النقيب محمود فارس.. قصة شهيد ضحى من أجل الوطن بعد زواجه بـ 20 يوما
يحفل تاريخ مصر بالتضحيات والبطولات المجيدة الذي سطرها أبناؤها وجنودها علي مر التاريخ وفي مختلف الأزمان، وشهدت بلادنا خلال الفترة الأخيرة كثيرا من التضحيات والفداء من خيرة أبنائها لمحاربة الإرهاب والتطرف وللحفاظ علي سلامة الوطن ورفعة أراضيه.
ومن بين هؤلاء الشهيد النقيب محمود صلاح فارس الضابط بالجيش المصري والذي كان ينتمي لقوات العمليات الخاصة الموجودة في منطقة الشيخ زويد لمحاربة الإرهاب والتطرف والذي استشهد بعد زواجه بعشرين يوما، والذي اشتهر بين رفاقه وقيادته بشجاعته وقوته في مواجهة التكفيريين، حيث أطلق عليه قياداته فارس الشيخ زويد، ذلك الشهيد الذي أجمع كل أبناء قريته ورفاقه علي حسن خلقه وتواضعه وحسن معاملته مع أي شخص يلجأ إليه في أي وقت، فقد كان عونا وسندا لجميع من حوله.
والتقى "صدي البلد" مع أسرة الشهيد، حيث تحدث الينا والده الحاج صلاح فارس صاخب ال63 عاما قائلا: "الحمد لله على كل حال محمود شرفني وشرف أهله وإخواته وأنا عايش علي سيرته العطرة وعلي حكاياته البطولية اللي بتتحكي عنه دلوقتي، لكن استشهاد محمود كان ضربة قوية ليا جدا لأنه كان ابني وأخويا وصاحب فرحتنا في البيت".
وأكمل حديثه قائلا: "محمود له أخت أكبر منه طبيبه وشقيقه محمد أصغر منه بالثانوية العامة وكانوا يعتبرون محمود هو أبيهم، كنا ننتظر جميعا يوم إجازته كأنه عيد، وكانت والدته تجهز له كل الطعام الذي يحبه قبل حضوره للمنزل، واقف أنتظره في شرفة المنزل حتي أراه قادما إلي المنزل فكانت روحي تهدأ في مكانها لاني كنت خايف جدا عليه".
وأضاف والدموع تتساقط من عينيه: "محمود حبيبي تزوج يوم 23/9/2016، واستشهد يوم 16/10/2016 لم يكمل شهر مع عروسته، فبعد زواجه بأسبوعين سمعنا عن اشتباكات حادة بين القوات المسلحة والتكفيريين بمنطقة الشيخ زويد وهي المنطقة التي يعمل بها الشهيد فقررنا عدم إخباره بذلك حتي تنتهي إجازته ولكننا فوجئنا به ينزل من شقته إلينا والغضب يملأ وجهه ويخبرنا بقيام اشتباكات حادة مع أفراد كتيبته وأن مجندا يخدم معه استشهد وأنه سوف يسافر اليوم".
وتابع: "بدأنا أنا ووالدته وأشقاوه في محاولة إقناعه بعدم السفر ولكنه لم يلتفت لكلامنا وظل يرتب حقيبته وقبل مغادرته اتصل بالقائد ليخبره أنه سوف يصل لهم في الصباح ولكن قائده لم يقبل الفكرة وظل يحاول إقناعه بعدم السفر إلا بعد انتهاء إجازته ولكنه رفض كل المحاولات وأقسم أنه سوف يذهب لمساندة رفاقه في حربهم".
واستطرد: "سافر وبعد يومين فوجئت باتصال تليفوني يخبرني باستشهاده بعد تمكنه من قتل 9 تكفيريين أثناء مداهمة كان يقودها ولكن التكفيريين ضربوه غدرا من ظهره، واستشهد فارس الشيخ زويد ليروي بدمائه العطرة الذكية رمال سيناء التي حلم كثيرا أن يموت مدافعا عنها وأن يمتزج دماؤه برمالها التي ارتوت بدماء الشهداء من رفاقه من قبل، حيث كانت كلمته الشهيرة بين رفاقه "سيناء للرجال" وكان دائما يتمنى الثأر لأصدقائه الذين استشهدوا قبله ليوفي بوعده مع أسرهم الذين وعدهم بأنه سوف يأخذ بحقهم ولو كلفه هذا الأمر حياته.
واختتم حديثه قائلا: "مع استشهاده انطفأت انوار منزلنا وأصبحنا نعيش بالدنيا لأن مازال لنا أجل فقط ولكن لا نشعر للدنيا بأي طعم، ولكن هذا قدر الله وأنا راضي به تماما ويكفيني أن نجلي سيشفع لنا يوم الحساب بقدر مرارة فراقه في الدنيا ولكن الله سيجمعنا به في الآخرة في مستقر رحمته".