النور مكانه في القلوب.. أطفال مكفوفون أصبحوا فنانين تشكيليين
ببصيرة قلوبهم، وحبهم للحياة، يقف أطفال من متحدي إعاقة البصر، أمام تماثيل ينحتونها بأيديهم، تكاد ترى صفاء قلوبهم على وجوه مجسماتهم، تتحسس أناملهم تفاصيل التماثيل وكأنهم يعزفون، ينحتون تعبيرات لم يرونها من قبل، وهنا يظهر الإبداع في أبهى صوره، كيف لأطفال لم تر النور أن ترسم وجوها بملامح وحركات وتعبيرات بهذا التميز، لهذا الجمال خلطة، ولا يعرف سرها إلا من خلطها بحب وتعب.
«قادر في عز الضلمة أشوف»، بهذه الكلمات وصف أنجلو رفعت الفنان التشكيلي وأحد صناع هذا الإبداع، مشروع موهبتي، والذي تم تنفيذه داخل مدرسة للمكفوفين في محافظة سوهاج، وفيه تم تدريب أطفال من متحدي إعاقة البصر على الفن التشكيلي ونحت التماثيل.
وعبر أنجلو مدرب ورش الفن التشكيلي عن سعادته بما قدمه في المشروع هو ومساعديه، كيرلس رأفت وكيرلس رائيس، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي مدونًا: "متخيلين الجمال والأمل.. اللي قدروا يعملوه الأطفال دول كان بنسبالنا أشبه بالمعجزة!"
وتابع أنجلو: "نا لحد دلوقتي مش مصدق، كان بعد كل ورشة بيفجأوني بشطارتهم ، أنا علمت ناس كتير يمكن عندها النور في عنيها بس مكنش بكم النور اللي في قلوب الأطفال دي!، أنا طالع من التجربة دي مفتح قادر أشوف بشكل مختلف.. قادر أشوف في الضلمة".
وأشار الفنان التشكيلي إلى أن مبادرة موهبتي تحت رعاية مركز رؤية لذوي الإعاقة البصرية، وأن هذا النجاح ينسب لسحر شنيف، رئيس مجلس إدارة جمعية صحبة الخير بسوهاج، والاستشاري الفني المخرج أبانوب جرحس، موجها الشكر لمؤسسة مصر للخير جمعية صحبة الخير، ومدرسة النور المكفوفين.
وقال كيرلس رأفت، مساعد مدرب الفن التشكيلي، في تصريح خاص لـ «النهار» إن تدريب الأطفال المكفوفوين من المرحلة الإبتدائية والإعدادية لم يكن سهلا، وأخذنا ما يقرب من 4 شهور متقطعين في تدريبهم في الترم الأول والثاني، ولكن الأطفال أبهروا الجميع بمستواهم، فأخرجوا طاقتهم لأنهم كانوا يفتقدون هذه الموهبة.
وأضاف كيرلس: "في بداية المشروع كان الاتفاق مع مركز رؤية والجمعية على تعليم مواهب أخرى مثل العزف والغناء، لكن أبانوب جرجس طرح عليهم تعليم الأطفال الفن التشكيلي، ولكن بعضهم كان يرى صعوبة في تنفيذ هذه الفكرة، ولكنها حققت نجاحا كبيرا، وليس هذا فحسب، بل علمهم أبانوب التمثيل وأخرج لهم عرض مسرحي وكانوا يحفظون أماكنهم على المسرح أفضل من المبصرين".