في اعقاب اعلان الاتحاد الاوربي لخريطة الطريق لصربيا في التعامل مع كوسوفو
هل تنصاع صربيا للضغوط الاوربية بالاعتراف بكوسوفو مقابل عضوية الاتحاد ؟
- الدكتور السعيد : الرئيس الصربي بين مطرقة الرفض القومي الداخلي وسندان ضغوط بروكسل
- خليفة : عضويتي بروكسل تعتبر نهاية حلم صربيا الكبري القديم
في منتصف شهر رمضان المعظم الماضي لعام 2023 ميلادية احتفل القسم الاكبر من مسلمي جنوب شرقي اوربا والبلقان بمرو 500 عام علي دخول الاسلام بلادهم علي يد السلطان العثماني العظيم سليمان القانوني فيما عرف بالقرن الذهبي للسلطنة العثمانية التي شهدت اكبر توسع في تاريخها علي حساب املاك الدولة البيزنطية الشرقية الارثوزكسية والبدايةجاءت بفتح عاصمتها القسطنطينية وتحويلها الي عاصمة الدولة العثمانية الاستانة او استانبول الحالية وامتد التوسع العثماني حتي فتح دول البلقان واحدة تلو الاخري بداية برومانيا وبلغاريا حتي البوسنة والصرب وكوسوف والجبل الاسود والمجر ووصل العثمانيون الي ابواب فيينا التي استعصت عليهم كثيرا وظلت مملكة صربيا الكبري والتي كانت تشغل مناطق يوغسلافيا الاتحادية السابقة الي ان قامت ثورات تحررية في جنوبي اوربا ضد العثمانيين في بلاد المورة ( اليونان ) حاليا 1827 وبعدها بداء عقد الامارات والولايات العثمانية ينفرط واحدة تلو الاخري حتي انفصل البلقان بالكامل عن الدولة العثمانية في اعقاب هزيمتها في الحرب العالمية الاولي 1918 وشرعت القوي الغربية في تقسيم املاك رجل اوربا المريض (الدولة العثمانية ) .
يقول الدكتور احمد السعيد الخبير في الشئون الاوربية انه في اعقاب هزيمة العثمانيون في الحرب العالمية الاولي جاءت الفرصة للقوميين الصرب بتشكيل دولة اتحادية علي اطلال الولايات العثمانية فيما عرف بيوغسلافيا والتي ضمت الي جانب صربيا وعاصمتها بلجراد والبوسنة والهرسك وعاصمتها سراييفو وكرواتيا وعاصمتها زغرب وسلوفينيا وعاصمتها لوبليانا ومقدونيا الشمالية وعاصمتها سكوبي والجبل الاسود وعاصمتها مونتنيجرو والعاصمة الاتحادية لهم بلجراد اضافة الي دولة البانيا المستقلة وداخل اض صربيا نفسها اقليمان يكاد ان يكونا مستقلان هما كوسوفو والسنجق وكان الاتحاد اليوغسلافي علي الرغم من انه من مؤسسي مجموعة دول عدم الانحياز مع مصر والهند واندونيسيا وغانا الا انه كان رفيق الهوي الروسي السوفيتي بسبب ان العرق واحد وهو العرق السلافي والديانة الارثوزكسية الواحدة ولذلك عندما سقط الاتحاد السوفيتي وتفككت اوصاله سرعان ما وصل سرطان التفكك والاستقلال الي دول الاتحاد اليوغسلافي الست والبداية جاءت في سلوفينيا الكاثوليكيةفي عام 1991 وسارع الفاتيكان والدول الغربية وامريكا الي الوقوف معها في وجه الرفض الصربي حتي استقلت سريعا وحازت عضوية الاتحاد الاوربي وحلف الناتو مباشرة وتبعتها كرواتيا 1992 وبعد البوسنة والهرسك والتي ارتكب فيها الصرب مجازر ومذابح فاقت ما اقترفه لنازي في الحرب العالمية الثانية واستمرت مجازر الصرب بين عامي 1992 الي عام 1995 ولم تتوقف الة الصرب العسكرية الا بعد تدخل حلف الناتو عسكريا واستقلت معها مقدونيا والجبل الاسود الي ان طلبت كوسوفو استقلالها من داخل العباءة الصربية في عام 1999 وهنا اشتعلت الحرب بين الصرب وصربيا الكبري والمناسبة يشكل الصرب نسبة اقل من 6% من اجمالي سكان كوسوفو وهم من الالبان المسلمون وللمرة الثانية يتدخل حلف الناتو وينشر قوات حفظ السلام للفصل بين الاقلية الصربية في اقصي شمال كوسوفو والالبان الي يومنا هذا ويصر الصرب علي اعتبار ان كوسوفو تعتبر ارضا مقدسة للقوميين الصرب منهم .
ويضيف الدكتور السعيد انه بتولي الرئيس الصربي الحالي الكسندر فوشيتش السلطة في صربيا منذ عامين تقريبا سعي لأستكمال الحلم الصربي بالانضمام الي الاتحاد الاوربي لتحقيق مزيدا من التقدم والرخاء لشعبه في بلجراد وهنا جاءت الشروط الاوربية في بروكسل اهمها تشجيع ابناء القوميتين الصربية في البوسنة والهرسك ( صربيسكا )والمعروفة بصرب البوسنة بالاندماج مع المكون الكراواتي والمكون البوسني البوشناق المسلم وهذان المكونان يشكلان حوالي 66% من اجمالي سكان البوسنة والهرسك لتوحيد المؤسسات الاتحادية في الشرطة والجيش والقضاء والعملة والاقتصاد واللغةحتي يتسني للاتحاد الاوربي الشروع في فتح ملف عضوية البوسنة الي الاتحاد الاوربي والملف الاخر المطلوب من الصرب التحرك فيه هو الاعتراف بكوسوفو دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها بريشتينا وتعزيز اندماج ابناء القومية الصربية في شمال كوسوفو الي الاندماج في داخل مجتمع كوسوفو .
وكشف الدكتور السعيد عن ان اعلان جوزيب بوريل الممثل الاعلي للسياسة الخارجية الاوربية منذ ايام قليلة عن خريطة الطريق الاوربية التي يجب علي صربيا اتباعها من اجل الحصول وتحقيق الحلم الصربي بالانضمام الي المنظومة الاوربية الموحدة والتي سبقتها اليه سلوفينيا وكرواتيا واهم خطواته التي اشرنا اليه سابقا بالتعامل واقامة علاقات طبيعية مع كوسوفو والاعداد للقاء قمة بين الرئيس الصربي فوشتيش ونظيرته رئيسة كوسوفو حفيظة عثماني في بروكسل في غضون اسابيع قليلة وتشجيع صربيا علي انهاء الانقسام في داخل كيان البوسنة والهرسك خاصة وان خطة التوسع الاوربي والتي تدفع بها بقوة المانيا وفرنسا وايطاليا تقضي بضم باقي منطقة غرب البلقان بالكامل الي الاتحاد الاوربي قبل عام 2030 وهو ما يستلزم ممارسة ضغوط كبيرة علي صربيا من اجل انهاء ملفات كوسوفو والبوسنة والهرسك وقطع اية خطوط اتصال بين صربيا وروسيا الاتحادية التي يربطهم تحالف غير معلن واسبابه معروفة للجميع .
ومن جانبه اعتبر الدكتور محمد خليفة المفكر السياسي والخبير في شئون البلقان ان الحلم الصربي الكبير الذي واكب قيام يوغسلافيا بزعامة تيتو كانت تقوم علي استكمال ضم كل دول البلقان بما فيها دولة البانيا المستقلة ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن بموت تيتو وانهيار الاتحاد السوفيتي الصديق والداعم الاكبر ليوغسلافيا وللحلم الصربي الكبير واشتعال حروب البلقان بين صربيا وسائر دول الاتحاد اليوغسلافي القديم وصولا الي اشتعال حرب استقلال كوسوفو 1999 وصولا الي 2003 وتدخل حلف شمال الاطلسي في الحرب وهو ما يمثل اجهاض للحلم الكبير للصرب المتمثل في صربيا الكبري حيث ان القوميين الصرب ينظرون الي كوسوفو الي انها ارض الامجاد والاجداد ولها موقع مميز في التراث والثقافة والمعتقدات الصربية ومنذ اعلان استقلال كوسوفو كانت الولايات المتحدة ومعها العديد من العواصم الغربية في مقدمة الدول التي سبقت واعترفت بكوسوفو دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها برشتينا واليوم يمارس الاتحاد الاوربي ضغوطا هائلة علي صربيا من اجل حثها علي الاعتراف بكوسوفو دولة مستقلة ذات سيادة مقابل لاتسريع مفاوضات انضمام صربيا نفسها لعضوية الاتحاد وبالفعل بداءت مؤسسات بروكسل بمفاوضات ضم كوسوفو الي عضوية الاتحاد الاوربي والي حلف الناتو والمطلوب من الصرب معروف للقاصي والداني بالاعتراف بكوسوفو ودمج القوميين الصرب الذين يشكلون اقلية سكانية صغيرة في منطقة ميتروفيتشا بشمال غربي كوسوفو داخل مجتمع كوسوفو وكذلك تشجيع انفصاليو صرب البوسنة والذين يمثل نسبتهم الي اجمالي سكان البوسنة والهرسك الي 33% من السكان مع باقي المكونات البوسنية من البوشناق المسلمين والكروات لأن خطة الاتحاد ضم البقية المتبقية من غرب البلقان الي المؤسسات الاوربية الاتحادية سواء كانت دولة البانيا او دولة مقدونيا والجبل الاسود هذا فضلا عن البوسنة والهرسك وبالطبع العرس الاوربي يكتمل بضم كوسوفو الي عضوية الاتحاد الاوربي ومنظمة حلف شمال الاطلسي .