ثلاثة يدعون الله، فلا يُستجاب لهم
بينما أقرأ في فضل الدعاء لأعرف ديني في رمضان اصطدمت بحديث ثلاثة يدعون الله، فلا يُستجاب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجلٍ مال فلم يشهد عليه، ورجل أعطى سفيهاً ماله.
فأما عن عدم قبول دعاء الزوج الذي يُبقي على امرأة سيئة فلأنه يُعذب نفسه بمعاشرتها وربما ينعكس ذلك على أولاده وعمله وتعامله مع الناس، وأما الثاني فلم يمتثل قوله تعالى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ) وكثيراً ما تحدث خلافات تصل إلى حد القطيعة والعراك وقطع الأرحام نتيجة لغياب سند او توثيق الدين أو القرض، وأما الثالث فقد ضيّع ماله ولم يمتثل قوله تعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ) ووقع في التبذير والإسراف..
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا المعنى وصحة الحديث، بينما لم يتقبله البعض الآخر؛ فقد قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن زوجتي لا ترد يد لامس، ومعناها تسلم على الرجال وتتساهل في تعاملهم وتمزح معهم كما يحدث بكثرة الآن وربما اعتاده الناس، فنصحه الرسول بأن يطلقها، فقال له الرجل: أخاف أن تتبعها نفسي ومعناها أن الرجل يحبها ولا يستطيع فراقها، فعدل الرسول عن قوله ونصحه بأن يمسك عليها ويتمسك بها..
لاحظ هنا تغير الفتوى من الرسول صلى الله عليه وسلم في الحال وبناء على الحال، فلا تصدر الفتوى بناء على قناعة النبي أو الفقيه، ولا تُفتي الناس بقناعتك أنت، ولا تُقدم لهم مشورةً بناء على ما تراهُ صحيحاً أنت، بل تكون الفتوى وتقديم المشورة والنصيحة بدراسة كل حالة بمفردها، فالرجل الذي يصبر على امرأة متساهلة في تعاملها مع الرجال لا يعني ذلك أن المرأة تأتي الفاحشة، ولا يعني أنها خالية من المزايا الأخرى، وربما يثق فيها الرجل وقد يكون له منها أولاد يخاف عليهم من تفكك الأسرة، وربما كان فقيراً لا يستطيع أن يعف نفسه ويتزوج من أخرى، وربما كانت شخصيته ضعيفة لا يستطيع أن يتخذ قرار الطلاق...
وهكذا يبقى للإسلام الذي يجهله العلمانيون ويتاجر به بعض الكتاب والصحفيون خالداً ليوم القيامة، صالحاً ليس لكل زمان ومكان فحسب، وإنما صالحاً ومُعالجاً لكل حالة شخصية على حده تستدعي أن نعيد إسلامنا من جديد...
د. صابر حارص