الرئيس السيسي في واشنطن لبحث سد النهضة ومقعد بمجلس الأمن.. القمة الأمريكية الأفريقية لحل مشاكل القارة أم لوقف المد الصيني؟
تنطلق اليوم الثلاثاء، في العاصمة الأمريكية واشنطن أعمال «القمة الأمريكية الإفريقية» في البيت الأبيض، فيما تأكد حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيسة إثيوبيا، سهلي ورق زودي، بفاعليات القمة التي تضم رؤساء وقادة 49 دولة من القارة السمراء.
وتبحث القمة الأمريكية الأفريقية على مدار ٣ أيام، مستقبل العلاقات الأمريكية بدول القارة السمراء، وسط توقعات بأن تسعى القمة لاحتواء النفوذ الصيني في القارة التي من المتوقع تكون ساحة معارك النفوذ بين القوى الكبرى خلال العقود المقبلة.
احتواء النفوذ الصيني
قال الباحث الأمريكي كاميرون هدسون، المتخصص في الشؤون الافريقية، إن إدارة بايدن ستحاول إلقاء الضوء على كل شيء من الثقافة والرياضة إلى الأعمال إلى الأمن والحوكمة، إلا أن الولايات المتحدة مهتمة بـ احتواء النفوذ الصيني في افريقيا لاسيما في الأعمال التجارية، وذلك لضمان الاستقرار وتعزيز مصالحها الخاصة فيما يتعلق بتغير المناخ والطاقة.
فيما أشار السفير الأمريكى الأسبق في إثيوبيا، ديفيد شين، إلى تركيز إدارة بايدن على أفريقيا في سياساتهم الخارجية، حيث قام كبار مسؤولي إدارة بايدن بزيارات متكررة إلى إفريقيا، بالرغم أن الرئيس بايدن لم يزر القارة إلا مرة واحدة لمصر.
وأكد الدبلوماسي الأمريكي المخضرم، أن إدارة الرئيس بايدن تصب تركيزها على احتواء نفوذ القوى الأخرى في أفريقيا مثل الصين وروسيا، حيث تحرص إدارة بايدن على الإشارة إلى أنها لا تطلب من القادة الأفارقة الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، لكنها في الوقت ذاته تشير إلى المزايا التي تقدمها واشنطن، موضحا أن الغزو الروسي لأوكرانيا أعاد مخاوف الولايات المتحدة بشأن النشاط الروسي في إفريقيا، حيث نشطت مجموعة المرتزقة الروسية المعروفة باسم مجموعة فاجنر، والتي تنشط في ليبيا والسودان ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.
سد النهضة والقمة الأمريكية الأفريقية
قال السفير تيبور ناجي، مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق للشؤون الافريقية، إن الأهمية الشديدة لأزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، تفرض نفسها بقوة على أجندة القمة الامريكية – الأفريقية بواشنطن، باعتبارها أحد أهم القضايا التي تهدد الأمن والسلم في القرن الأفريقي وأفريقيا كلها.
وأكد ناجي أن لقاء بين القادة السياسيين المصريين والإثيوبيين خلال القمة سيكون أمرا رائعا، لتهدئة الأجواء الملتهبة بين القاهرة وأديس إبابا، موضحا أن أي اتفاق نهائي بين الجانبين ستحسمه المفاوضات الفنية وليست المفاوضات السياسية، لأنه إذا كان السياسيون يضعون إطارا عاما للتفاوض، فإن الفنيين والخبراء هم في النهاية أصحاب القرار في مثل هذه الأمور.
كانت السفارة الأمريكية قد أكدت - في بيان صحفي - أن مشاركة مصر في القمة ستساعد المنطقة وتعزز العلاقات الأمريكية المصرية والعلاقات الأمريكية الإفريقية، "بينما نعمل معًا لمواجهة التحديات العالمية".
وذكرت السفارة الأمريكية بالقاهرة أن المبعوث الأمريكي التقى خلال زيارته إلى القاهرة بمسؤولين حكوميين مصريين رفيعي المستوى لدفع الجهود الدبلوماسية لتسوية بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير بما يدعم الاحتياجات المائية والاقتصاد ومعيشة كل مواطني مصر والسودان وإثيوبيا.
نقلت السفارة الأمريكية عن المبعوث الخاص قوله إنه يقوم بزيارة إلى القاهرة في أول جولة رسمية له للمنطقة للاستماع إلى آراء "شركائنا المصريين بشأن القضية المهمة المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي الكبير، ولفهم احتياجات مصر المائية بشكل أفضل".
وأكد المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي مايك هامر أن الولايات المتحدة تشارك بنشاط في دعم طريق دبلوماسي للمضي قدمًا تحت رعاية الاتحاد الإفريقي للتوصل لاتفاق يوفر الاحتياجات طويلة الأجل لكل مواطن على امتداد نهر النيل.
وأوضحت السفارة أن المبعوث الخاص هامر اجتمع في وزارة الخارجية مع فريق مشترك من الجهات المسؤولة عن مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا والسودان، وكذلك في البرلمان مع كريم درويش رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب.
وأشارت إلى أنه خلال لقائهما مؤخرا، أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن للرئيس عبد الفتاح السيسي مجدداً عن دعم الولايات المتحدة للأمن المائي لمصر، وصياغة قرار دبلوماسي يحقق مصالح جميع الأطراف ويسهم في إقامة منطقة أكثر سلامًا وازدهارًا.
وذكرت أنه على مدار العقود الأربعة الماضية، قدمت الولايات المتحدة أكثر من 3.5 مليار دولار لتعزيز الأمن المائي في مصر من خلال توفير المياه النظيفة لربع سكان مصر، وتطوير خدمات معالجة المياه في القاهرة والإسكندرية، وتحديث محطة توليد الكهرباء في سد أسوان، وبناء البنية التحتية للمياه لسكان شمال سيناء.
مقعدان بمجلس الأمن والانضمام لمجموعة العشرين
فيما قالت الكاتبة إيمان حنا: إن تلك القمة التى تؤكد أن مصر العربية الشرق أوسطية الإفريقية تبقى القاسم المشترك بين المعادلات الدولية والرقم الصحيح فى كل معادلة، ففى الوقت الذى تتمدد فيه العلاقات مع الصين، تفتح مصر ومعها بقية دول القارة الإفريقية، أياديهم مرحبين بتعزيز سبل التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبالمقابل يسعى الجانب الأمريكى من خلال تلك القمة للانتقال إلى مرحلة حراك حقيقى فى العلاقات مع أفريقيا مدفوعا بقناعة أمريكية، عبرت عنها وزارة الخارجية قبيل انعقاد القمة، بأن أفريقيا ستعيد صياغة مستقبل العالم وليس الشعوب الإفريقية فقط، وستُحدث فرقًا واضحًا في مواجهة التحديات.
وأضافت حنا أن تلك القناعة التى تدفع واشنطن لاتخاذ خطوات تُبدى من خلالها عزمًا حقيقيًا على خلق أفق أرحب للشراكة بين الطرفين، ووضع رؤية جديدة لمستقبل العلاقات مع القارة السمراء أكثر نضجًا ومواءمة لواقع الأزمات الذى يعيشه العالم، وما يفرضه ذلك من إعادة ترتيت أولويات الشراكة خاصة فيما يتعلق بالتجارة والاستثمار، ولا يقتصر التعاون على الحكومات فقط بل يتسع ليشمل القطاع الخاص والمجتمع المدني.
وأشارت الكاتبة المصرية إلى أنه فى إطار إبداء حسن النوايا أيضًا من قبل الجانب الأمريكى تجاه القارة السمراء سيطالب الرئيس جو بايدن خلال أعمال القمة، الممتدة لثلاثة أيام، بانضمام الاتحاد الإفريقي إلى مجموعة العشرين، وربما يقود هذا للنظر فى تلبية مقترحات إفريقية أخرى مثل تلك التى تتعلق بعدالة النظام الدولى، وتمثيل القارة السمراء فى مجلس الأمن بمقعدين دائمين، وهو المطلب الذى عارضته الولايات المتحدة الأمريكية فى السابق.