النهار
الأحد 22 ديسمبر 2024 10:33 مـ 21 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

حوادث

”جرائم الإيدي الناعمة”.. النهار تفتح ملفات نساء اقتحمن عالم الإجرام

جرائم الأيدي الناعمة
جرائم الأيدي الناعمة

عالم الإجرام مليئ بقضايا غريبة، تفنن المجرمون فيها بتنفيذ مخطتهم الشيطاني بحرافية شديدة، ارتبطت بشدة الجاني وغلظة قلبه، فهان عليه حقوق الناس فسرق، وهانت عليه أرواحهم فقتل، وارتكب بعدها أفظع الجرائم.

لكن الجريمة رغم قسوتها ارتبطت أيضًا ب"الأيدي الناعمة"، فسلكت بعض النساء درب الرجال القساة، واتخذن من الجريمة طريقًا، بعضهن دفعن إليه دفعًا، وأخريات سلكوه بمحض ارادتهن، فسرقن وقتلن، وهذا ما سلطت عليه الضوء دراما رمضان، فقدمت نماذج لنساء تربعن على عرش الإجرام.

تفتح جريدة "النهار المصرية" ملفات نساء اقتحمن عالم الإجرام، فارتكبن أفظع الجرائم وابتكرن فى حيلهن.

خطف وقتل وتضليل للعدالة

أسماء ربة منزل تبلغ من العمر 23 عامًا، لم يمر سوى سنوات قليلة على زواجها، وانتقالها للعيش بصحبة زوجها بإحدى قري محافظة الشرقية، حتى بدأت الخلافات تدب فى أركان المنزل، والغيرة تشتعل بينها وبين سلفتها.

مرت الأيام بحلوها ومرها، ولكن المر ذات مرارة على قلب "أسماء" فقررت الانتقام من سلفتها، ولكن كيف لها إن توجعها؟، أخذت "أسماء" تفكر، فى ذلك الوقت تسرب الشيطان إلى قلب ربة المنزل العشرينية، وأوعز لها أن تقتل شقيقة سلفتها الصغرى لتحرق قلبها.

لم تراجع "أسماء" نفسها واستدرجت المتهمة البالغة من العمر 23 عاما الطفلة "س.ح" 4 سنوات المجني عليها بعيدًا عن أعين المارة بعدما أغرتها بشراء الحلوى لها، وخنقتها فى منطقة نائية حتى تأكدت من أنها فارقت الحياة، ووضعتها داخل جردل مياه وتخلصت من جثتها بإلقائها أعلى غرفة تفتيش بمنزل مجاور لمسكنها، لتضليل العدالة بأن الطفلة لقيت مصرعها غرقًا، ولكن خاب مسعاها وانكشفت جريمتها.

دفنت زوجها تحت السرير

جريمة بشعة وقعت أحداثها بمنطقة أرض الجمعية فى إمبابة، بطلتها ربة منزل قتلت زوجها بدم بارد، ولم تكتفى بذلك ولكنها حفرت أسفر سرير غرفة النوم، ودفنته بعدما حفرت ووضعته داخل مصطبة أسمنتية صنعتها خصيصًا لذلك.

السيدة الخمسينية تجردت من كل مشاعر الأنوثة والرحمة وقتلت زوجها، وأمام المحكمة أنكرت تهمة القتل العمد الموجهة إليها، وأكدت أنها كانت فى حالة دفاع شرعى عن نفسها لقيام زوجها بمحاولة طعنها بـ"سكين" بعد أن اتهمها بالخيانة، فخطفت "السكين" من يده وطعنته فى صدره فسقط قتيلا، فصدر ضدها حكمًا فى النهاية بالسجن المؤبد.

تعذيب بسكين ساخن

حتى مشاعر الأمومة تبددت.. ولم يبقى من حنان الأم لدي "سعاد" شيء يذكر، فقد أجبرت طفلتها الصغيرة على التسول معها، وحبنما تكاسلت الطفلة، قررت معاقبتها أشد عقاب، فاعتدت عليها بالضرب وعذبتها.

لم ينقذ الطفلة الصغيرة من الام سوى منشور منشور على إحدى الصفحات عبر موقع التواصل الاجتماعى"فيس بوك"، رصدته وزارة الداخلية، يتضمن العثور على طفلة تقوم باستجداء المارة، وبها آثار حريق بالجسم إثر تعدى والدتها عليها.

وتبين من خلال الاستماع لأقوال الطفلة، وبعد استدعاء والدتها والتحقيق معها، أن السيدة اعتادت تعذيب الطفلة بسكين ساخن بعدما فقدت مبلغ من المال، وضربتها ضربًا مبرحًا.

ملكة المزاج فى الزاوية الحمراء

جرائم النساء لم تقف عند القتل ولكنها زاحمت الرجال فى تجارة الكيف، فلم يتخيل أحد يومًا أن تدير سيدة فى الأربعينيات من عمرها نشاطًا غير مشروع للاتجار فى المخدرات، ولكن هذا ما حدث فى منطقة الزاوية الحمراء، حيث روجت ربة منزل تدعي "رباب" لتجارة المخدرات فى تلك المنطقة.. وأخذت توسع فى نشاطها رغبةً فى الثراء السريع.

اتخذت المتهمة من منزلها مسرحًا لمزاولة نشاطها، وتاجرت فى شتي أنواع المواد المخدرة، واستعانت بعدد من "الديلارات" لترويج بضاعتها المسمومة، فاتسعت رقعة نشاطها، وذاع صيتها؛ لتبدأ رحلة سقوطها.

المتهمة استطاعت أن تجمع مبالغ مالية ضخمة، وكمية كبيرة من المشغولات الذهبية، وفتحت عدة حسابات بنكية وأماكن أخري من تجارتها غير المشروعة، وفى الوقت الذي ظنت فيه أنها بعيدة ذعن العقاب، كانت أجهزة الأمن لها بالمرصاد، فسقطت فى قبضة الأمن.

21% من نسبة جرائم القتل الجاني فيها أنثي

وفقًا لما أعلنته أجهزة الأمن فى مصر خلال عام 2020 فقد سجل ذلك العام 338 جريمة قتل فى القاهرة الكبرى، بلغت نسبة الجرائم التى ارتكبتها النساء 21% من تلك الجرائم.

الوضع تغير كثيرًا عن ذي قبل، فقبل أكثر من عشرون عامًا رصد المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن النساء اتهمن في ما يمثل 6.4 في المئة من الجرائم التي ارتكبت فيما بين أعوام 1990 ل1999.

واحتلت محافظات الوجه البحري نسبة 48.2 %-وفقًا للدراسة- من الجرائم النسائية، تليها محافظات الصعيد بنسبة 35.2 %، ثم محافظات القاهرة والإسكندرية والسويس بنسبة 15.3 في المئة.

الدراما والعنف

تقول الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الإجتماع بجامعة عين شمس، إن المرأة كائن لطيف ذو إحساس مرهف ودائمًا ما تقع ضحية لجرائم الرجال، ولكن مؤخرًا انقلبت الأمور وباتت النساء هن المجرمات وأي إجرام، إنه إجرام من نوع خطير جدًا، فقد ازدادت خلال السنوات الأخيرة، نسبة الجرائم التي ترتكبها النساء، وهى جرائم تتسم بالبشاعة والعنف، والسر فى ذلك غياب القدوة داخل الأسر المصرية.

وكشفت "خضر"، أن بعض السيدات اقتحمن عالم الإجرام بسبب ما تقدمه الدراما الفنية، من نماذج للمرأة المجرمة، والتى تقتل وتخطف كما شاهدنا فى بعض الأعمال الدرامية الرمضانية، وهى نماذج سلبية لا تعطينا القدوة التى نبحث عنها، لجعل المجتمع مستقر ومتزن.

وقالت "خضر"، إن المعروف عن الأنثي أنها رقيقة، ويطلق عليها الجنس الناعم، ولكن مؤخرا انتشرت ظاهرة العنف المفرط من قبل المراة واتجاهها للجريمة، وباتت الأنثي ترتكب جرائم القتل وتسلك مسلك العنف، بعدما ما كانت تظهر بشكل أنثوي جميل وهادئ.

وتتابع، لقد تخلينا عن ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا، فالأسلام كرم الأنثي وخير دليل على ذلك أنه جعل الجنة تحت أقدام الأمهات، ونحن نحتاج لحل سريع، وأعتقد أنه يبدأ عن طريق إعادة النظر فيما يقدم من نماذج فنية علي الشاشات، وتفعيل دور الإعلام وتحديد شكل الثقافة التي تقدم للمواطنين.

لماذا تلجأ المرأة للعنف؟

محمد عادل الحديدي أستاذ الطب النفسي وعلاج الإدمان بكليه الطب جامعة المنصورة يقول، إن معظم جرائم القتل والعنف مرتبطة بالرجال، وذلك لبعض الأسباب منها أسباب بيلوجية مثل التركيب الجيني الموجود عند الرجال، وهرمونات الذكورة المرتبطة بالعنف، إضافةً إلى أن التربية داخل مجتمعنا دائما ما تشجع علي أن الولد من الممكن أن يستخدم العنف، ولكن الفتاة تميل أكثر إلي الهدوء، وليس استخدام العنف.

وكشف "الحديدي"، أن استخدام النساء للعنف، يكون فى نطاق محدد، فمعظم جرائم القتل التى ترتكبها النساء يكون القتيل أو الضحية شخص علي معرفة وثيقة بالمرأة، مثل أولادها أو زوجها أو زميل مقرب أو سيدة مقربه منها، فالمرأة لا تقتل شخص بعيد عنها ولا تربطها به علاقة، وليس هناك سبب واحد يدفع المرأة للقتل، ولكن أسباب عديدة.

وعن أسباب القتل، يقول "الحديدي"، بإنه من الممكن أن تكون المرأة تعرضت للعنف داخل الأسرة، أو تعرضت للعنف الزوجي، وهذا العنف الواقع عليها يؤهلها لارتكاب مثل هذه الجرائم، وهناك أسباب أخري كتهميش المرأة وإهانتها المستمرة.

ويتابع، الخيانة عامل من العوامل الشديدة التي تؤثر علي شخصية المرأة، ومعاناة المرأة من اضطرابات شخصية من العوامل النفسية التى تدفع المرأة للجوء إلى العنف، فالاضطرابات النفسية ما بعد الولادة أو الاكتئاب أو الفصام عوامل من الممكن أن تجعل النساء تلجأ للعنف، أو ترتكب مثل هذه الجرائم.

وقال "الحديدي"، إن أساليب المرأة فى التخطيط للقتل والتنفيذ تكون مختلفة تماما عن الأساليب التي يستخدمها الرجل في تخطيط وتنفيد الجريمة، وتكون غير مدبرة بشكل كبير، والأساليب أيضًا تكون مختلفة عن أساليب الرجل، وتكون وسائل أقل عنفًا، وفى الغالب تكون عن طريق السم.

لا فرق أمام القانون

قال رامي عاطف المحامي، إن المرأة بطبيعتها معروفة بأنها الجنس الناعم، فمنها الأم و الأخت و الزوجة و الابنة، ولكن عندما تفكر المرأة في اتخاذ طريق الجريمة فنجدها تتفوق على الرجل في فنون الجريمة، فتكون النتيجة جرائم أشد و أخطر من تلك التي يرتكبها الرجال، القانون لا يفرق بين المجرمين في العقوبة بناء على الجنس؛ والمشرع المصري أوجب تطبيق قانون العقوبات علي جميع المجرمين بغض النظر عن كونهم رجال أم نساء، فالمجرم مجرم، ويستحق العقاب، أما التعامل مع النساء في السجون فهو مختلف عن التعامل مع الرجال، فالنساء اللواتي يقضين عقوبة السجن لا يكلفن بالأعمال الشاقة.

وأشار "عاطف"، إن المادة (19) من قانون تنظيم السجون نصت علي أن تعامل المسجونة الحامل معاملة "طبية" خاصة من حيث الغذاء والتشغيل والنوم منذ ثبوت حملها بتقرير طبي، وإلى أن تضع مولودها، ويمضي أربعون يومًا على الوضع. كما قررت المادة.وجوب أن يبذل للأم وطفلها العناية الصحية اللازمة من الغذاء والملبس المناسب والراحة، ولا يجوز حرمان المسجونة الحامل أو الأم من الغذاء المقرر لها لأي سبب كان.

ونوه المحامي، إن المادة (20) من ذات القانون نصت علي أن يبقى مع المسجونة طفلها بحضانة السجن حتى يبلغ من العمر أربع سنين على أن تلازمه خلال العامين الأولين، فإن لم ترغب في بقائه معها أو بلغ هذه السن، سُلِّم لمن له الحق في حضانته قانونيًّا، فإذا رفض سلم لمن يليه، فإذا رفض جميع من لهم الحق في حضانته قانونيًّا وجب على مأمور السجن إيداعه إحدى دور الرعاية المختصة، وإخطار الأم المسجونة بمكانه، وتيسير رؤيتها له في أوقات دورية، على الوجه الذي تبينه اللائحة الداخلية.

وأنهي حديثه قائلا: لم يُعِرْ المشرع المصري بقانون تنظيم السجون ولا باللوائح الداخلية مسألة الاحتياجات الخاصة للسجينات الاهتمام الكافي، إلا في بعض الأمور الطفيفة المتعلقة بمعاملة السجينة الحامل والموضحة لاحقًا، ويلاحظ أن القواعد القانونية المقررة بالقوانين واللوائح تسري على جميع السجناء، رجالًا ونساء، دون الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الخاصة للنساء السجينات، ودون مراعاة النوع الاجتماعي.

السُم لم يعد السبيل الوحيد

تقول الاستاذة الدكتورة فادية أبو شهبة، أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن أسلوب المرأة في الجريمة أختلف، والسُم لم يعد سلاحها الأول كمان كان من قبل، ففي القدم كانت تفضل استخدام السم، أو اللجوء لشخص أخر كمحرضة للجريمة، لكن أصبحت الأن هي المنفذ الأول، والأخير فبدأت تستخدم الألات الحادة والسلاح الأبيض.

وأوضحت "أبو شهبة"، إن الضحية يكون شخص مقرب من الأنثي كالزوج أو العشيق أو صديق مقرب، والأن أصبحت الأنثي عدوانية إلي درجة كبيرة، فكانت أقصي عدوانيتها أن ترتكز أساسا على استخدام السم في الأكل، بقصد تسميم الضحية، وأصبحت الآن تلجأ إلى تقطيع جثة الضحية والتخلص من أشلائها، بوضعها في حقيبة، ثم رميها بإحدى المقابر أو حتى دفنها.

واختتمت "أبو شهبة"، أنه لكى ترتكب المرأة الجريمة يجب أن تكون لديها إرادة لارتكابها تنشأ عن ظروف معينة تساعد على وضعها موضع التنفيذ، وتؤكد "أبو شهبة" في بحثها داخل كتاب "النساء مرتكبات جرائم القتل العمدي"، أن معظم جرائم النساء الخطيرة تكون فى الغالب ضد الحبيب، أو الزوج الخائن، بدافع الانتقام، أو لدوافع مادية ناتجة عن المشاكل الأسرية، أو الحرمان العاطفى الذى يسببه لها شريكها.