النهار
الأربعاء 23 أكتوبر 2024 01:22 صـ 19 ربيع آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

اقتصاد

التراجع عن تطبيق الضرائب الرأسمالية يفضح تخبط الحكومة

حالة من الجدل والتخبط سادت بين الأوساط الاقتصادية عقب القرار الذي أصدره مجلس الوزراء بوقف وتجميد العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة عامين مع الإبقاء في الوقت ذاته على ضريبة التوزيعات النقدية بهدف الحفاظ على تنافسية سوق المال .

وتباينت آراء خبراء أسواق المال حول هذا القرار ما بين مؤيد ومعارض لهذا القرار، إذ رأي البعض أن القرار جاء في الوقت المناسب خاصة في ظل حالة عدم الأستقرار التي شهدتها البورصة المصرية خلال الفترة الأخيرة ما بين هبوط وصعود لمؤشرات التداول أدت لإلحاق البورصة بخسائر فادحة، في حين اعترض البعض على القرار مؤكدين أن إصدار الحكومة لقرارات بفرض مثل هذه الضريبة منذ يوليو العام الماضي ووضع قوانين لها ومن ثم تجميدها بدون أي مقدمات يؤكد غياب الشفافية في القرارات الحكومية خاصة وأن هذا الأمر يحقق نوعاً من غياب العدالة الاجتماعية.

وحول هذه القضية قررت " النهار" رصد آراء خبراء أسواق المال حولها لمعرفة حجم الفوائد والأضرار من هذا القرار المفاجئ وما هي الآثار التي ترتبت عليه بعد مرور أسبوع على إصداره.

في البداية أكد محسن عادل ، خبير أسواق المال ونائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، أن إرجاء العمل بالضريبة لرأسمالية على البورصة قرار صائب ، إذ إن فرضه من البداية خاطئ وهذا الأمر اتضح بشكل كبير في الخسائر الفادحة التي لحقت بالبورصة خلال الفترة الماضية الامر الذي أثر بالسلب على تعاملاتها والقيمة السوقية للأسهم.

وأوضح عادل أن البورصة المصرية تعاني من إشكالية انخفاض عدد الشركات المقيدة بها والتي يبلغ عددها 250 شركة، ومن ثم فإن تطبيق هذه الضريبة كان سيقلل من حجم الشركات المقيدة أكثر مما هي عليه وهذا الأمر لم يكن سيتناسب مع حجم السوق المصري خاصة في ظل رغبة الكثير من شركات الاستثمار في السوق المصير خاصة بعد انعقاد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي.

وأضاف عادل أن قرار تجميد العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية سيكون له دور إيجابي في جذب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية خلال الفترة المقبلة كما سينعش حركة تعاملات البورصة وتداول أسهمها كما سيزيد من عدد الشركات المقيدة لها.

وأيده في الرأي عادل عبد الفتاح، خبير أسواق المال ورئيس شركة "ثمار" لتداول الأوراق المالية،قائلاً إن قرار تجميد العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية جاء في التوقيت المناسب ومن شأنه الحفاظ على حجم الاستثمارات بالسوق المصري بل وزيادتها خلال الفترة المقبلة كما سيحافظ أيضاً على تنافسية سوق المال المصري.

وأضاف عبد الفتاح أن إلغاء الضريبة الرأسمالية لمدة عامين سيؤدي لوقف نزيف خسائر البورصة المصرية والتي تراوحت ما بين 40 إلى 60 مليار جنيه منذ إقرارها يوليو الماضي، لافتاً إلى أن من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها حكومة المهندس إبراهيم محلب وبالأخص وزير المالية هاني قدري دميان هو إقرار الضريبة الرأسمالية دون إجراء حوار مجتمعي لمعرفة مدى تأثير ذلك على الاقتصاد المصري ومناخ الاستثمار.

وتابع عبد الفتاح حديثه لـ" النهار" قائلاً:" إن هذا الأمر هو ما دفع الحكومة لإرجاء العمل بالضريبة الرأسمالية لمدة عامين لإعطاء لفرصة للمستثمرين من جنى الأرباح لمدة عامين ومن ثم ليكون تطبيق الضريبة بعد ذلك أمرا مقبولا ويحق للمستثمر الدخول في مخاطرة البورصة أو التخارج من سوق تداولات الأسهم بها".

في حين يرى مصطفى بدرة ، خبير أسواق المال، أن قرار الحكومة بتجميد فرض اتفاقية الأرباح الرأسمالية هدفها هو تشجيع البورصة ، كما سيساهم فى تشجيع رجال الأعمال والمستثمرين على استثمار أموالهم في البورصة وتنفيذ الكثير من المشاريع التنموية والاستثمارية في السوق المصري، موضحاً أن هذا القرار قد جاء متأخراً كثيراً خاصة أن الضريبة الرأسمالية جعلت مصر ثالث أسوأ بورصة في العالم، وكان من المفترض اتخاذ هذا القرار منذ عدة أشهر، إذ إن تأجيل الضريبة  انعكس بالإيجاب على سوق المال حيث أدى  القرار لزيادة السيولة  وحجم التداولات  بالبورصة، إذ بلغ إجمالى قيمة التداول خلال الأسبوع الماضي ما يقرب من 5.4 مليار جنيه.

وأضاف بدرة أن تراجع الحكومة عن قرارها يؤكد أنها تضع مصلحة سوق المال على رأس أولويات أهتمامها خاصة وأنه باتت على دراية أن هذه الضريبة هي السبب وراء سلسلة الخسائر التي لحقت بمؤشرات البورصة خلال العشرة أشهر الماضية، متوقعاً أن يجني رأس المال السوقي أرباحاً قد تتعدي الـ30 مليار جنيه خلال الأيام القليلة المقبلة كما أنه من المتوقع أن ترتفع رؤوس أموال الشركات المدرجة بالبورصة.

وأوضح بدرة أن وزير المالية عندما أقر ضريبة الأرباح الرأسمالية لم يكن يضع في اعتباره الآثار السلبية لهذا القرار والتي كانت تضع البورصة على حافة الهاوية ، إلا أن تراجع الحكومة جاء في الوقت المناسب لمعالجة هذا الخطأ الجسيم الذي كان يهدد دعم مناخ الاستثمار في مصر.

 في حين عارضه في الرأي الدكتور محمد عبد الحليم عمر، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر ورئيس مركز صالح للاقتصاد الإسلامي،قائلاً إن إرجاء العمل بالضريبة الرأسمالية يكشف عدم مصداقية الحكومة في قراراتها موضحاً في الوقت ذاته أن هذا الأمر سيقلل من حجم الحصيلة الضريبية للدولة خاصة وأن تطبيق مثل هذه الضريبة كان سيوفر للدولة سنوياً قرابة العشرة مليارات جنيه، ومن ثم فإن إلغاء الضريبة الرأسمالية سيحمل الدولة خسائر بالمليارات كان بإمكانها أن تجنيها من فرضها وتقوم بسداد التزاماتها الخارجية.

وأوضح عبد الحليم أن تراجع الحكومة عن قرارها بفرض ضريبة الارباح الرأسمالية يؤكد أن المستثمرين نجحوا في تحقيق أهدافهم دون مراعاة للظروف الاقتصادية للبلد، في ظل تفاقم عجز الموازنة العامة، وهذا الأمر يؤكد أن المستثمر أصبح بيده صنع أي قرار والضغط على الحكومة بأساليبه الخاصة.

وأيده في الرأي الدكتور فرج عبد الفتاح، أستاذ الأقتصاد بجامعة القاهرة، قائلاً إن الحكومة كانت قد اتخذت عدة قرارات إقتصادية ذات بعد تنموي بهدف تقليل العجز في الميزانية وعلى رأس هذه القرارات فرض الضريبة الراسمالية ومن ثم فإن تراجعها عن تطبيقها لمدة عامين سيقلل من حجم موارد الدولة.

وأوضح فرج أن تراجع حكومة المهندس إبراهيم محلب عن تطبيق الضريبة الراسمالية يعيد ما حدث من قبل عام 2011 عندما تراجع وزير المالية الأسبق سمير رضوان عن تطبيقه أيضاً بحجة الحفاظ على البورصة من الانهيار والحقيقة أن الحكومة لا تمتلك أي دراية اقتصادية وتفتقد الوعي التنموي الاقتصادي، وهذا يؤكد فضل وزراء الحقائب الأقتصادية في إدارة الملف الأقتصادي للبلاد إذ بإمكانهم جنى المزيد من الأرباح من شأنه تقليل عجز الموازنه العامة للدولة وتقليل حجم الدين العام للدولة.