتحاد الأوروبي إلى القيام باتخاذ خطوات جادة للعزوف، وحظر وارادات الغاز والنفط.
وبحسب التحليلات المختلفة، فإن قطع إمدادات الغاز الطبيعي الروسي سيمثل أحد الإجراءات الأخيرة لتوعر العلاقات مع أوروبا بعيدًا عن الاعتماد على الطاقة الروسية.
وعلى الرغم من صغر حجم هذه الإمدادات نسبيًا، فإن شحنات الغاز الطبيعي المسال ساعدت في تعزيز الجهود الغربية لقطع مصادر إيرادات روسيا، وتشكيل نصف الغاز الذي لا تزال أوروبا تستورده من روسيا.
في هذا الإطار، أوصت المفوضة الأوروبية لشؤون الطاقة الشركات الأوروبية الامتناع عن توقيع عقود جديدة مع الموردين الروسيين، كما أفادت هولندا، وهي واحدة من أكبر المستوردين في أوروبا، إنها قامت بحظر توقيع عقود جديدة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال الروسي، وطلبت من الشركات التخلص التدريجي من الغاز الطبيعي المسال القادم من روسيا، لكن العقود الحالية لا يمكن فسخها بدون تدابير على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من الجهود الأوروبية لتقويض مبيعات الغاز الروسي، لم تصل إجراءات الاتحاد الأوروبي المزمعة -حتى الآن- إلى حد العقوبات؛ الأمر الذي يتطلب موافقة "بالإجماع" من أعضاء الاتحاد البالغ عددهم 27 دولة، حيثُ تركز المقترحات بدلًا من ذلك على السماح للدول الأعضاء الفردية بتقييد التدفقات، ومنع الشركات الروسية من حجز مخزون في محطات الغاز الطبيعي المسال.
وفي حين تم طرد ناقلات النفط الخام الروسية من المواني الأوروبية، فإنه لا تزال هناك ناقلة غاز طبيعي روسي في أحد مواني الاتحاد الأوروبي ترسو مرة واحدة يوميًا تقريبًا، وفقًا لبيانات تتبع السفن.
بالإضافة إلى ذلك، فقد ارتفعت الواردات من الناقلات، المصممة لاختراق طبقات الجليد في القطب الشمالي في الرحلة من حقول الغاز الروسية في سيبيريا إلى أوروبا، بأكثر من 38٪ في عام 2022 إلى أكثر من 15 مليون طن متري، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق
وبحسب عدد من المُحللين، فإن الجهود الأوروبية لمنع إمدادات الطاقة الروسية قد تدفع الحكومات الأوروبية إلى مواجهة نقص حاد آخر في إمدادات الغاز في حالة الطقس غير الملائم، مثل موجات الحر في الصيف أو الشتاء القارس، أو اضطرابات الإمدادات غير المتوقعة.
وعلاوة على ذلك، قد يؤدي حظر واردات الغاز الطبيعي الروسي إلى ارتفاع الأسعار بأكثر من ضعف أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا من 40 يورو الحالية للميجاوات في الساعة، أي ما يعادل نحو 44 دولارًا، إلى نحو 90 يورو للميجاوات في الساعة، إذا لم تتوفر مصادر أخرى للغاز لاستبداله.
وفي الختام، فإنه من الناحية السياسية، سيكون من غير المستدام على نحو متزايد الاستمرار في تلقي الغاز الطبيعي المسال الروسي، وعاجلًا أم آجلًا ستضطر الدول الأوروبية إلى حظره على الرغم من التكلفة السياسية التي قد تأتي أعلى من التكلفة الاقتصادية.