ذا كونفرزيشن: كينيا وجنوب إفريقيا نموذجان لتحديات وفرص الاقتصاد الرقمي في إفريقيا
• تفاؤل بشأن إمكانات نمو الاقتصادات الإفريقية بخاصة في مجال الاقتصاد الرقمي؛ الذي أصبح بحسب العديد من المراقبين محركًا مهمًّا للنمو طويل الأجل في إفريقيا.
• جاء التحول من الفشل إلى النجاح في مجال التكنولوجيا في إفريقيا؛ نتيجة تغير الأجندة من المنافسة العالمية إلى تجنب المنافسة العالمية، ومن تلبية المعايير العالمية إلى التركيز على المهارات والموارد المحلية.
• الاقتصاد الرقمي يمكنه دفع النمو الاقتصادي لإفريقيا من خلال توسيع شبكات الأعمال الإقليمية والمجتمعات المحلية، وجعلها أكثر مرونة في مواجهة التهديدات الاقتصادية العالمية.
نشرت صحيفة "ذا كونفرزيشن" تقريراً تناول تحذيرات البنك الدولي من انكماش الاقتصاد العالمي، ودور "الاقتصاد الرقمي" في إنقاذ إفريقيا جنوب الصحراء من التحديات الاقتصادية في المرحلة المقبلة؛ فقد حذر البنك الدولي من الخطر الحقيقي المتمثل في حدوث انكماش اقتصادي هائل في جميع أنحاء العالم، ونبه خلال تحليل حديث له من أن العديد من البلدان - بما في ذلك تلك الواقعة في إفريقيا جنوب الصحراء - ستواجه تحديات اقتصادية؛ بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود.
في الوقت نفسه، فإن هناك تفاؤلًا حول إمكانات نمو الاقتصادات الإفريقية ككل، وعلى وجه التحديد الاقتصاد الرقمي، ويبدو أن الارتفاع السريع في المراكز التقنية والشركات الناشئة في المناطق الحضرية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في السنوات الأخيرة يدعم ذلك.
لذلك، حدد العديد من المراقبين الاقتصاد الرقمي باعتباره محركًا مهمًا للنمو طويل الأجل في إفريقيا على الرغم من التحديات العالمية الحالية.
ففي بدايات القرن الحادي والعشرين ظهرت آمال واعدة بتطور "الاتصال الرقمي" في إفريقيا، إلا أنه سرعان ما لاحظ العديد من العلماء أن قدرة الشركات الإفريقية على النجاح في الأسواق العالمية كانت محدودة، ورغم الإمكانات الكبيرة في البداية عانت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا من نقص التمويل، واضطر العديد من المراكز التقنية إلى الإغلاق بسبب الإفلاس.
وبتحليل حالتي كينيا وجنوب إفريقيا، اتضح أن محاولة محاكاة النماذج العالمية للنجاح، وتلبية المعايير العالمية غالبًا لا يتناسب مع الواقع المحلي، فالاعتقاد السائد بأن البنية التحتية المناسبة أهم عامل لكي ينمو الاقتصاد الرقمي ويخلق فرص العمل، ليس صحيحًا؛ فالدخول إلى الأعمال الرقمية أمر سهل، إلا أنه من الصعب المنافسة فيها - خاصة على المسرح العالمي، وللفوز بعقود مع العملاء في أعمال رقمية عالية الجودة، يجب أن تكون قابلاً للتطوير، ولتحقيق النجاح على نطاق واسع، تحتاج أيضًا إلى أن تكون قادرًا على المنافسة من حيث التكلفة وأن تكتسب سمعة قوية.
من هنا، تغيرت الأجندة من المنافسة العالمية إلى تجنب المنافسة العالمية، ومن تلبية المعايير العالمية إلى التركيز على المهارات والموارد المحددة محليًّا.
واتجهت الدولتان إلى الاستثمار في قطاعات الأعمال المتخصصة؛ فركزت الشركات الكينية على العملاء المحليين والإقليميين، بدلاً من محاولة التنافس من أجل العملاء من أوروبا وأمريكا الشمالية. وفي حالة جنوب إفريقيا، تنوعت خدمات الأعمال التجارية بشكل متزايد إلى مجالات أكثر تخصصًا، مثل الاستعانة بمصادر خارجية للعمليات القانونية؛ لتقليل الضغط التنافسي العالمي.
وقد عزز كلا الاقتصادين أيضًا ما يسمى بمصادر التأثير، والتي تركز على توظيف وتدريب الشباب المحرومين في الأحياء الفقيرة والمناطق الريفية، والجمع بين فرص العمل والتأثير المجتمعي.
وتشترك هذه الاستراتيجيات المتخصصة في أنها أقل عرضة للمنافسة العالمية، وأنها تعتمد على الموارد المحلية.
وتظهر الأبحاث أنه في حين أن مراكز التكنولوجيا الإفريقية غالبًا ما "تفشل" في توسيع نطاق الأعمال بالمعنى الغربي، إلا أنها فعالة جدًّا في توفير فرص النمو الفردية، وفي توسيع وتعميق الروابط المجتمعية.
وأخيرًا فقد تكون التقارير الأخيرة محقة في أن الاقتصاد الرقمي يحمل الكثير من الإمكانات في مساعدة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على التغلب على التحديات الاقتصادية الحالية لتحقيق النمو المستدام. ولكن ربما لا يكون السبب هو أن الاقتصاد الرقمي يمكنه فقط دفع النمو الاقتصادي بالمعنى التقليدي، ولكن لأنه يمكن أن يوسع شبكات الأعمال الإقليمية والمجتمعات المحلية، ويجعلها أكثر مرونة في مواجهة التهديدات الاقتصادية العالمية.