تونس في المحطة الأخيرة للإصلاح.. جولة ثانية من انتخابات البرلمان
نحو المحطة الأخيرة يمضي قطار الإصلاح في تونس ليدرك، هذا الأحد، الجولة الثانية من انتخابات البرلمان، ويعطي شارة قيام جمهورية جديدة.
ويوم الأحد، تشهد تونس دورة ثانية من اقتراع دعي إليه نحو 8 ملايين ناخب، وسط آمال بأن تشهد هذه الجولة التي يتنافس فيها 262 مرشحا، بينهم 34 امرأة، إقبالا أكبر من سابقتها.
والجولة تعتبر المحطة الأخيرة في قطار إصلاح انطلق منذ 25 يوليو 2021 بقرارات رئاسية استثنائية جمدت عمل البرلمان -قبل حله لاحقا- وأقالت رئيس الحكومة السابق الموالي للإخوان.
وفي الشهر نفسه من 2022، أقرت تونس دستورا جديدا إثر استفتاء شعبي، تضمن صلاحيات محدودة للبرلمان مقابل تمتع الرئيس بغالبية السلطات التنفيذية ومنها تعيين الحكومة ورئيسها.
ونواب البرلمان الـ161 الذين سينتخبون، الأحد، ليس بإمكانهم دستوريا "منح الثقة للحكومة ولا يمكن أن يوجهوا لائحة لوم ضدها، إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس"، وفق ما قال أستاذ العلوم السياسية حمّادي الرديسي لوكالة فرانس برس.
تغييرات يرى خبراء أنها كانت ضرورية لمنع تكرار سيناريو برلمان الإخوان الذي تخللته تجاوزات وانتهاكات خطيرة أضرت بالعمل التشريعي وعكست صورة سيئة عنه لدى التونسيين.
على خط الفوضى
كما كان متوقعا، لم يتأخر إخوان تونس في محاولة اللعب على وتر الفوضى لإجهاض الاستحقاق الانتخابي، سعيا نحو العودة من بوابة عدم الاستقرار المنشود من قبلهم.
ومساء الخميس، أعلنت وزارة الداخلية التونسية أنّ الشرطة العدلية تعهدت بفتح بحث تحقيقي في قضية تتعلق بـ"تكوين عصابة والانخراط في وفاق قصد الاعتداء على الأشخاص والأملاك وتقديم أموال قصد التأثير على الناخبين والمشاركة في حملة انتخابية بتمويل مجهول المصدر والمشاركة في ذلك".
وأكدت الوزارة، في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أنه تم الإذن بتتبع (قضائيا) عدد من الأشخاص عمدوا إلى التخطيط للقيام بتحركات تهدف إلى بثّ الفوضى.
وأوضح البيان أنّ هذه القضية تتقاطع في مجملها مع ما سبق أن توصلت إليه التحريات الأمنية المعمّقة، والتي أعلنت عنها الوزارة في نوفمبر الماضي بخصوص اعتزام بعض الأطراف تنفيذ مخطط تخريبي خدمة لأجندات خاصة.
وفي الشهر المذكور، أحبطت السلطات التونسية مخططا يقوده نجل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية وشقيق مرشح رئاسي سابق، لإثارة الفوضى بالبلاد.
ومعاذ الغنوشي (41 عاما) هو رئيس مكتب الغنوشي السري، ومرافق والده في البرلمان، ومتورط أيضا في قضية جمعية "نماء" المرتبطة بأعمال إرهابية.
ومثل هذه المخططات باتت مفضوحة لدى التونسيين، فلقد دأب التنظيم الإرهابي على الضغط على زر الهجمات وافتعال الشغب وأعمال العنف كلما ضاق الخناق حوله.
أجندة خبيثة تزامنت مع إعلان الإخوان مقاطعتهم للاقتراع وحث الناس -عبر المغالطات والتضليل- على عدم الإدلاء بأصواتهم، طمعا في تصفية حسابات سياسية ضيقة وتحقيق وهم العودة للحكم.
آمال
انتظمت الدورة الأولى من الانتخابات النيابية في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وسجلت نسبة مشاركة في حدود 11,22%.
ومع أن بعض الخبراء يقدرون أن تكون نسبة المشاركة ضعيفة هذة المرة أيضا، لكن الآمال بتحقيق قفزة نوعية في المشاركة لا تزال موجودة.
وفي الشوارع، تزينت اللافتات بصور المرشحين ومعلقاتهم الانتخابية، فيما حاولت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التعريف بالمرشحين من غير المعروفين للرأي العام، عبر تنظيم مناظرات بثها التلفزيون الحكومي خلال ساعات ارتفاع نسب المشاهدة ليلا.
رغم ذلك، يظل اهتمام التونسيين منصبا على الوضع الاقتصادي والمشاكل الاجتماعية وغلاء المعيشة، وهو ما دفع كثيرين إلى الهجرة سواء بشكل قانوني أو عبر قوارب الموت نحو أوروبا.
ورغم بعض مظاهر الغضب المسجل بصفوف التونسيين جراء غلاء المعيشة، إلا أن المواطن العادي لا يرى بديلا للرئيس قيس سعيد، ويعتقد أنه الوحيد القادر على التجديف بالبلاد نحو مرسى الإصلاح.
أمّا المعارضة فلا تزال منقسمة بدورها إلى ثلاث كتل مختلفة التوجهات، هي "جبهة الخلاص الوطني" التي يتقدمها حزب النهضة الإخواني والحزب الدستور الحرّ بقيادة عبير موسي التي تدافع عن نظام الحكم ما قبل 2011، والأحزاب اليسارية.