تفاقم أزمة الغذاء العالمية بعد قرار شركات الأغذية العالمية مغادرة السوق الروسية
• شركة "فيتيرا" و"كارجيل" للأغذية تقرران مغادرة روسيا، بسبب تشديد "موسكو" من قبضتها على إمدادات الغذاء العالمية، وقررت فرض المزيد من السيطرة على الشحنات التي تستوردها الشركات من أجل جني المزيد من الإيرادات.
• يتوقع بعض المحللين أن تستغل روسيا صادرات الحبوب للتأثير الجيوسياسي، خاصة أن المستوردين الرئيسين للحبوب من دول إفريقيا والشرق الأوسط.
• يرى بعض المحللين أن المزارعين الروس سيكونون الخاسرين الأكبر من قرار خروج شركات الأغذية العالمية من السوق الروسية؛ نظرًا لأن عدد الشركات القليل سيؤدي إلى قلة المنافسة وانخفاض عروض الأسعار وانخفاض الإيرادات والعوائد.
نشرت وكالة "بلومبرج" تقريرًا، يسلط الضوء على إنهاء شركة "فيتيرا" الكندية للأغذية وشركة "كارجيل" الأمريكية للأغذية التعامل مع روسيا فيما يتعلق باستيراد الحبوب، وذلك بعدما شددت روسيا من قبضتها على إمدادات الغذاء العالمية، وقررت فرض المزيد من السيطرة على الشحنات التي تستوردها الشركات من أجل جني المزيد من الإيرادات.
وفي هذا الصدد، كشف الصراع الروسي الأوكراني عن هيمنة روسيا على سوق الحبوب العالمية، خاصة أنه منذ اندلاع الصراع ارتفعت أسعار السلع ونقصت الإمدادات.
وأفاد التقرير بأن شركة "آرتشر دانيلز ميدلاند" الأمريكية العالمية لمعالجة الأغذية وتداول السلع تدرس أيضا بعض الخطوات لإنهاء التعامل مع روسيا، ومن جانبه قال الباحث "أندريه سيزوف" إن روسيا لن تتأثر بخروج هذه الشركات، ومن الأفضل بالنسبة لها التحكم في تدفقات صادرات الحبوب.
ونوه التقرير إلى أن ما دفع "كارجيل" و"فيتيرا" للخروج من روسيا، الضغوط التي تعرضت لها الشركتان من بعد قادة الدول الغربية، وحد "موسكو" للمزايا التي كانت تتمتع بها الشركات الأجنبية في سوق المواد الغذائية في روسيا.
بالإضافة إلى أن التجار المحليين قد استحوذوا على الجزء الأكبر من السوق، إذ استخدم الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الغذاء كأداة في ظل الصراع مع الدول الغربية، وأصبحت صادرات الحبوب أحد القوى الجيوسياسية التي تتنافس عليها الدول الكبرى، وتجدر الإشارة إلى أن بنك "في تي بي" الروسي قد استحوذ على حصة الشركات الأخرى في السوق في السنوات الأخيرة.
وتابع "سيزوف" تصريحاته قائلا إنه على الأرجح اتخذت الشركات متعددة الجنسيات قرار الخروج من الأسواق الروسية قبل موسم تصدير القمح الجديد، للبحث عن مصدرين آخرين، إذ سيبدأ المصدرون الروس في بيع المحصول في مايو المقبل، وألمح التقرير إلى أن روسيا قد وضعت شروطًا صعبة تعرقل حصول المصدرين الأجانب على التصريحات اللازمة لتصدير حبوبهم.
ويُذكر أن شركات الأغذية العالمية كانت قد استفادت من تحول روسيا إلى مصدر عالمي رئيس للحبوب على مدى العقدين الماضيين، حيث ارتفعت صادرات القمح بمقدار خمسة أضعاف، وجنت الشركات أرباحًا هائلة، وأصبح القمح هو السعر القياسي العالمي للتجارة.
ونبه بعض المحللين أن رحيل "كارجيل" و"فيتيرا" يعني أن إمدادات الحبوب الروسية ستصبح في إيدي الشركات المحلية التي ستحقق المزيد من الإيرادات للدولة، ما يعني أن روسيا ستكون أكثر قدرة على تمويل الصراع في أوكرانيا.
كما يتوقع بعض المحللين أن تستغل روسيا صادرات الحبوب للتأثير الجيوسياسي، خاصة أن المستوردين الرئيسين للحبوب من دول إفريقيا والشرق الأوسط، وفيما يتعلق بمخاوف الدول النامية من ارتفاع أسعار الحبوب، أكدت وزارة الزراعة في روسيا أن التغييرات لن تؤثر على مستويات الصادرات التي توردها في البلاد، لذا يراقب المستوردون عن كثب أي علامات تدل على محاولة تأثير روسيا على الأسعار أو شروط التجارة.
وتطرق التقرير إلى أنه في ظل سيطرة روسيا على صادرات الحبوب، فقد وقعت شركة "أو زد كيه" الحكومية الروسية عدة عقود مع عدد من الشركات التركية لشراء القمح، وأوضحت الشركة في بيان أنها تخطط لإنهاء العمل مع التجار الدوليين والتحول نحو عقد شراكات مباشرة مع الدول المستوردة.
وأظهر التقرير أن شركة "فيتيرا" وشركة "كارجيل" قد شحنتا نحو 14% من الحبوب الروسية الموسم الماضي، وأسس فريق شركة "فيتيرا" مشروعًا جديدًا في السوق الروسية وستستمر الشركة في تطويره بحسب اتحاد الحبوب الروسي، بينما أكدت "كارجيل" أنها ستتوقف عن تصدير الحبوب الروسية بداية من يوليو المقبل، وستبحث عن شركاء جدد.
ولفت التقرير الانتباه إلى أن العديد من شركات التأمين والشحن تخشى الدول من روسيا بسبب العقوبات الغربية التي يمكن أن تتعرض لها، ما يعوق شحن روسيا للحبوب، ورغم أن شركة " Rosagroleasing" الروسية للشحن قد قررت بناء 60 سفينة لتصدير الحبوب، فإن ذلك الأمر سيستغرق سنوات.
وفي هذا السياق، يرى بعض المحللين أن المزارعين الروس سيكونون الخاسرين من قرار خروج شركات الأغذية العالمية من السوق الروسية؛ نظرًا لأنه بحسب "دان باس" مؤسس شركة "إيه جي ريسورس" الاستشارية، فإن عدد الشركات القليل سيؤدي إلى قلة المنافسة وانخفاض عروض الأسعار وانخفاض الإيرادات والعوائد، ويعتقد بعض خبراء الاقتصاد أن من غير الواضح ما إذا كانت أسعار صادرات البلاد ستستمر في العمل كمعيار عالمي لتجارة القمح.