أسامة شرشر يكتب: مبادرة مصرية .. إنشاء قوة عسكرية إفريقية
من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ومن على منصة الاتحاد الإفريقى الذى ترأسته مصر وقاده الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الفترة الماضية فى كل المحافل نحو تحقيق كل ما فيه مصلحة القارة السمراء وخير شعوبها- جاءت دعوة مصر فى قمة عنوانها «إسكات صوت البنادق»، عبر الرئيس السيسى، لعقد قمة تناقش إنشاء قوة عسكرية إفريقية لمواجهة الإرهاب والتى تعدُّ أملًا وطوق نجاة لقارة ينتشر فيها الإرهاب من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها.
دعوة الرئيس السيسى لم تأتِ من فراغ، خاصة أنه سبقها منذ سنوات اقتراح- مصرى أيضًا- لإنشاء قوة عسكرية عربية لمواجهة الإرهاب، وهى القوة التى لم تر النور حتى الآن لأسباب متعددة أبرزها حال عدد كبير من الدول العربية غارقة فى صراعاتها وثورات ربيعها الذى انقلب خريفًا.
أعتقد أن اقتراح الرئيس السيسى بإنشاء قوة عسكرية إفريقية مشتركة من خلال قمة بهذا الحجم فى هذا التوقيت يعطى دلالة واضحة على أن مصر أصبحت لاعبًا رئيسيًّا فى إفريقيا التى تمثل البعد الإقليمى والاستراتيجى الحقيقى لمصر، ولهذا فإنه مع السعى للقضاء على الحروب الأهلية عبر مبادرة «إسكات صوت البنادق» سيكون مهمًّا بل ضروريًّا مبادرة مماثلة فى مواجهة الجماعات الإرهابية فى إفريقيا؛ حتى يؤتى حل النزاعات والخلافات الإفريقية ثماره؛ فالإرهاب أخطر على مسيرة التنمية من الحروب الأهلية ذاتها، وهذه الدعوة المصرية ستكون محل اهتمام وتقدير كبيرين من الدول الإفريقية، أعضاء الاتحاد الإفريقى، التى يبلغ عددها 54 دولة، وخاصة بعد قرارات القمة التى عقدت فى أديس أبابا، وأعلنت بقوة رفض أى تدخل خارجى فى الشأن الليبى، وترك الأمر لأبناء القارة لحله بعد أن جرى استبعادهم عمدًا للانفراد بمصير ليبيا لصالح قوى خارجية غير إفريقية، فمن المهم فى هذه الأوضاع المضطربة محاصرة الإرهاب الأسود فى الساحل الإفريقى سواء شرقًا فى الصومال أو غربًا فى نيجيريا، بعد أن أصبح الإرهاب الأسود ظاهرة عالمية تهدد الجميع.
فمصر فى فترة رئاستها الاتحاد الإفريقى خلال الفترة الماضية أصبحت قاسمًا مشتركًا فى كل المبادرات والحلول اقتصادية كانت أو سياسية أو دبلوماسية، وعمليات الربط الثقافى والاقتصادى مع كل دول العالم من خلال تحسين البنية الاقتصادية وخلق فرص عمل حقيقية وتمكين الشباب والاهتمام بشكل خاص جدًّا بالمرأة الإفريقية ودور مصر الفاعل فى إعادة رسم خريطة جديدة لإفريقيا يكون المواطن هو القاسم المشترك وتحسين مستوى معيشته- هى الغاية الأولى لها.
واعتقادى بل يقينى أن وجود قوة إفريقية لمكافحة الإرهاب كفيل بأن يغير وجه القارة السمراء تمامًا، فالجماعات الإرهابية عطلت مخططات التنمية فى معظم دول القارة، ووجود مثل هذه القوة سيكون درعًا وسيفًا لإحباط مخططات الإرهاب، ويجعل القارة السمراء غير مستباحة وقادرة على مواجهة التدخل الخارجى فى شئونها.
كما أن الاستقرار الأمنى سيكون حجر الزاوية الذى تُبنى عليه أى تنمية اقتصادية، فدول القارة السمراء ما زالت بكرًا بمواردها، ومتوسط أعمار سكانها من الشباب الطامح للتغيير يوفر له بيئة آمنة للعمل والبناء والتقدم.
وأظن أن الدول الغربية ستكون حريصة على دعم وجود مثل هذه القوة، لأن استقرار الدول الإفريقية سيحميها من طوفان لا يمكن صده من الهجرات غير الشرعية. لقد آن الأوان من أجل افريقيا جديدة قوية خالية من الإرهاب والعنف بعد أن أسكت صوت البنادق والمتفجرات صوت التنمية لعقود طويلة قُتل خلالها ملايين الأبرياء من أبناء القرية الأقدم فى العالم.