وول ستريت جورنال: ارتفاع معدل الجريمة في الولايات المتحدة رغم إصلاح نظام الإفراج عن المجرمين
نشرت صحيفة "وول ستريت" تقريرا سلط الضوء على ارتفاع معدلات الجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعدما تمكنت "كاثي هاشول" حاكمة مدينة "ألباني" في ولاية "نيويورك" الأمريكية من إقناع القضاة بالموافقة على إصلاح نظام الإفراج عن المتهمين بجرائم أقل خطورة بكفالة خلال العام الماضي، وترتب على ذلك أن 235 مجرمًا من أصل 327 يمارسون حياتهم الطبيعية في "نيويورك" ويتسببون في العديد من الجرائم دون رادع بحسب شرطة "نيويورك".
وبحسب إدارة الشرطة في "نيويورك" كان 327 مجرمًا مسؤولين عن 30% من 22 ألف عملية سطو في الولاية ولم يتم القبض على أي منهم حتى الآن؛ بسبب ذلك القانون، كما أنه لا يُسمح للقضاة بالنظر في العديد من حالات الاشتباه، وترتب على ذلك تراجع معنويات رجال الشرطة الذين يخاطرون بحياتهم، وزيادة النزاعات بين المواطنين، فعلى سبيل المثال، أطلق أحد سكان ولاية "كولومبيا" النار وقتل شابًا يبلغ من العمر 13 عامًا بعدما حاول ذلك الشاب اقتحام عدة سيارات في الولاية.
ويرى العديد من الخبراء أن هذا القانون الذي تم الترويج له على أنه سيساعد على تحقيق العدالة سيؤدي إلى ارتكاب المزيد من الجرائم من قبل الأشخاص، وفي هذا الإطار، خلصت دراسة أجرتها جامعة "يوتا" إلى أنه بعد تطبيق قانون الإفراج عن المتهمين في جرائم بسيطة، زاد عدد مرتكبي جرائم الشغب بنسبة 45%، بينما يرى المؤيدون لذلك القانون أن المخالفين الذين لم يرتكبوا جرائم عنف أو لديهم إعاقات ذهنية هم فقط الذين يحق لهم الاستفادة من ذلك القانون، ووجدت دراسة أخرى أن عدد حالات الإفراج عن المتهمين بارتكاب جرائم عنف جديدة قبل المحاكمة ارتفع بنسبة 32%.
ونوه التقرير إلى أن التكاليف المالية لتلك الجرائم لا تقل أهمية عن التكاليف البشرية، إذ أظهر مسح وطني للشركات الكبيرة أن تجار التجزئة سجلوا سرقات تقدر بنحو 100 مليار دولار في عام 2022، بزيادة أكثر من 26 ٪ عن العام السابق، وفي هذا الإطار، صرح "دوج ماكميلون" الرئيس التنفيذي لشركة "وول مارت" الأمريكية الخاصة للتوظيف، بأن ارتفاع سرقة المتاجر أدى إلى ارتفاع الأسعار وإغلاق بعض المتاجر خلال العام 2022.
وتطرق التقرير إلى أن تحليل التكلفة والعائد للتصدي لجرائم العنف يحتاج إلى مزيد من الاهتمام من قبل المسؤولين، خاصة أن إجمالي تكاليف الإصابات الناتجة عن إطلاق النار في "نيويورك" خلال الفترة من 2010 إلى 2020، بلغ نحو 469 مليون دولار، وفقًا لتقرير صدر في ديسمبر من كلية "جون جاي" للعدالة الجنائية.
وتابع التقرير أن 70% من تلك الأموال دُفعت من قبل دافعي الضرائب في الولايات المختلفة، وكذلك الضرائب الفيدرالية عن طريق برنامج "ميدكير"، ومن جانبه، قال باحث في جامعة "جون جاي" للسكان في المناطق الريفية إنه لا ينبغي القلق بشأن تكاليف جرائم العنف؛ لأن السكان الحضر هم من يتحملون تكلفتها.
وألمح التقرير إلى أنه من بين المشكلات الأخرى التي ترتبت على ذلك القانون أن بعض المؤيدين له يريدون قطع الدعم عن الشرطة وتقليص عدد السجناء، خاصة أن الدولة تنفق على السجين أكثر من الطالب، ويرى بعض المحللين أن هذه المقارنة غير منطقية؛ لأنها تساوي بين تكاليف حماية المجتمع وانتشار الإجرام والعنف.
وبحسب ورقة بحثية نشرتها مجلة القانون والاقتصاد بجامعة "شيكاجو" عام 2021، فإن الإنفاق السنوي على الشركة والإصلاحات بلغ نحو 250 مليار دولار، فيما ذكرت دراسة أجرها معهد "المحيط الهادئ للبحوث والتقييم" أن التكلفة السنوية للجرائم الشخصية وجرائم الملكية بلغت 2,6 تريليون دولار، ما يعني أن غياب القوانين الرادعة يحمل البلاد تكاليف كبيرة جدَّا مقارنة بالإنفاق على الجهات التي تطبق القانون.
ختامًا، أشار التقرير إلى أن الصعوبة الأكبر تكمن في حالة الخوف والتهديد التي يعيش فيها المواطنون في الولايات المتحدة؛ بسبب وجود العصابات، والسماح باستخدام السلاح في بعض المناطق؛ لذا فإن علاج الأمر ليس بتقييد الشرطة وتخفيض الدعم المقدم لها، لكن عن طريق وضع القوانين العادلة التي تحاسب مرتكبي الجرائم وتحمي حياة المواطنين.