قادة العالم يتوافدون على مقر انعقاد قمة المناخ بشرم الشيخ
يتوافدقادة العالم اعتبارا من اليوم الإثنين 7 نوفمبر إلى مؤتمر الأطراف حول المناخ كوب27 في شرم الشيخ.
يأتي هذا فيما تتصاعد الآمال بتعزيز قادة العالم لتعهداتهم المناخية إزاء الاحترار الآخذ بالارتفاع وتوفير دعم مالي للدول الفقيرة الأكثر تضررا من التغير المناخي.
وافتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي المؤتمر الذي سيمتد لأسبوعين اليوم، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وسيمون ستيل الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
رؤساء دول وحكومات بالمؤتمر
ويقام حفل الافتتاح في المنطقة الزرقاء وتعقد ثلاث موائد مستديرة رفيعة المستوى اليوم وثلاث أخرى غداً على أن تختتم قمة الزعماء مساء الغد لتنطلق فعاليات الأيام الموضوعية لـ"cop27" اعتباراً من بعد غد الأربعاء.
ومن المقرر أن تبدأ الجلسة الافتتاحية الرسمية للمؤتمر بعد الساعة الثانية عشرة ظهرا بتوقيت القاهرة، وسيحضرها رؤساء الدول والحكومات من جميع أنحاء العالم، وفقا لجدول أعمال المؤتمر.
ويلقي قادة العالم كلمات افتتاحية في المؤتمر اليوم ومنها كلمة لرئيس مؤتمر COP27، وزير الخارجية المصري سامح شكري، حيث تجرى الجلسة الأولى رفيعة المستوى في الساعة 2:30 بعد الظهر بتوقيت القاهرة، والتي ستشهد كلمات لقادة الدول حتى الساعة السادسة والنصف مساء.
ومن بين المتحدثين عدد من القادة العرب، منهم الملك عبدالله الثاني عاهل الأردن، والرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون؛ بجانب العديد من القادة الأوروبيين منهم المستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته.
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، بجانب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي يزور مصر للمرة الأولى منذ 4 سنوات.
وسيقوم نحو 110 من قادة الدول والحكومات بمداخلات الإثنين والثلاثاء أمام المندوبين المجتمعين في شرم الشيخ في إطار كوب27.
أزمات متعددة
تأتي هذه المداخلات على خلفية أزمات متعددة مترابطة تهز العالم وهي الحرب الروسية الأوكرانية والتضخم الجامح وخطر وقوع ركود وأزمة الطاقة مع تجدد الدعم لمصادر الطاقة الأحفورية وأزمة الغذاء، في حين سيتجاوز عدد سكان العالم ثمانية مليارات نسمة.
وهذه "الأزمة المتعددة الجوانب" قد تدفع بأزمة التغير المناخي إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات، رغم أن تداعياتها المدمرة تجلت كثيرا عام 2022 مع فيضانات قاتلة وموجات قيظ وجفاف عاثت فسادا بالمحاصيل.
وفي هذا الإطار قال سايمن ستييل مسؤول المناخ في الأمم المتحدة "كل الأزمات مهمة لكن ما من أزمة لها تداعيات كبيرة" مثل الاحترار المناخي الذي ستُواصل عواقبه المدمرة "التفاقم".
إلا أن الدول لا تزال متّهمة بالتقصير فيما ينبغي عليها فعله لمكافحة الاحترار.
في هذا الإطار، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين على هامش المؤتمر في شرم الشيخ إنه يريد "ممارسة الضغوط" على "الدول الغنية غير الأوروبية" ولاسيما الولايات المتحدة الصين، لتدفع "حصتها" في مساعدة الدول الفقيرة على مواجهة التغير المناخي.
وأوضح ماكرون خلال لقاء مع شباب من إفريقيا وفرنسا "يجب أن نحمل الولايات المتحدة والصين لتكونا على الموعد فعلا" في مجال خفض انبعاثات غازات الدفيئة والتضامن المالي.
وينبغي أن تنخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45% بحلول عام 2030 لتكون هناك فرصة لتحقيق أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ المبرم العام 2015 طموحا، ويقضي بحصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية.
لكن التعهدات الحالية للدول الموقعة حتى لو احترمت في نهاية المطاف ستؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة تراوح بين 5 و10% ما يضع العالم على مسار تصاعدي قدره 2,4 درجة مئوية في أفضل الحالات بحلول نهاية القرن الحالي.
غير أنّه مع السياسات المتّبعة راهنا، يُتوقّع أن يبلغ الاحترار 2,8 درجة مئوية وهو أمر كارثي، على ما تفيد الأمم المتحدة.
وفي مؤشر إلى "التراجع" الذي يخشاه كثيرون، وحدها 29 دولة رفعت إلى كوب 2021 خططا بزيادة تعهداتها بخفض الانبعاثات رغم أنها أقرت "ميثاقا" يدعوها إلى القيام بذلك.
وستكون الإعلانات المحتملة حول خفض إضافي للانبعاثات موضع ترقب كبير في شرم الشيخ.
كما يترقّب العالم باهتمام الإعلانات المتعلّقة بالمساعدات إلى الدول الفقيرة وهي عادة أكثر البلدان عرضة لتداعيات الاحترار المناخي، حتى لو أنّ مسؤوليّتها فيها محدودة، إذ إنّ انبعاثاتها من غازات الدفيئة قليلة جدا.
وفي بادرة يأمل كثير من الناشطين ألا تكون رمزية فقط، قرر المندوبون إلى كوب27 أمس الأحد، للمرة الأولى إدراج مسألة تمويل الأضرار الناجمة من الاحترار على جدول الأعمال الرسمي للمؤتمر.
وتُقدّر هذه الأضرار بعشرات المليارات منذ الآن، ويُتوقّع أن تستمر بالارتفاع الكبير، فالفيضانات الأخيرة التي غمرت ثلث باكستان تسبّبت وحدها بأضرار قُدّرت بأكثر من 30 مليارا.
وتُطالب الدول الضعيفة إزاء هذه التداعيات بآليّة تمويل خاصّة، إلّا أنّ الدول الغنية تتحفّظ على ذلك، إذ تخشى أن تحمل المسؤولية رسميًا وتُفيد بأنّ نظام تمويل المناخ معقّد كفاية بحالته الراهنة.
غياب الرئيس الصيني
ويجرى المؤتمر في غياب طرفَين رئيسيين. إذ يغيب الرئيس الصيني شي جين بينج عن كوب27، في حين أنّ نظيره الأمريكي جو بادين المنشغل بانتخابات منتصف الولاية الثلاثاء، سيمرّ على شرم الشيخ سريعًا في 11 نوفمبر.
بيد أنّ التعاون حيوي بين البلدين اللذين يُصدران أعلى مستوى من انبعاثات غازات الدفيئة، وتشهد علاقاتهما توتّرًا شديدًا. لكن قد يلتقي شي وبايدن في بالي في الأسبوع التالي، على هامش قمّة مجموعة العشرين.
مسيرة شاقة
يشار إلى أن "COP21" في باريس عام 2015، شهد الاتفاق على حشد إجراءات مناخية أقوى وأكثر طموحًا من قبل جميع الأطراف وأصحاب المصلحة من غير الأطراف أمر مطلوب بشكل عاجل لتحقيق أهداف اتفاق باريس.
ويعد مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والذي ينعقد سنوياً أكبر مؤتمر سنوي للأمم المتحدة، ويحضره في المتوسط حوالي 25 ألف مشارك.
و يعقد "cop27" تحت شعار "معاً نحو التنفيذ لتحقيق نتائج عادلة وطموحة"، سعياً لاتخاذ إجراءات حاسمة للحد بشكل عاجل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وبناء القدرة على الصمود والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ، وصولًا إلى الوفاء بالتزامات تمويل العمل المناخي في البلدان النامية.
وتأتي أهمية هذه الدورة من قمة المناخ بعد أن رجح العلماء ارتفاع درجة حرارة الأرض بزيادة من 1.5 - 2 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل العصر الصناعي 1880، مؤكدين أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى زيادة لمستوى سطح البحر بسبب زيادة ذوبان الجليد في القطبين.
وبدأت مسيرة المفاوضات الدولية لمكافحة التغير المناخي في قمة الأرض التي عقدت في ريو دي جانيرو عام 1992، وأعقبها الدروة الأولى لقمة المناخ "cop1" في برلين عام 1995.
وفي عام 2021، أسفرت قمة "cop26" التي عقدت في غلاسكو عن وضع اللمسات النهائية على قواعد تطبيق اتفاق باريس التي تعمل بشكل أساسي على مواجهة انبعاثات الغازات الدفيئة وكيفية إيجاد الحلول للتكيف معها والتخفيف من حدة ضررها على البيئة والنظر بجدية للآثار الواضحة للتغيرات المناخية، والحد من ارتفاع درجات الحرارة لأقل من درجتين مئويتين.
وأكدت جمهورية مصر العربية سعيها لأن يكون مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "cop27"، نقطة تحول في مواجهة التحديات الاقتصادية والتغير المناخي محلياً وعالمياً من خلال ضمان مشاركة جميع الأطراف الخارجية والمحلية ذات الصلة، وأن مواجهة تحديات التغير المناخي هي قلب عملية التنمية المستدامة.